يواصل الاتحاد الجزائري لكرة القدم (الفاف) ارتكاب الأخطاء والهفوات، حيث فتح جبهات صراع جديدة بعد تلك التي كانت من قبل مع "الحرس القديم" المحسوب على المكتب الفدرالي السابق، لكن هذه المرة أثبتت الفاف مجددا عدم نجاعة سياستها الإعلامية خاصة في ما يتعلق بتسيير الأزمات والحملات "المغرضة" التي تتعرض لها منذ انتخاب المكتب الحالي برئاسة خير الدين زطشي في مارس من العام الماضي. وتسببت السياسة الإعلامية للفاف إلى حد "تمييع" صورتها وضرب مصداقيتها و"احترافيتها" في الصميم، حيث أضحت لا تكتفي بنشر بيانات تتعلق بقضايا هامشية وغير مجدية، بل أصبحت تعقّب وتتابع وترد على "الإشاعات" التي تروّج على مواقع التواصل الاجتماعي. آخر خرجة إعلامية للاتحاد الجزائري لكرة القدم، كانت عبارة عن بيان نشرته على حسابها الرسمي ب"فايسبوك" قصد الرد على "إشاعات" تافهة وأخبار "كاذبة" تتعلق بالقائمة الموسعة للاعبين المعنيين بمباراة غامبيا، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية المجهرية المغمورة أخبارا عن حدوث أزمة بين المدرب الجديد للمنتخب جمال بلماضي والمناجير حكيم مدان، حيث زعمت تلك المصادر أن الأخير حاول التدخل في الصلاحيات الفنية لبلماضي المعروف بعدم تقبله لمثل هذه الأمور فضلا عن صرامته وشدته، كما زعمت أيضا أن مدان قام بمنح بلماضي قائمة تضم نحو 35 لاعبا من بينهم عدة لاعبين ينشطون بنادي أتلتيك بارادو الذي يملكه رئيس الفاف خير الدين زطشي، تمهيدا لإعداد قائمة اللاعبين الذين سيخوضون مباراة غامبيا في الثامن من شهر سبتمبر المقبل في الجولة الثانية من تصفيات كأس أمم إفريقيا 2019، كما زعمت المصادر نفسها أن بلماضي أبدى غضبه من قيام مدان بمنحه هذه القائمة، معتبرا ذلك تدخلا في صلاحياته وأنه يرفض التدخلات "الفوقية" وأن تملى عليه الأوامر التي تدخل في إطار عمله الفني، قبل أن يقوم بتمزيق القائمة في وجه مدان وسط أجواء مكهربة. وبالفعل، انتشرت هذه "الأخبار" كانتشار النار في الهشيم خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتقوم بعدها الفاف بنشر بيان تحت عنوان :"الاتحاد الجزائري لكرة القدم يحارب الإشاعات والأخبار الكاذبة"، مضيفا: "ينفي الاتحاد الأخبار التي أكدت وجود خلاف بين المدرب المُعين حديثا جمال بلماضي ومناجير المنتخب حكيم مدان وتمزيق الأول الورقة التي تضم القائمة الموسّعة التي منحها له الثاني"، وتابع البيان: "هذه الأكاذيب الهدف منها التشويش على عمل الاتحاد، والبحث عن زرع البلبلة ولا يعقل أن يصدق البعض هذه الأقاويل، لكون الناخب الوطني شخصا محترفا ولا يمكن أن يقدم على هذا التصرف الصبياني "تمزيق الورقة ورميها". وختم البيان: "من جهته يؤكد الاتحاد أنه سيتصدى لهذا النوع من الأكاذيب عن طريق قسم الإعلام الخاص به، وقد يصل الأمر إلى فضح هؤلاء المشوشين، وسيحاول جاهدا أن يضع الجمهور الرياضي في قلب الحدث عن طريق الأخبار الصحيحة". من المنطقي أن تهب الفاف للدفاع عن نفسها في وجه الحملات المغرضة التي تتعرض لها، ومن حقها تكذيب "المزاعم" و"الإشاعات" التي تنشر في بعض وسائل الإعلام، التي تهدف إلى إلحاق الضرر بصورتها ومكوناتها، لكن أن يصل الأمر إلى حد التعقيب والرد على "الإشاعات" التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي، فهذا لا يدل إلا على هشاشتها وضعف سياستها الإعلامية، خاصة أن نتائج "البيان" جاءت عكسية حيث منح المصداقية لهذه "الإشاعات"، بعد أن قام قطاع واسع من رواد هذه المواقع بمهاجمة الفاف ورئيسها خير الدين زطشي، واعتبروا أن الفاف تصرفت ب"غباء" إزاء هذه الإشاعات، حيث كان عليها الترفع وعدم الرد بدل الدخول في مثل هذه المتاهات التي لا جدوى منها. زطشي يبعث صراعه مع روراوة مجددا وليست هي المرة الأولى التي يستهدف فيها الفاف ومختلف الهيئات والمسؤولون التابعون إليها، وهذا منذ قدوم زطشي لرئاستها في ربيع العام الماضي، وكثيرا ما وجه المكتب الحالي أصابع الاتهام إلى القيادة السابقة برئاسة محمد روراوة الذي دفع إلى الرحيل وقتها والخروج من الباب "الضيق"، حيث اتهمت هذه الأطراف باستغلال هشاشة وضعف الاتحاد الحالي في تسيير شؤون الكرة والمنتخبات الوطنية، قصد ضرب مصداقيته وإضعافه أمام الرأي العام إما عبر تسريب معلومات وأخبار صحيحة عن فضائح وأخطاء ترتكبها القيادة الحالية، وإما عبر تسريب الإشاعات وأخبار مغلوطة لنفس الغرض. وتحول الأمر إلى "حرب باردة" بين الرئيس الحالي خير الدين زطشي وسلفه محمد روراوة، حيث وصل بهما الأمر إلى حد تبادل "التصريحات النارية"، ورغم الهدوء الذي ميز هذا "الصراع" في الأشهر القليلة الماضية، إلا أنه عاد ليندلع مجددا وقد يكون أكثر حدة في المرحلة القادمة، خاصة بعدما أقدمت الفاف على "التهجم" بشكل غير مباشر على القيادة السابقة برئاسة محمد روراوة، حيث قامت بنشر بيان "غريب" نهاية الأسبوع الماضي، تؤكد فيه تعرضها لعقوبة من طرف اتحاد الكرة الدولي "الفيفا" بسبب خطإ فادح ارتكبته القيادة السابقة في الإجراءات المعمول بها لبرمجة مباريات ودية دولية، حيث سلطت "الفيفا" على الاتحاد الجزائري غرامة مالية تقدر ب6 آلاف فرنك سويسري على خلفية عدم إشعارها ببرمجة لقائين وديين أمام موريتانيا في شهر جانفي من عام 2017، ولا تدخل خطوة الفاف إلا ضمن مساعيها للنيل من الرئيس السابق للفاف، والرد على "محاولاته" زعزعة المكتب الحالي، لكنها تناست أو تغافلت أن العقوبة لا تمس الأشخاص وإنما الهيئة الفدرالية ذاتها التي تحولت إلى "مرتع" للفضائح والأخطاء ما يرشح الوضع للتعفن أكثر في المرحلة القادمة، التي يفترض أن تسعى الفاف لاستغلالها جيدا قصد ضمان الهدوء والاستقرار خاصة بالنسبة إلى المنتخب الوطني وطاقمه الجديد المقبل على تحديات كبيرة، بدل إحياء "صراعات" لا تسمن ولا تغني من جوع.