من يقف وراء هذه الفضيحة السياحية في الجزائر؟ حلّت الجزائر في المرتبة 102 ضمن قائمة الدول الأكثر جاذبية للسياح، في دراسة حديثة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي شملت 130 دول. وقد حلّت سويسرا في المرتبة الأولى كأفضل دول العالم جذبا للسياح. وبهذا الترتيب تكون الجزائر قد احتلت المراتب الأخيرة متبوعة بليبيا بين الدول العربية، حيث افتكّت قطر المرتبة 37 فيما ضفرت تونس بالمرتبة التاسعة والثلاثين واحتل المغرب الرتبة 67. أما المراتب الأولى في الدراسة فقد احتلتها الدول الغربية، حيث حلت النمسا ثانية ثم ألمانيا أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة والسويد وكندا وفرنسا.وأوضح القائمون على هذه الدراسة أنهم اعتمدوا في تصنيفهم على 71 معيارا على رأسها، الاعتبارات البيئية والسلامة والأمن والصحة والنظافة ودرجة اهتمام الدولة بقطاع السياحة وبالنقل الجوي وبالبنى التحتية للنقل البري. وبالإضافة إلى هذه المعايير، استندت الدراسة على الأسعار التنافسية في تذاكر السفر وعلى النظرة المحلية للسياحة والموارد الطبيعية والثقافية والقوانين والأنظمة، كمعيار آخر في تصنيفها للدول الأكثر جاذبية للسياح.وخلُص المنتدى الاقتصادي العالمي، صاحب الدراسة، إلى أن السياحة باتت منذ عقود قليلة قطاعاً رئيسياً في الاقتصاد العالمي ومصدراً حيوياً للنمو الاقتصادي والتنمية في العديد من البلدان، مشيراً إلى أنه بين الأعوام 1950 و2004 ارتفعت عوائد السياحة الدولية من 2.1 مليار دولار إلى 622.7 مليار دولار، مضيفا بأن الهدف من هذه الدراسة هو تحقيق فهم أفضل عن سبب ازدهار بعض البلدان في مجال السياحة وبالمقابل معرفة الأسباب التي أدت إلى تخلف دول أخرى في هذا المجال.ويكشف هذا التقرير البوْن الشاسع بين ما تصبوا إليه الجزائر في القطاع السياحي وبين الواقع الذي يبدو بعيدا في ظل تحديات كبيرات فرضتها المنافسة الشرسة على قطاع بالإمكان تلخيصه في كلمة واحدة هي "الإغراء"، وهو ما يعكس أن الجزائر غير قادرة على إغراء عيون السياح وقلوبهم مما يجعل جيوبهم بعيدة المنال عن أن تصب في خزانة الاقتصاد الوطني.فالجزائر لم تبرح المراتب الأخيرة في تصنيف المنتدى العالمي وغيره من التصنيفات السياحية منذ سنوات، ففي العام 2006 جاءت الجزائر في المرتبة الأخيرة عربيا وفي المرتبة 39 عالميا، فيما لم تتجاوز عائدات السياحة في تلك السنة200 مليون دولار، وانخفض هذا الرقم في 2007 إلى 120 مليون دولار، بينما كان 175 مليون دولار في 2005، هذا فيما تجاوزت تونس والمغرب عتبة 6 مليارات دولار.وبرغم الوعود التي قدمها وزير السياحة نور الدين موسى بشأن الرفع من عائدات القطاع السياحي لتدعيم الاقتصاد الوطني، إلا أن الأرقام المسجلة تبقى بعيدة عن بلوغ تلك الوعود على الأقل في القريب المنظور، فالبنى التحتية تكاد تكون منعدمة والخدمات الموجودة حاليا لا ترقى إلى "إغراء" السواح لحملهم على التفكير في العودة مرة أخرى على الجزائر، هذا على الرغم من الأمن وتحسن الأوضاع الداخلية في البلاد، كما يبقى قطاع الصناعات التقليدية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي هي من أهم روافد النشاط السياحي، بعيدة في الوقت الراهن عن بلوغ نصف ما بلغته الجارتان تونس والمغرب، وه ما يستوجب العمل أكثر وتغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح والحسابات.