اختلف قياديو الجبهة الإسلامية المحلة اختلافا واضحا في دعوتهم الشعب الجزائري للتصرف خلال الإنتخابات التشريعية المقررة لنهاية الأسبوع المقبل. ففي وقت دعا فيه الشيخ عباسي مدني من الدوحة الشعب الجزائري إلى مقاطعة الإنتخابات، دعا رابح كبير من ألمانيا إلى المشاركة الشعبية المكثفة لتفويت الفرصة على أعداء الشعب الذين يهدفون إلى إفشال مسار السلم والمصالحة الوطنية. دعا عباسي مدني، الرقم واحد في الجبهة الإسلامية المحظورة، الشعب الجزائري "إلى اتخاذ الموقف السياسي التاريخي الحاسم بمقاطعة الإنتخابات الفاقدة لمقاصدها التي شرعت من أجلها، معتبرا أنه لا سبيل للشعب للتغيير إلا "بالمقاطعة كوسيلة وحيدة للتعبير عن رفضك لواقعك المفروض عليك"، حيث اعتبر أن الإنتخابات الحالية مثل سابقاتها ما هي إلا "لعبة تضليلية وحيلة سياسية لتكريس اللاحل واللامخرج من هذه المآسي واللانهاية لهذا التخلف". ولم يفوت عباسي الفرصة في بيانه الذي نشره أمس، لقراءة "الفاتحة على روح" المصالحة الوطنية، وذكر في جمل قليلة بصيغة الماضي أن "مشروع المصالحة الوطنية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة شفاه الله"، كان "فرصة لحل الأزمة التي طال أمدها وتراكمت مشكلاتها". غير أن "توازنات"، حسبه "أفرغتها من محتواها، حيث تحولت هذه المصالحة إلى قلب للحقائق والتحايل على الشعب". غير أن هذا الموقف لا يتقاسمه كل قياديي الحزب المحل، بل يناقضه رابح كبير رئيس الهيئة التنفيذية للجبهة في الخارج سابقا مناقضة كلية، حيث قال في تصريح ل "الشروق اليومي" أمس، "تحليلنا للوضع ان المقاطعة استقالة سياسية يستفيد منها أعداء المصالحة الوطنية ولا تخدم الشعب في شيء.. ودعا كبير في بيان نشره هو الآخر أمس، تعبيرا عن موقف وليس ردا على عباسي، لأن كبير قال إنه حرر بيانه عشية الإثنين "إننا ندعو الشعب الجزائري كله إلى المشاركة الواسعة في الإنتخابات التشريعية المقبلة، وبذلك نفرض التغيير ولو بعد حين". ليضيف "ندعو الناخبين والناخبات إلى التصويت لصالح الشرفاء والأكفاء من المترشحين الملتزمين بسياسة المصالحة الوطنية الشاملة والديمقراطية الحقيقية، فهي المخرج الحقيقي الآمن والواقعي من أزمات البلاد المتعددة". وفي هذا السياق قال رئيس الهيئة التنفيذية في الخارج ل "الشروق" بأنه لا يدعو الشعب الجزائري للتصويت لصالح تشكيلة سياسية معينة أو قائمة محددة "لا نوجه الناخبين نحو تشكيلة معينة، إنما ندعوهم للتصويت لصالح الشرفاء والنزهاء مهما كانت التشكيلة" معتبرا أن "الشعب ليس غبيا ويستطيع على مستوى منطقته تمييز الشرفاء والملتزمين بالمصالحة الوطنية والديمقراطية الحقيقية. وإن كان كبير لم يحدد الأحزاب التي يدعو وعاء الجبهة الإسلامية المحظورة للتصويت لصالحها، إلا أنه أوضح الشروط الواجب توفرها في كل مرشح يحوز تلك الأصوات وهي أن يكون ملتزما بالسير في طريق المصالحة والديمقراطية الحقة، بمعنى انه لا ينكر على "الجبهويين" حقهم في ممارسة السياسة، كي لا تذهب أصوات قاعدة الفيس لمرشحين ينكرون على قادته الحق في المشاركة في الحياة العامة والسياسية على وجه الخصوص، وإن كانت مشارب المنتخبين مختلفة.. عباسي شيخ الجبهة المحلة أسس موقفه بدعوة الشعب للمقاطعة تعبيرا عن "رفض الممارسات اللامشروعة ورفض تعنت النظام"، بينما يؤكد كبير بأن "تجربته في العمل السياسي المكثف لما يقارب عقدين متتابعين من الزمن "علمتنا أن أفضل وسيلة لتغيير أوضاع المجتمع نحو الأفضل إنما يتحقق بتشجيع الشعب وحثه على المشاركة السياسية بكل قوة لتثمين الحسن وتحسين السيئ وعدم ترك الفرصة يستغلها أعداء الشعب للإستمساك بمكاسبهم غير المشروعة والحفاظ عليها على حساب آمال وآلام عموم الشعب"، إذ قال إن سياسة الكرسي الشاغر تعطي الفرصة كي يتلاعب الأعداء بمصير الأمة، متمنيا أن "تتحقق في البرلمان الجديد أكبر نسبة من الإختيار الشعبي الحر". غنية قمراوي:[email protected]