رمضان وعطلة الصيف وعيد الأضحى والأعراس والدخول المدرسي.. مناسبات تشكل عبئا ثقيلا وتحديا صعبا أمام العائلات الجزائرية ذات الدخل المحدود.. هذه المرحلة الساخنة والتي زادت من التهاب أيام فصل الصيف في ظل ارتفاع درجة الحرارة والأسعار معا دفعت حتى العائلات الميسورة الحال للاستدانة لتخطي المرحلة بجهد جهيد.. جيوب استنزفت أموالها في مثل هذه المناسبات، ولعل عيد الأضحى الذي يدخل الفرحة والبهجة إلى قلوب الأطفال قبل الكبار، سنة محمودة تجعل شراء الكبش ضرورة وما السبيل إليها في عيد 2018 إلا "الكريدي"… إنه وضع معيشي صعب للغاية، يأتي في ظل ارتفاع الأسعار والخدمات، وتدني الدخل لدى البعض، فبقدرة شرائية متهالكة يستقبل عيد الأضحى، ويدخل الجزائريون أسواق الماشية، وهم يتحسسون جيوبهم ويعظون على شفاههم، ويكاد ينفجر من لهم أولاد في البيت، غيظا.. لكن لحسن الحظ فتحت أبواب التقسيط واسعا لشراء الأضحية ممن يرغب في ذلك. بين جودة الكباش والتقسيط المريح.. وافرح يا زوالي.. مبادرة حسنة أثلجت قلوب عمال المؤسسات الوطنية العمومية من ذوي الدخل الضعيف، وهي خطوة قامت بها وحدة "راتراكو" ببئر توتة التابعة للمجمع الجزائري للحوم الحمراء "الفيار"، حيث أبرمت عقدا مع أكثر من 30 مؤسسة عن طريق لجان الشؤون الاجتماعية لها، منها المجالس الشعبية البلدية، ومستشفيات ومؤسسات البناء والأشغال العمومية، وعمال في مؤسسة "ايتوزا" للنقل العمومي، وصيدال وشركات الإنارة العمومية، والمؤسسة الوطنية للسدود، وهي كلها مؤسسات تقع في العاصمة وضواحيها وفي حتى في ولاية المدية، ليستفيد هؤلاء من شراء أضاح جيدة وبالتقسيط المريح مع دفع أولي يمثل 25 بالمائة فقط من الراتب الشهري، على ان يتم اقتطاع مبالغ مالية منه خلال 5 أشهر كاملة. 4 آلاف أضحية من سلالة مراقبة بيطريا منذ الولادة في جولة استطلاعية للشروق، على وحدة "لاتراكو"، وقفنا على الاستعداد المسبقة قبل فتح أبواب الوحدة أمام زبائنها من العمال الذي استفادوا من اتفاقية التقسيط، ومواطنين يرغبون في شراء الكبش "كاش"، على أن يكون أول استقبال الأحد القادم الموافق ل12 أوت الجاري، حيث تكون 4 آلاف أضحية تحت الطلب. ويمكن في حال زيادة الطلب أن 3 آلاف رأس من الماشية إلى مقر "لاتراكو" وهذا حتى لا يحرم من يرغبون في شراء أضاح سليمة وموثوق فيها من هذه الوحدة، ومن إنتاج محلي ومن سلالة أولاد جلال، وبأسعار تتراوح بين 37 ألف دج إلى 59 ألف دج. وقال في هذا السياق، مستشار بوحدة "لاتراكو"، ومكلف بعمليات بيع الأضاحي، بلال حاجي، في لقاء خص به الشروق، إن الهدف المنشود من عمليات البيع بالتقسيط نبيل، وهو السماح للكثير من العمال البسطاء بإقامة الشعيرة وإدخال الفرحة إلى قلوب أبنائهم، وإضافة إلى ذلك ضمان أضحية سليمة ومن سلالة جيدة. 300 عامل من شركة واحدة يقبلون على التقسيط أكد المتحدث، أن الإقبال هذه المرة على شراء الأضحية بالتقسيط