تمكن إلى حد الساعة أربعة عشر ناديا من إيداع ملف الإحتراف الذي سيطبق في الجزائر بداية من هذا الموسم وذلك قبل أسبوع من نهاية المدة التي حددتها الرابطة لإيداع الملفات ومنذ إعلان الإتحادية الجزائرية عن مشروع الإحتراف الذي سيطبق بداية من هذا الموسم وحالة من الإستنفار تسود النوادي الجزائرية التي لم تفهم إلى حد الآن معنى الإحتراف الحقيقي وكيفية تطبيقه على أرض الواقع حيث تبادر إلى ذهن المسييرين أن الإحتراف هو التحول بشكل حتمي إلى شركة تجارية بجميع وظائفها مثل التصدير والإستيراد وحتى حيازة دفتر تجاري، كما أن الإشكال الحالي يقع حول التحول القانوني للفريق من فريق هاو إلى محترف، خاصة أن أغلب النوادي في الجزائر كانت في قانونها الأساسي عبارة عن أندية هاوية وجمعيات رياضية إلا أنها وجدت نفسها مجبرة على التحول إلى نوادي احترافية في هياكلها وقاعدتها لأن النادي المحترف لا يكون على الورق فقط، بل القواعد والأسس الهيكلية مثل المنشآت والرياضية وكذلك احترام دفتر الشروط الذي أعدته الإتحادية للفرق التي ستدخل عالم الإحتراف. دفتر الشروط لا يتوافق مع إمكانات النوادي الجزائرية كما أصدرت الإتحادية الجزائرية دفتر شروط للأندية حتى تجعله معيارا للأندية التي ستلج عالم الإحتراف وواجب احترامه وهو عبارة عن مجموعة من القوانين والمعايير التي حددتها الاتحادية للفرق الجزائرية والتي ستعتمد عليها في التحول من الصيغة الأولى للأندية الهاوية إلى أندية محترفة وستنطلق في الجزائر أول بطولة احترافية، لكن المتمعن جيدا في هذا الدفتر يدرك أن تطبيقه على الواقع أمر مستحيل ولا يتماشى مع ما تعيشه الكرة الجزائرية على جميع الأصعدة، سواء من حيث المنشآت الرياضية القاعدية حيث ينص الدفتر على ضرورة امتلاك الأندية لملعب رئيسي وميدان للتدريب وهو الشرط البعيد كل البعد عن الواقع لأن أعرق النوادي في الجزائر لا تمتلك ملاعب، على غرار بطل الموسم الفارط مولودية الجزائر الذي تعود على كراء ملعب 5 جويلية الأولمبي والتحول إلى رويبة في حال وجود موعد للفريق الوطني، بالإضافة إلى شباب بلوزداد واتحاد العاصمة ومولودية وهران الذين يستقبلون في ملاعب بلدية حالهم حال أغلب النوادي كالخروب، سعيدة، تلمسان، رغم أن هناك بعض الأندية انطلقت في مشاريع لبناء ملاعب خاصة بها كوفاق سطيف وشبيبة القبائل ويبقى المشكل قائما هل ستستفيد الأندية من الملاعب الموسم القادم أم أنها ستبقى تابعة للبلدية، في حين لا يمكن الكلام عن ميادين التدريب لأن ذلك يبقى حلما بعيدا. مراكز التكوين ثاني نقطة يمكن التطرق إليها هي ضرورة تحول الأندية إلى التكوين من خلال امتلاكها لمراكز تكوين خاصة بالشبان، على غرار الأندية الأوروبية التي تملك مدارس خاصة بكرة القدم يزاول فيها الأطفال دراستهم، بالإضافة إلى كرة القدم يوميا، على غرار مركز كلارفونتان الذي تخرج منه أكبر اللاعبين الفرنسيين، وقد أكدت الاتحادية أن الدولة ستمنح أراضي للفرق بغرض بناء هذه المراكز وكان تشييد مراكز التكوين لا يحتاج إلا لقطع الأرض دون الكلام عن الأموال والأشياء الأخرى. غياب المؤطرين من أصحاب الكفاءات العليا ولأن الإشراف على مثل هذه المراكز يتطلب مؤطرين من مستوى عالي ويملكون كفاءات عليا وشهادات معترف بها لأن الإشراف على الشبان ليس شيئا هينا نقوم بتكليف لاعبين قدامى به، بل الأمر يتطلب تكوينا في المستوى لأن هذه الفئة حساسة ومهمة وفي أوروبا