يندر، خلال هذه السنوات الأخيرة، أن تجد بيتا يخلو من طفل مريض، وتتنوع هذه الأمراض ما بين عابرة أو مزمنة التي تصيب الأطفال بشكل مزمن، وفي الحقيقة عند إصابتهم بأي من الأمراض تبدأ رحلة معاناة حقيقية من الأم والأب، وتبدأ خطوات العلاج والمتابعة، كما هو الحال بالنسبة للطفل باديس بولمعيز المولود بتاريخ 17 ديسمبر 1995 بالحروش لأبيه عبدالله بن احمد وأمه ربيحة بولمعيز بنت محمد، هذه العائلة القاطنة بقرية السعيد بوصبع ببلدية الحروش جنوب ولاية سكيكدة، تتألم في اليوم الواحد مئة مرة، بسبب المرض الخطير الذي يعاني منه آخر العنقود باديس، 17 ربيعا، والمتمثل في انتفاخ رأسه الممتلئ بالماء حيث يصل محيطه 68 سنتمترا حسب التشخيص الذي قام به طبيبه الخاص الدكتور عمار بوهدروف، اختصاصي في جراحة الاعصاب بولاية سكيكدة، وخلال صغره كان وزن رأسه أكثر من الجسد فهو لا يستطيع رفعه، ومؤخرا تساوى الجسد مع الرأس وزنه 55 كلغ إلى 60 كلغ وطوله 1 متر و60 سنتيمترا، حسب تشخيص مختلف الأطباء بكل من مستشفى الفارابي بعنابة والمستشفى العسكري بديدوش مراد بقسنطينة، وخلال سنة 1995 أجريت له عملية جراحية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي وعمره 05 اشهر، لكن لا شيء تغير فيه، وقالت الوالدة ربيحة لقد أصيب مؤخرا فلذة كبدها باديس بمرض الرعشة جراء نفاد دواء ديباركين من الصيدليات، مما جعله عنيفا جدا، فهو لا يهدأ ولو لحظة واحدة، يصفق، يضرب جسمه حتى يتغير لون بشرته إلى الأزرق، حتى الجدران والسرير الذي ينام عليه ليلا ونهارا لم يسلما من ذلك، ولم يتوقف الحد عند هذا بل يقضي ليله ونهاره بدوي صراخ قوي يقلق العائلة، تصوروا يمتد أحيانا على مدار ليلة كاملة، وكم هي كثيرة ولكن ما العمل؟ الأم تعبت مؤخرا مع تقدمها في السن، هي التي تطعمه وتشرف على تغيير الحفاظات لأنه لا يبرح سريره، ينام في غرفة والديه نظرا لضيق المسكن، الاب عبدالله يتقاضى كل شهر مبلغ ألف دج، وهي منحة التقاعد يعيل بها 13 فردا، مع العلم أن كل أولاده بطالون، يطلب من دوي القلوب الرحيمة مساعدة ابنه باديس بالحافظات وتشخيص مرضه، وقالت والدته انه "ليحز في نفسي عندما أرى زملاءه ذاهبون الى المدرسة"، وهي كما تبدو امرأة قوية ومناضلة، عاشت وكابدت فيما يتعلق بمرض ابنها، وتقدم النصح والإرشاد للأمهات ممن لديهن حالات مشابهة، وتشد من أزرهن، وتحظهن على التعامل مع حالات أبنائهمن بكل صبر وجَلَد. تقول "اكتشفت إعاقة ابنى منذ ولادته، فهو لا يفرح عندما يرانى أنا أو أباه، ويردد الكلمات بصورة آلية. لا ينظر إلى الأشخاص، لا يستمتع بوجود الآخرين، ولا يشاركهم اهتماماتهم، ولا يحب أن يشاركوه ألعابه. وتطالب في الاخير من ذوي البر والاحسان ووزارة الصحة والتضامن وأصحاب القلوب الرحيمة النظر برفق إلى حالة ابنها باديس ومساعدة العائلة لعلاجه داخل وخارج الوطن.