منقطع النظير، حيث أصبح خيارا لا مفر منه بالنسبة للعامل "الشهار" وذي الدخل البسيط، حيث توافدت عليهم مؤسسات معروفة التي تضم وظائف بسيطة تتعلق في الغالب بالحراس، والمنظفين والطهاة مثل المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وبعض الوزارات، إضافة إلى عمال في قطاعات مثل الحماية المدنية ومؤسسات النقل والأشغال العمومية والمستشفيات والمجالس الشعبية البلدية. وقال بلال حاجي، إن بعض الشركات وصل عدد العمال بها الذين أقبلوا على شراء كبش العيد بالتقسيط، إلى 300 عامل، وهو مؤشر يعكس الوضع المالي الصعب لهؤلاء، حيث سمحت لهم "لاتراكو" باقتناء الأضحية ب"الكريدي"، ولهم تسديد ديونهم في غضون 5 أشهر. متابعة بيطرية تميز الأضحية وظروف أمنية تحيط بعملية الشراء ويستفيد المواطنون الذين يقتنون أضحية العيد من وحدة "لاتراكو" ببئر توتة، سواء الذي يشترون بالتقسيط أو "كاش" من ضمانات جعلت التوافد على الوحدة ملحوظا حتى قبل انطلاق عملية البيع، حيث تتميز المواشي بمتابعة بيطرية منذ الولادة ويتم تربيتها في وحدات إنتاجية في البرواقية بالمدية والجلفة والأغواط، وهي من سلالة أولاد جلال. والأضاحي تباع مرقمة تحمل رقما معينا، يمكن للمشتري أن يتحصل على دفترها البيطري، كما أن مواشي "لاتراكو" تتغذى من أعلاف مراقبة. وأوضح المكلف بعمليات بيع الأضاحي، بلال حاجي، أن المشتري يمكن أن يترك أضحيته إلى عشية يوم العيد وما عليه إلا أن يدفع فقط 1000دج. وقد وفرت جميع الظروف الأمنية داخل الوحدة للشراء الأضاحي في أريحية وأمان. الموالون يقعون في مشاكل الكريدي.. ولا بيع إلا للمعارف والأحباب وعلى النقيض، فإن بيع الأضاحي بالتقسيط لدى الموالين الخواص، اتخذ منحى آخر هذه السنة، فبعد عدة تجارب لبعضهم مع الكريدي، اكتشفوا أن هذا الأخير لم يجلب لهم إلا المشاكل واختلط الحابل بالنابل في شراء الأضحية بالتقسيط. وكثرت عمليات النصب والاحتيال من طرف بعض الأشخاص، بل وأن اغلبهم لا يلتزمون بدفع باقي المستحقات، ويقومون بغلق الحساب البريدي الجاري، وهو ما كشفه لنا نور الدين بن كحلة، فلاح وموال المواشي والأبقار، ويملك مستودعا لبيع الأضاحي في مزرعة سيدي رزين المقابلة لمقبرة براقي، والذي أكد للشروق، أن 500 شخص احتالوا عليه ومنهم 200 امرأة، حيث اشتروا السنة الماضية كباش العيد بالتقسيط ولم يدفعوا باقي الديون مما جعله يتكبد ما قيمة 8 ملايير سنتيم، وإحالة قضيته على العدالة. وقد طالب بإجراء عقود مع الفلاحين ومراكز البريد لضمان بيع الأضاحي بالتقسيط، مع مراقبة لأرصدة للراغبين في الشراء بهذه الطريقة، حيث قال إن الإقبال هذا العام على الكريدي منقطع النظير، لكنه رفض أن يتعامل مع الأشخاص الذين لا يعرفهم. ولكنه فضل المعارف والأحباب والأشخاص الموثوق فيهم مثل رجال الشرطة، حيث سيبيع 1000 رأس من الماشية بالتقسيط، وبأسعار تتراوح بين 35 ألف دج إلى 6 ملايين سنتيم.