لازالت الاعترافات التي ما انفك يدلي بها المتهمون في قضية الخليفة، التي تجري أطوارها بمحكمة الجنايات بالبليدة، تكشف عن المزيد من الأدلة حول تورط بنك الجزائر إلى أذنيه في ضياع آلاف الملايير من أموال الجزائريين العمومية منها والخاصة. الجديد جاء هذه المرة على لسان مدير وكالة الصندوق الوطني للتقاعد بأم البواقي "توفيق. ج"، المتهم في هذه القضية، بتهم الرشوة واستغلال النفوذ. ولدى وقوف المتهم صبيحة أول أمس الخميس، أمام محكمة الجنايات، اعترف أن بنك الجزائر، أخطره بتخفيض نسبة الفائدة على الودائع التي تملكها وكالة الصندوق الوطني للتقاعد على مستوى بنك الجزائر الخارجي، من 08.5 بالمائة، باعتبارها القيمة المتفق عليها في عقد الإيداع، إلى 02 بالمائة فقط، الأمر الذي دفعه إلى تغيير وجهة ودائع المؤسسة التي يديرها إلى بنك الخليفة. المتهم "توفيق. ب"، الذي اعترف أنه يملك أسهما في الشركة العالمية للبناء بقيمة ثلاثة إلى ملايين دولار، إلى جانب مصري يدعى مصطفى كامل، وإسرائيلي يملك الجنسية الاسترالية، سلّم وثيقة لهيئة المحكمة، قال إنها تتضمن مراسلة من بنك الجزائر بتاريخ أفريل 2001، تؤكد خفض نسبة الفوائد في البنوك العمومية إلى 02 بالمائة. ويصادف هذا التاريخ فترة رئاسة عبد الوهاب كرمان لبنك الجزائر، التي انتهت بعد شهر فقط من هذا التاريخ، لكن هذا لا يعني أن المحافظ الحالي كان بعيدا عن المسؤولية، فقد كان يشغل في هذا التاريخ نائب المحافظ، قبل أن يتحول في جوان 2001 إلى الرجل الأول في المؤسسة المصرفية الأولى في الجزائر، بعد تنحية كرمان، وهو المنصب الذي لازال يحتله إلى غاية اليوم. وتسبب قرار إيداع أموال وكالة صندوق التقاعد لأم البواقي، لدى بنك الخليفة في خسارة قدرت ب 205 مليار سنتيم على مستوى هذه الوكالة لوحدها، منها 120 مليار هي عبارة عن ودائع، في حين أن القيمة الباقية والمقدرة ب 85 مليار، تمثل قيمة الفوائد المترتبة على عملية الإيداع. وتعد هذه الوثيقة، دليلا آخر على تورط بنك الجزائر في تحويل آلاف الملايير من أموال الدولة إلى بنك الخليفة وبالتالي ضياعها، وهي تهمة أخرى تضاف إلى الخروقات القانونية التي ارتكبها البنك المركزي منذ البدايات الأولى لاعتماد البنك المفلس، والتي تبين من خلال يوميات محاكمة الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة أن مسؤولية الجهة المصرفية الوصية ثابتة، تارة بالسكوت عن التلاعبات المسجلة في قضية الاعتماد، التي شهدت تزويرا في أسماء المؤسسين وتغييرهم فيما بعد، وتارة أخرى بالتغاضي عن عدم احترام حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، التي سجلت على مستوى التجارة الخارجية للبنك المفلس، قبل أن يصل الأمر إلى درجة التواطؤ الواضح مع بنك الخليفة، والذي تجلى من خلال تخفيض الفائدة إلى نسبة غير مسبوقة، في الوقت الذي وصلت فيه نسبة البنوك المنافسة للبنوك العمومية إلى 17 بالمائة. محمد مسلم: [email protected]