لمح العضو القيادي السابق في الجبهة الإسلامية المحلة الهاشمي سحنوني، أمس، إلى تمكن رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله من الفوز بتأييد الأعضاء المؤسسين للحزب المحظور، الذين سيوقعون بيانا الأحد المقبل يعلنون فيه صراحة عن وقوفهم خلال الانتخابات التشريعية إلى جانب جاب الله، مع دعوة ما تبقى من قاعدة الفيس المحل للتصويت لصالح مرشحيه. وقال سحنوني في منتدى "الشروق"، بأن مساعيه كانت ترمي في البداية إلى جمع شمل كافة التيار الإسلامي، غير أنها اصطدمت بتحفظات أبداها المعنيون بالمبادرة، فقد رفض عبد المجيد مناصرة استمرار احتفاظ حركة مجتمع السلم بحقائبها الوزارية، وقال بأنه لا يعقل أن يكون أبو جرة في المعارضة وفي الحكومة في نفس الوقت، في حين عبر عبد الله جاب الله عن تخوفه من إبرام تحالف مع حركتي النهضة والإصلاح بسبب ما تعرض له حينما كان رئيسا للحركتين، وأكد بأنه لا يمكنه أن يثق فيهما مجددا، وأصر من جانبه أبو جرة سلطاني على عدم الانسحاب من الحكومة، بحجة أن الإجراء لن يغير أي شيء، وكان فاتح ربيعي رئيس حركة النهضة أكثر ليونة، وقال صراحة بأن من يريدون أن يتوحدوا لا يحق لهم تقديم أي شروط.
التحالف الإسلامي الشامل فات أوانه ويرى ضيف "الشروق" بأن التيار الإسلامي في الجزائر هو الغالب في أوساط الشعب، وبأنه كان يتمنى أن يجمع شمل كل الأحزاب الإسلامية لتشكل كتلة واحدة تحت برنامج واحد لتحقيق المشروع الإسلامي، وهو يؤمن بأن هذه المهمة هي فريضة يقتضيها الشرع تطبيقا لما قاله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، معبرا عن أسفه لكون المبادرة تنقصها خطوة فعلية نحو الأمام، معترفا بأنه التقى مؤخرا بجاب الله ومناصرة وطرح عليهما المبادرة من جديد دون إحراز أي تقدم، حيث قرر كل طرف الدخول بقوائمه في التشريعيات، لذلك فإن التنسيق سيقتصر على مراقبة صناديق الاقتراع، قائلا بأن التحالف الإسلامي الشامل فات أوانه، وبأنه كان يأمل في توحيد القلوب قبل توحيد القوائم، من خلال نسيان الماضي وتحقيق مصالحة على المستوى الإسلامي خدمة للمشروع الإسلامي. ويصرّ الهاشمي سحنوني على أن الغرب غير نظرته للإسلاميين، وبأن الوضع أيضا تغير مقارنة بالتسعينات، وأن أمريكا ترى بأنه من أسباب الاستقرار وصول الإسلاميين إلى السلطة، ولكن ليس المشروع الإسلامي، متأسفا لكونه لمس لدى بعض الإسلاميين عندنا تفضيل فوز أحزابهم في الانتخابات وليس الإسلام. وعبر العضو القيادي السابق في الفيس المحل عن أسفه بسبب إبعاده من المشاركة في وضع أرضية التحالف الأخضر الذي يجمع حمس والنهضة والإصلاح، قائلا: "لقد أبعدوني ولم يستدعوني للأمر"، منتقدا هذا التحالف ضمنيا بحجة أنه يقوم على توحيد القوائم فقط ولم يلب ما كان يصبو إليه، معترفا بأن جاب الله ومناصرة كانا الأكثر ترحيبا به، وبأن الكشف عن البيان الذي سيساند أحد الأحزاب الإسلامية المشاركة في الانتخابات، سيتضمن أسماء وتوقيعات المشاركين فيه، من بينهم عشرة مؤسسين للفيس المحل وكذا دعاة وأئمة وشيوخ.
ساندت بوتفليقة في الرئاسيات بسبب قانون المصالحة برر سحنوني موافقته على مساندة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية السابقة، بكونه جاء بمشروع قانون المصالحة الوطنية، وهو ما نادى به شخصيا في جوان 1991 قبل أن يسيل دم الجزائريين، مؤكدا تأسفه من حرمانه رفقة أعضاء بارزين في الفيس المحل من الممارسة السياسية، وبأنه تلقى وعودا من كافة الأحزاب الإسلامية بإسقاط هذا الحاجز خلال تعديل الدستور من قبل البرلمان القادم. ويصر المتحدث بأنه حينما اقترح مبادرة جمع شمل الإسلاميين، لم يكن يسعى للتدخل في شؤونهم أو أن يملي عليهم خطابا معينا، قائلا بأنهم إن أرادوا تغيير خطابهم ليتماشى مع ما هو سائد في بلدان شقيقة تمكن فيها التيار الإسلامي من الوصول إلى سدة الحكم فلهم ذلك.
