بعثت عملية بوشاوي الأخيرة، التي راح ضحيتها أجانب، مخاوف الاستخبارات الأوروبية، خصوصا الإسبانية، من إمكانية نجاح تنظيمات الإرهاب الدولي في إعادة تأطير الإسلاميين الجزائريين الذين استفادوا من العفو في إطار ميثاق السلم والمصالحة والبالغ عددهم 2629. وقد أثارت هذه المخاوف صحيفة "ألباييس" الإسبانية في عددها ليوم الخميس الماضي، نقلا عن مسؤولين كبار في الاستخبارات الإسبانية الذين عبروا للصحيفة عن "انشغالهم من قدوم بعض هؤلاء المفرج عنهم من الإسلاميين إلى مدريد". وأوردت الصحيفة ذاتها أن "مخاوف اسبانيا تتقاطع مع مخاوف استخباراتية أوروبية، خصوصا الإيطالية والفرنسية" التي سبق أن أعلنت عنها غداة زيارة وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي شهر ديسمبر الجاري، إلى الجزائر، أين تباحث مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونظيره يزيد زرهوني حول مخاطر الجماعة السلفية للدعوة والقتال على أمن فرنسا، وفي هذا السياق طلب ساركوزي من السلطات الجزائرية إمدادها بقائمة المفرج عنهم في إطار ميثاق السلم والمصالحة، وهو ما وافقت عليه الجزائر، بحسب ما أوردته صحيفة لوموند الفرنسية لاحقا، ولا يستبعد في هذا الإطار أن يكون رئيس الوزراء الإسباني ثاباتيرو قد تقدم بالطلب نفسه لدى زيارته قبل أيام إلى الجزائر. ومعلوم أن اسبانيا ماتزال تحتجز حوالي 70 إسلاميا جزائريا في سجونها من مجموع 200 سجين إسلامي، ويوجد منهم السجين أحمد ابراهيم الذي تصر السلطات القضائية في مدريد على اتهامه بالإرهاب، في ما تواصل عائلته حملة الدعاية لتبرئته من التهم المنسوبة إليه ظلما وزورا بشهادة محاميه الجزائري فاروق قسنطيني. وبينما تعاني اسبانيا من فوبيا الإرهاب إلى اليوم، جراء تداعيات التفجيرات التي استهدفت محطات القطار في الحادي عشر من شهر مارس 2003، أعلنت السلطات الأمنية في فرنسا حالة الاستنفار تحسبا لاعتداءات إرهابية قد تكون على أيدي عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، التي وعدت بأنها ستكون "عظما في حلق فرنسا" وذلك بمناسبة الإعلان عن ولائها لتنظيم القاعدة شهر سبتمبر المنصرم. على صعيد آخر، سجلت صحيفة "ألباييس" الإسبانية، أن الأمن الجزائري بعد عملية بوشاوي الأخيرة التي استهدفت موكب عمال في شركة هالبرتون الأمريكية، استعاد أجواء الأزمة التي كانت سائدة في سنوات الإرهاب، من خلال توفير خدمة المرافقة الأمنية للوفود الأجنبية، في الوقت الذي أعاد الدبلوماسيون المعتمدون في الجزائر "حساباتهم" على صعيد الحماية الأمنية في تنقلاتهم، وتأتي على رأس القائمة السفارة الأمريكيةبالجزائر التي طلبت من رعاياها توخي الحذر والحيطة. وتأتي هذه المعطيات قبل أيام فقط من احتفال أوروبا بأعياد السنة الميلادية الجديدة التي تمثل بالنسبة لها تحديا أمنيا سنويا. رمضان بلعمري: [email protected]