استدعى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وزراء الحكومة إلى اجتماع لمجلس الوزراء هذا الخميس، للتوقيع على مشروع قانون المالية للسنة القادمة، وإسداء ملاحظات جديدة للحكومة تكون بمثابة الإطار التوجيهي لعملها مع حلول السنة الجديدة، التي تأتي مغايرة تماما لسابقاتها من السنوات الأربع الأخيرة من حيث خلوها من رسوم وضرائب أو زيادات في تسعيرة الوقود أو الكهرباء أو حتى الماء. يلتقي رئيس الجمهورية هذا الخميس وزراء حكومة أويحيي في اجتماع لمجلس الوزراء، للتوقيع على مشروع قانون المالية للسنة القادمة، هذا الاجتماع الذي يأتي هذه المرة في ظرف سياسي استثنائي تتجاذبه المبادرات السياسية سواء من جناح المولاة الداعي إلى عقد ندوة للإجماع الوطني، وإطلاق ورشات إصلاح جديدة أو جناح المعارضة المنادي إلى توافق وطني، وإن اختلفت المبادرتان إلا أنهما تلتقيان عند نقطة واحدة تتعلق بتأجيل الرئاسيات المقبلة بالتوازي مع إقرار تعديلات جديدة على الدستور في مادة أو مادتين حسب ما تسرب من لقاء زرالدة الذي يفترض حسب أحد قادة الأحزاب السياسية التي حضرت اللقاء أنه جمع رئيس الجمهورية بقادة أقطاب التحالف الرئاسي في حضور وزراء كل من الداخلية والعدل والمستشار بالرئاسة الطيب بلعيز الأربعاء الماضي. مجلس الوزراء المقرر عقده هذا الخميس يأتي كذلك وسط حالة من الترقب في الساحة السياسية أملتها تصريحات زعيمة حزب العمال لويزة حنون، التي كشفت عن فحوى اتصال تلقته من جهات وصفتها بشبه الرسمية عن إجراءات وقرارات جديدة سيعلنها الرئيس بوتفليقة، غدا حسب ما أدلت به للصحافة على هامش أشغال مؤتمر حزبها يوم السبت الماضي. تصريحات حنون بخصوص الجديد الذي ينتظر الساحة السياسية والتي جعلت هذه الأخيرة تعيش حالة من التوجس والترقب، تتقاطع عند نسبة معينة مع ما أكدته الجهة السياسية التي سربت جزءا من الخيارات التي درسها لقاء زرالدة الأربعاء الماضي، والتي قال أنها حازت موافقة ومباركة الرئيس بوتفليقة، وهي الخيارات التي تسقط فرضية استدعاء الهيئة الناخبة قبل تاريخ 15 جانفي القادم في الماء، وسط جدل واسع بين مختلف التشكيلات والأحزاب السياسية حول ما إذا فعلا الرئيس ينوي فتح ورشة جديدة لتعديل الدستور، أم لا، بعد ثلاث سنوات عن آخر تعديلات أدرجت عليه، وهل فعلا الإرادة السياسية رجحت كفة مبادرة عقد ندوة وطنية المحسوبة لحزب "تاج" على حساب مبادرة حمس المتعلقة بإطلاق مشاورات للوصول إلى توافق وطني، لكن بشروط. بعيدا عن التجاذب الحاصل في الساحة السياسية حول مشروع تعديل الدستور وتأجيل الرئاسيات وتمديد العهدة الحالية للرئيس بوتفليقة، هذه الأخيرة التي فجرت أزمة مصطلحات بين الداعين للتمديد والتأجيل، يبقى الأكيد أن رئيس الجمهورية استدعى أعضاء الحكومة لمجلس للوزراء سيعقد بعد ظهيرة يوم الخميس، وإن لم يحمل جدول الأعمال سوى التوقيع على مشروع قانون المالية، إلا أن برقية ديوان الرئاسة رفعت من درجة التأهب لدى الوزراء بنفس حجم حالة الترقب التي فرضتها التصريحات والتصريحات المضادة لعدد من رؤساء الأحزاب السياسية المتعلقة بتعديل الدستور وتأجيل الرئاسيات إلى ما بعد ترتيب شؤون البيت من الداخل. ولعل من بين أهم التصريحات التي شغلت الفضاء السياسي ما جاء على لسان كل من لويزة حنون وعلي بن فليس من تفنيد لتصريحات نسبت لرئيس حزب تاج عمر غول، بخصوص موافقة تشكيلتيهما لمقترح تعديل الدستور وتأجيل الرئاسيات، وإن اكتفيا بتفنيد إعطاء الموافقة، إلا أنهما لم يعبرا عن رفض صريح، وأرجآ التعبير عن موقفهما إلى حين فصل رئيس الجمهورية في مضامين الخيارات التي ستشكل السيناريوهات القادمة، وإلى حين ترسيم الرئيس للمبادرات التي مازالت تحمل في الوقت الراهن اللون السياسي وتفتقد الصبغة الرسمية. مجلس الوزراء المقرر بعد غد الخميس، يأتي بعد آخر مجلس للوزراء كان قد ترأسه بوتفليقة في 26 سبتمبر الماضي، وأفرج خلاله على الحركة في سلك الولاة موازاة مع مصادقة المجلس على مشروع قانون المالية الذي يأتي هذه المرة مغايرا تماما من حيث مضامينه وتداعياته على معيشة المواطنين، مقارنة بقوانين المالية للسنوات الأربع الماضية، فرغم الظروف المالية غير المستقرة للبلاد بسبب تقلبات أسعار النفط في السوق الدولية، إلا أن سنة 2019 لن تجلب معها للجزائريين أية زيادات في تسعيرة الكهرباء ولا الوقود ولا الماء ولا رسوم ولا ضرائب جديدة من شأنها أن تستفز الجبهة الاجتماعية التي يعد هدوءها عاملا مهما لضمان هدوء الأجواء السياسية.