لم يكن الطاهر. ب وعائلته وأطفاله الثلاث ليتصوروا أبدا أنه سيأتي عليهم يوم يجدون فيه أنفسهم في العراء، يقضون أيام رمضان وعيدي الفطر والأضحى و ليالي الشتاء الباردة في خيمة نصبوها أسفل العمارة أين كانوا يقطنون في إحدى شققها التي كانت ملكهم – أو هكذا كانوا يحسبون، لأنهم وقعوا بين يدي محتال سلبهم 300 مليون ببيعهم تلك الشقة و هو لم يكن سوى مستأجر فيها. بداية حكاية الطاهر، ذي ال46 سنة، كانت عندما قرر الرحيل من فيلا صغيرة كان يملكها في بوفاريك - لدواعي شخصية - و الاستقرار بضواحي العاصمة بشراء شقة صغيرة تأويه و عائلته الصغيرة. و لما كان الوقت يداهمه و الضرورة ملحّة في الإسراع بإيجاد الشقة، أوقعه القدر بين يدي المحتال، آ. عبد الكريم، الذي أوهمه بامتلاكه شقة من ثلاث غرف في عين البنيان – مع أنه كان مستأجرا فيها –، وبأن فيها مشكلا وحيدا وهو أنها لا تزال تحت الرهن وبأنه سيسلمه الوثائق الرسمية للشقة فور تسديد قيمة الرهن بالمبلغ الذي سيبيع به الشقة. و قَبل الضحية بهذه الصيغة لاستعجاله في إسكان عائلته، لاسيما و أن المبلغ حُدد بقيمة 300 مليون سنتيم. واكتفى بأن يأخذ منه اعتراف بدين و صك بالمبلغ، دون أن يتسلم أية وثيقة رسمية تثبت ملكيته للشقة و دون أن يسأل عن صاحب الشقة، لأنه كما قال:"تربيت على الأخلاق الحميدة وعشت في حالي، لا احتك بالآخرين. فلم اسمع عن قصص السرقة والاحتيال التي كثرت في الآونة الأخيرة، و لهذا لم أشك في النية الشريرة التي كان يبيّتها لي هذا المحتال الذي كانت له سوابق في الاحتيال على الناس. وطال الأمر والمحتال يتهرب من تحرير عقد البيع و يترصد الاستيلاء على وصولات فاتورة الكهرباء إلى أن تفاجأ الضحية بإنذار باختلاء المسكن من طرف المالك الحقيقي للشقة. ليُصدم المسكين بأن الشقة التي اشتراها وهمية لا يملك منها شيئا و بأن المبلغ الذي دفعه – و هو كل ما كان يملكه – راح أدراج الرياح. فلن يحصّل لا الشقة التي طالب بها مالكها الحقيقي ولا المال الذي أخذه المحتال. وجاء يوم 19 سبتمبر الذي نُفذ فيه قرار الإخلاء، فلم يجد الطاهر سوى خيمة لينصبها أسفل العمارة و يأوي فيها عائلته في انتظار الحل. و في هذا السياق، يؤكد المتحدث انه طرق كل الأبواب بدءا بأبواب بلدية عين بنيان و دائرة الشراقة أين استقبله المسؤولين بحفاوة بعد أن سمعوا بقصته، إلا انه اعتذروا عن عدم مساعدته. كما طرق أبواب العدالة التي حكمت على المتهم و زوجته بعامين حبسا نافذا لكل منهما بجنحة النصب والاحتيال، و ذلك غيابيا لأن المتهم كان آنذاك في السجن لضلوعه في أعمال احتيالية أخرى. و لم يجد الضحية من حل أمامه الآن سوى طرق أبواب "الشروق اليومي" ليسرد قصته و يحكي تفاصيل مأساته في انتظار الفرج. إيمان بن محمد: [email protected]