يعد معهد باستور بالجزائر المرجعية الوطنية في التشخيص الوبائي والمراقبة والبحث والتكوين، وقد أثارت مؤخرا تصريحات مديره بشأن ظهور حالات للإصابة بداء الكوليرا ضجة إعلامية كبيرة، سرعان ما هدأت.. وفي هذا الحوار مع مديره السيد زبير حراث يؤكد تطويق الجزائر للداء في فترة قصيرة، وأن معهد باستور يغطي حاجة كل المستشفيات بالأمصال المضادة للتسمم العقربي والكلب ويخوض تجارب ضد انتشار بعوضة النمر واللشمانيا، نافيا كل التهم المروجة حول فساد الأمصال وخطورة اللقاحات التي يستوردها المعهد، مؤكدا أنها خاضعة لمراقبة صارمة، وان أنشطة المعهد تحكمها مواثيق أخلاقية وتحت أعين المنظمة العالمية للصحة. نقلت وسائل الإعلام تصريحات متناقضة لمعهد باستور حول مصدر الإصابة بداء الكوليرا أحدثت صراعات بين وزارة الصحة ووزارة الفلاحة؟ في الحقيقة وسائل الإعلام أخذت معلومات من الموقع الالكتروني لمعهد باستور، لكن مع بعض التأويل، مفادها ان المعهد أثبت تلوث الخضر والفواكه بجرثومة الكوليرا، لكن لم يكن هذا تصريح المعهد، بل قلنا انه من المحتمل أن تكون الخضر والفواكه المسقية بالمياه القذرة مصدرا للكوليرا على اعتبار أن الجرثومة تصنفها المنظمة العالمية للصحة بأنها تنتقل عبر المياه، ومصدرها الفضلات البشرية، لأن الجرثومة تنمو في الأمعاء وتنتقل عبر الفضلات،لتنتشر في الأماكن الرطبة كالعرق والمياه وغيرها،.لكن لم نصرح أبدا ان المنتوج الزراعي والفلاحي ملوث بالكوليرا. ما هو المصدر إذن؟ في القديم كنا نعرف أن مصدر الكوليرا هو تلوث المياه، لكن اليوم تلوث المحيط وتدهور مستوى النظافة زاد من صعوبة تحديد مصدر الداء شديد العدوى إذا وجدت الجرثومة ظروف الحياة، علما أنها لا تعيش في الوسط الجاف لأكثر من ساعتين، فبعد 22 سنة من آخر ظهور للمرض عاد مرة أخرى ومصدر خزانه الرئيسي هو الإنسان،تعيش الجرثومة في وسط قاعدي ينشط في الحرارة والمياه السطحية المعرضة للحرارة بين 25 و18 درجة لفترة طويلة،فرق البحث لمعهد باستور وجدت اثرا للجرثومة في منبع سيدي لكبير بحمر العين،وربما تكون هناك منابع أخرى ملوثة، مع انتشار المرض أخذنا عينات من اغلب المنابع غير المرخصة بولاية البليدة، فمن بين 38 عينة لمياه الصهاريج والمياه المخزنة ومياه الحنفيات العمومية وجدنا 27 بالمائة من العينات غير صالح للشرب وملوث بالجراثيم والفضلات، واليوم الجزائر استطاعت ان تحاصر المرض بسرعة وتتحكم فيه مع تقلص الإصابات إلى أقل من 10. لم تهدا الكوليرا حتى ظهرت لدغات العقرب القاتلة في الجنوب،هل فعلا نقص الأمصال سبب في ارتفاع ضحايا التسمم العقربي؟ الأمصال متوفرة في كل مستشفيات الوطن، نحن نتتج تقريبا 90 ألف جرعة سنويا، أي نغطي حاجة الجزائر التي تقدر ب85 الف جرعة،وأصل المصل هو حقن الحصان بسم العقرب ونتركه يتفاعل في الدم، ثم نقوم بسحب كميات من الدم، ونفصل مكوناته وننقيه جيدا ونستخرج من مصله علاجا مضادا لسم العقرب. كيف تفسرون تلقي الدكتورة عائشة عويسات وضحايا آخرين المصل، لكنهم فارقوا الحياة؟ العيب ليس في المصل، بل في قوة سم العقرب أو تأخر عمليات الإسعاف. هل صحيح أنه سبق لمعهد باستور استيراد جرعات فاسدة سواء من اللقاح أو الأمصال؟ قبل ان نشرع في إنتاج علاج التسمم العقربي، كنا نلجأ لاستيراده من الخارج، وسبق وان استوردنا كميات كبيرة من المكسيك اكتشفنا انها فاسدة، قمنا بسحبها مباشرة من السوق وشددنا عمليات المراقبة على سحب الكثير من اللقاحات وكواشف تحليل الدم التي تحمل عيوبا، لكن مهمة الرقابة تكشف عن جودة الأدوية سواء المنتجة محليا او المستوردة وتخضع لتحاليل دقيقة. هناك من يتهم المعهد بتسويق أدوية على غرار اللقاحات الموجهة للأطفال خطيرة تسبب الشلل وأحيانا الموت، والبعض يتهم المعهد باستيراد لقاحات نسيجية محظورة من طرف المنظمة العالمية للصحة، هل هذا صحيح؟ (يبستم ويستغرب)… أولا، قمنا بتغيير نظام التلقيح او الدفتر الصحي للأطفال الرضع وحتى سن الدراسة، حسب التطورات والأبحاث التي تنص عليها المنظمة العالمية للصحة،وما يقال في وسائل التواصل الاجتماعي لا أساس له من الصحة، هناك إشاعات تقول ان لقاح "بوصفاير" او التهاب الكبد يسبب "سكوليوز اون بلاك" او التصلب لا أساس له من الصحة،وكل ما يروج هو إشاعات، نحن نستورد لقاحات ذات جودة مرخصة من منظمة الصحة العالمية تخضع لمراقبات الجودة عند المنتج، ثم نحللها مرة أخرى قبل أن نوزعها على المستشفيات، قد يسبب اللقاح أعراضا جانبية شأنه شأن كل الأدوية، لكن ليس قاتلا. كيف تفسر عزوف الأولياء عن تطعيم الأبناء ضد الحصبة الألمانية؟ قلت لك بسبب الإشاعات، يجب على الجزائريين أن يعلموا بأن التطعيم يحمي ولا يقتل. تتعاملون مع المخابر الأربعة الإقليمية تونس المغرب الجزائرطهران، وقد نشر مؤخرا فيلم وثائقي يثبت استخدام معهد باستور في تونس البشر وأطفال الجنوب الفقراء كفئران تجارب، خاصة في علاج اللشمانيا؟ سمعت عن هذا الفيلم آو التحقيق الصحفي، لكن هذا مجرد افتراء، والتحقيق القضائي أثبت براءة معهد باستور من هذه التهم، لقد توصل المعهد إلى علاج داء اللشمانيا بالمرهم وجربوه على المرضى، وكل ما يقال هو مجرد صراعات بين الممولين والمخابر، لكن كمعهد نحن لا نجرب على البشر، بل على الفئران والحيوانات المخبرية التي نقوم بتربيتها، لدينا مواثيق صارمة وأخلاقيات مهنية. اللشمانيا داء مخيف ومقلق، خاصة في منطقة بسكرة وغرداية، ويشكل معضلة للجزائر، نسجل سنويا ما بين 10 إلى 15 ألف حالة، ونعمل بالتنسيق مع تونس التي تقود أبحاثا في هذا المجال. معهد باستور هو الجهة الوحيدة التي تستورد قرنيات العين، حدثنا عن هذه التجربة؟ فعلا، نحن نستورد القرنيات وهي أنسجة بشرية حية،من الولاياتالأمريكيةالمتحدة، وبما أنها أنسجة حساسة وسريعة التلف،فبمجرد وصولها بالطائرة توزع مباشرة على أقسام طب العيون التابعة للمستشفيات العمومية، نحن لا نستوردها بشكل تجاري، بل انساني، ولا نحقق أرباحا من ورائها، لأننا لا نتعامل مع عيادات خاصة، بل فقط مع المستشفيات العمومية. نستورد سنويا من 1000 إلى 2000 قرنية لصالح وزارة الصحة،قيمة القرنية الواحدة تصل بين 1400 إلى 1500 دولار امريكي،ويقوم المعهد بدفع تكاليف الضمانة من أمواله كمشاركة منه لصالح المرضى. يعتبر المعهد مرجعا وطنيا في التشخيص والأبحاث والتكوين، ما هي أهم الأدوار التي يقوم بها؟ اضافة إلى ما ذكرت من مهام، هو قطب صيدلي لإنتاج وتوزيع المواد البيولوجية.. كما تعرفون منذ 1994 تغير الإطار القانوني للمعهد وأصبح مؤسسة ذات طابع تجاري وصناعي، فالإنتاج الصناعي يغطي 3 أنواع من المنتجات "اللقاحات والأمصال الموجهة للاستخدام البشري، واللقاحات والأمصال البيطرية والأوساط الزراعية المخبرية"،ويحتوي المعهد على مديرية للمحابر والبحث والتطوير، ولدينا منصات تقنية ونتعامل مع طلبة الجامعات، خاصة طلبة جامعة هواري بومدين، حيث نوفر لهم إمكانيات كبيرة لإجراء البحوث والتكوين. كذلك نقوم باختبار المناعة للأنسجة الموجهة لزراعة الأعضاء، حيث نقوم تقريبا ب200 تحليل في السنة،إضافة إلى أبحاث وتطوير حول الأمراض المتنقلة عبر المياه والأمراض المعدية كالسل والتيفوئيد والكلب والزكام وغيرها من الأمراض.