يقوم بها المؤطرون أصحاب المستوى العالي ويبقون في مراكزهم أطول مدة ممكنة وليس التحول إلى الأكابر بعد سنة أو سنتين. منح الإمضاء وعقلية "تحت الطابلة" من جهة أخرى، أكدت الإتحادية الجزائرية أن طريقة تسليم الأموال في الفرق المحترفة يختلف تماما عما كان متعاملا به من قبل لما كانت تسود عقلية تحت الطابلة واستلام الشكارة ومبالغ باهظة جدا، حيث في دفتر الشروط سقف للأجور التي سينالها اللاعبون من 12 مليون شهريا إلى 50 مليون أي بعملية حسابية أغلى لاعب في البطولة سيكون 500 مليون، لكن الواقع شيء آخر لأن اللاعبين امضوا بمليار واثنين مثلما هو الشأن في فريق وفاق سطيف الذي استقدم جاليط، بن موسى وغزالي بمبلغ يقارب 6 ملايير أي ما يعادل ميزانية فريق من القسم الثاني، ليجعلنا نتأكد أن هذا حبر على ورق فقط ولا يوجد منه أي شيء على الواقع. النوادي التي تطبق المرسوم الجديد لم تضمن أي لاعب لحد الآن وعلى صعيد ثاني بدأت بعض الأندية في التعامل بالمرسوم الجديد الذي يناسب إمكاناتها من خلال التعامل بالأجور الشهرية وعدم دفع تسبيق أموال عند الإمضاء الرسمي على العقد وهي الصيغة التي تتعامل بها بعض الفرق كمولودية قسنطينة، الخروب، القبة والتي للأسف تضمن أي لاعب في المستوى لحد الآن وجلبت فقط لاعبين من الأقسام السفلى. الفيفا لا تجبر الأندية على التحول إلى شركات تجارة كما لم تقم الإتحادية الدولية لكرة القدم الفيفا الهيئات الكروية العليا في الجزائر بأمر الأندية بالتحول إلى شركات تجارية وتملك سجلات تجارية بإمكانها استيراد وتصدير السلع، كما هو عليه الحال مع وفاق سطيف رائد التجربة الإحترافية في الجزائر، من حيث أنه يملك أكبر رأس مال وحدد ب200 مليار إلا أنه لا يعني أن الوفاق هو مثال للإحتراف أي حتى إن كان النادي لا يملك سجلا تجاريا يستطيع أن يكون ناديا محترفا شرط أن يملك أسس احترافية في تعاملاته الإدارية. برشلونة والريال ليست مؤسسات تجارية وأكبر دليل على هذا هو أن عمالقة الكرة العالمية ريال مدريد ونادي برشلونة ليست مؤسسات تجارية بل مجموعة من المساهمين من أنصار النادي عكس بقية الفرق الأوروبية الكبرى التي تتشكل من مساهمين تجاريين ويقتسمون الأرباح فيما بعد. أندية تونس والمغرب تحترم مبادئ الإحتراف الأساسية فقط وغير بعيد عن الجزائر وبالضبط في تونس والمغرب لا تعتبر الأندية هناك محترفة، كما هو الحال مع الأندية الأوروبية الكبيرة، بل أن الفرق التونسية والمغربية تحترم الأسس القاعدية للتدريب، وفيما يخص المعاملات التجارية فهذه الأندية تتعامل ببساطة مع الأمور الإحترافية الأخرى. رؤوس أموال النوادي أصغر من منح إمضاء بعض اللاعبين كما أن الشيء الذي يبقى يشد انتباه المتتبعين في الجزائر هو رؤوس الأموال التي حددتها الفرق للدخول في عالم الإحتراف وقد حددت مجالس الإدارة للفرق الجزائرية ما قيمته من 100 مليون إلى مليار مثل شبيبة القبائل التي أعلنت أن شركة القبائل الرياضية رأس مالها مليون دينار أي 100 مليون سنتيم وهو شيء بعيد كل البعد عن الواقع إذ لا يعقل لفريق بحجم الشبيبة أن يكون رأس مال شركته بهذه القيمة التي تعد أقل من منحة إمضاء لاعب واحد في الفريق إذ أنها استقدمت يحيى شريف أكثر من مليار سنتيم أي أكثر من رأس مال فريقه ومنه نجد أن هذه الأرقام لا أساس لها من الصحة، بالإضافة إلى اتحاد الحراش الذي حدد السهم الواحد بخمسمائة دينار حتى لا يكون هناك احتكار.