أكد محمد شفيق مصباح، أن الأحداث الجارية في الساحل الإفريقي بحجة محاربة الإرهاب هي مقدمة لإعادة رسم خارطة المنطقة من طرف القوى الغربية التي تتسابق للسيطرة على موارد المنطقة من محروقات ومعادن. وقال العقيد السابق شفيق مصباح المتخصص في الإستراتيجية، في حوار خص به "الشروق"، إن خلق "الجمهورية الترقية" سيستعمل من قبل القوى الغربية كقاعدة عسكرية للحرب على الإرهاب في المنطقة بالإضافة إلى جعل هذه الدولة الجديدة حاجزا لمنع آلاف الأفارقة من دول جنوب الساحل من الوصول إلى القارة الأوروبية، مؤكدا أن الجزائر هي المستهدف الأول من عملية التقسيم على اعتبار أن مناطق الطاسيلي والأهقار، تنتمي جغرافيا لما يمسى بمنطقة الساحل. وأوضح شفيق مصباح، أن الانقلاب العسكري الذي حدث في مالي، والتطور السريع للأحداث في الميدان العملياتي مع الانتصارات الملموسة لحركات التوارق التي أعلنت استقلال ثلاث مقاطعات بشمال مالي، يؤكد على وجود عمل تقوم به الدول الغربية في المنطقة يرمي إلى إعادة تشكيل خارطة هذه المنطقة الإفريقية الحساسة وفق تصور جديد يخدم موازين القوة للأطراف المتنافسة بهدف خلق كيان سياسي جديد تحت تسمية "الجمهورية الترقية" أو "جمهورية الصحراء الوسيطة" بفضل الميزات الجغرافية والطبيعية والعرقية التي تتوفر عليها منطقة الساحل. وأضاف المتحدث، أن الدراسات التي أجريت على هذه المنطقة منذ عقود أكدت على وجود تماسك جغرافي وانسجام في المكون البشري وتكامل في التضاريس والثروات الطبيعية الموجودة على امتداد المنطقة، مما يؤكد أن كل المؤشرات السابقة تعطي لمنطقة الساحل وحدة طبيعية تؤهلها لتكون دولة منسجمة الأطراف، مشيرا إلى أن أكبر مستفيد هو المستعمر القديم لدولة مالي، وهي فرنسا، ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية وذلك لأسباب ثلاثة: أولا، من شأن ذلك الكيان السياسي الجديد الذي يخططون لإنشائه أن يكون أداة لمحاربة الإرهاب. ثانيا، ستكون الدولة الجديدة أيضا حزاما واقيا ضد زحف اللاجئين الإفريقيين إلى بلدان أوروبا، ثالثا، إن منطقة الساحل الإفريقي تتوفر على ثروات هائلة سيتم تقاسمها والشروع في استغلالها من القوات الغربية. وأكد مصباح، أن منطقتي الطاسيلي والأهقار، بسكان المنطقتين وثرواتها جزء لا يتجزأ من الساحل الإفريقي، مما يبين أن الانعكاس المباشر على الجزائر لا مفر منه. ومادام الأمر على هذا النحو، فإن الإشكالية تكمن في مدى قدرة الجزائر على التصدي للخطر القادم لا محالة، ومن الأكيد أن وحدة التراب الجزائري مهددة، وتماسك المجتمع الجزائري بسبب الخطر القادم من الجنوب. وبخصوص التواجد الغربي في المنطقة، أوضح المتحدث أن الولاياتالمتحدة لا تسمح اليوم لفرنسا أو أية قوة أخرى أن تنفرد بالسيطرة أو الهيمنة على منطقة الساحل مجددا، لأن إعادة تشكيل منطقة الساحل هو لب الإشكالية، وخاصة أن منطقة الساحل الإفريقي تتميز بأنظمة هشة غير قادرة على صد الأطماع الفرنسية والأمريكية، وهي دول تعيش على المساعدات الغربية التي تشن حربا شرسة ضد المصالح الصينية في كل إفريقيا، وليس في منطقة الساحل وحدها، مشيرا إلى أن الاصطدام الحقيقي بين الصين والدول الغربية آت لا محالة، لكن الأجل لم يحن بعد.