اقترحت إبعاد الأسماء القديمة من الترشح ضمن الأحزاب الإسلامية وتوقع ضيف المنتدى بأن تكون الانتخابات التشريعية المقبلة نزيهة، بالنظر إلى الضمانات التي قدمتها الدولة، لكنه أبدى في الوقت ذاته تخوفه من إمكانية وقوع تزوير، بالنظر إلى بروز بعض المؤشرات من بينها إقدام لجنة مراقبة الانتخابات على تجميد نشاطها مدة ثلاثة أيام، وكذا تضخيم قوائم الناخبين في بعض ولايات الجنوب من بينها تندوف، قائلا: "إذا كان الأمر محسوما مسبقا، فإننا لن ننادي الناس للمشاركة في مسرحية"، منتقدا التعليمة التي وجهها غلام الله للأئمة للحث على المشاركة في الانتخابات، مقابل عدم استعمال المسجد كمنبر سياسي، وفي رأيه فإنه كان على الوزارة المعنية أن تفتح المجال السياسي أمام الأئمة كاملا أو أن تغلقه تماما. وقال سحنوني بأنه اقترح على الأحزاب الإسلامية إبعاد الأسماء القديمة من الترشح للانتخابات، لكنها رفضت بحجة التضحيات التي قدمها هؤلاء وكذا الخبرة السياسية، منتقدا الخطاب الاستئصالي الذي تبناه البعض من بينهم أحمد أويحيى، لأنه يضر بالمصالحة الوطنية، وقال بأن عملية جرد قامت بها جماعته بينت بأن الحظوظ إلى جانب جاب الله ومناصرة في الاستحقاقات. جاب الله ومناصرة الاقرب الى"السلفية السياسية" قال القيادي السابق، في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، الشيخ الهاشمي سحنوني، إن جميع احزاب التيار الاسلامي في الجزائر لديها نظرة حزبية ضيقة وبعيدة عن مبدأ إقامة دولة إسلامية تقوم على تطبيق شرع الله، إلا انه يعتبر أن جبهة العدالة والتنمية التي يتزعمها الشيخ عبد الله جاب الله وجبهة التغيير التي يتزعمها عبد المجيد مناصرة، الاقرب من توجه "السلفية السياسية" التي تمثل الاغلبية السلفية في الجزائر. مضيفا انه بالرغم من ابتعاد هذه الاحزاب عن هذاالهدف المنشود، إلا ان هؤلاء اخوة لا يمكننا ان نتخلى عنهم، خاصة في هذه المرحلة التي وصفها بالحساسة.
يستحيل الغاء المسار الانتخابي من جديد يرى سحنوني، انه يستحيل الغاء المسار الانتخابي مرة ثانية في حال فوز الاسلاميين في التشريعيات القادمة، وقال "لسنا في 1992"، وأضاف "لن يتمكن اي احد من الغاء المسار الانتخابي بعد العاشر ماي القادم"، معتبرا ان تغير نظرة الغرب للإسلاميين التي تستند عليها "الانظمة الاستئصالية" في قراراتها، تقف حائلا امام الغاء نتائج اي اقتراع يفوز فيه الإسلاميون، وقال "الغرب مع وصول الاسلاميين الى الحكم، غير انه يعارض حكم الإسلام في تسيير شؤون البلدان العربية".
لست متحدثا باسم الفيس وعلي بلحاج أكثر تمثيلا مني نفى الهاشمي سحنوني، ان يكون متحدثا باسم الجبهة الاسلامية للإنقاذ، مشدداعلى انه أحد مؤسسيها وأحد دعاة السلفية، وأضاف انه لا يزال يلتقي بمؤسسي الفيس ويتصل بهم باستمرار، منتقدا ضمنيا دعوة زعيمي الفيس عباسي مدني وعلي بلحاج إلى مقاطعة التشريعيات المقبلة، إلا أنه يعتبر أن هذا لا يعني انه من دعاة المشاركة، وأقر سحنوني بان علي بلحاج الاكثر تمثيلا للوعاء الانتخابي للفيس بسبب دخوله للسجن و"الضغوطات المتزايدة عليه." ورفض سحنوني، أن يكون قد خرق قانون السلم والمصالحة الوطنية، الذي منع بموجبه من ممارسة النشاط السياسي، وأكد "نحن ممنوعون من تأسيس احزاب سياسية، ولكن نشاطنا يدخل في اطار حرية التعبير، ومن يريد منعنا من هذا الحق الدستوري" كما يقول "فما عليه سوى ان يزج بنا في السجن"، مشيرا الى مراسلة المجلس الدستوري لإعادة النظر في قرار منع نشطاء الفيس المحل من ممارسة السياسة.