كشفت الإحصائيات العامة الأخيرة للسكن والسكان عن ارتفاع معدل المواليد في الجزائر بنسبة 81.1%، مما يتوقع أن يبلغ عدد السكان 72.4 مليون نسمة سنة 2050، ما سيؤدي إلى تزايد في الاحتياجات، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، ويشكل عائقا رئيسيا للتنمية الاقتصادية. كما تشير البيانات أيضا إلى تسجيل خلل في التوزيع الجغرافي للسكان على المستوى الوطني. شهدت الجزائر خلال السنوات الأخيرة ديناميكية ديموغرافية تجاوزت التوقعات التي وضعها الديوان الوطني للإحصائيات سنة 2003 سواء كان ذلك من حيث الحجم، أو من حيث معدلات الخصوبة أو المواليد، حسب ما كشف عنه وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مختار حزبلاوي في رد له عن السؤال الكتابي للنائب البرلماني عن ولاية غرداية محمد أبي إسماعيل. الزيادة السكانية.. بالأرقام ارتفع معدل المواليد بالجزائر بنسبة 81.1% ما بين سنة 2000 و2016، حيث انتقل عدد المواليد الحية من 589000 إلى 1067000، علما بأن هذه الزيادة في المواليد يقابلها استقرار نسبي للوفيات. ويعود سبب الزيادة في معدل المواليد من الناحية الديموغرافية إلى عاملين رئيسين هما ارتفاع عدد النساء في سن الإنجاب (15 – 49 سنة)، حيث انتقل عددهن من 8.03 مليون سنة 2000 إلى 10.9 مليون سنة 2017، وارتفاع حجم الزيجات، حيث تضاعف معدل الزواج من 5.8 زواج لكل 1000 ساكن سنة 2000 إلى 10.1 زواج لكل 1000 ساكن سنة 2013. هذه منحنيات الزيادة السكانية أوضح نفس المسؤول، أن التوقعات التي وضعتها وزارة الصحة للفترة ما بين 2015 – 2050، حسب الاتجاهات الجديدة، تعتمد على فرضيتين، الفرضية الأولى تنوه بأنه عندما يكون مستوى الخصوبة يقدر ب2.1 طفل لكل امرأة، فإن عدد السكان سيصل إلى 63.3 مليون نسمة سنة 2050. أما الفرضية الثانية تشير إلى أن مستوى الخصوبة عندما يرتفع إلى 3.5 طفل لكل امرأة فإن عدد السكان سيبلغ 72.4 مليون نسمة لسنة 2050، وبهذا سيكون عدد سكان الجزائر أصغر بكثير في الحالة الأولى وأكثر أهمية في الحالة الثانية. ولا يعد حجم السكان مشكلا في حد ذاته، حسب رد الوزير، بينما التشكيلة العمرية يمكن أن تشكل عائقا حقيقيا أمام التنمية. ففي الحالة الأولى (بلوغ معدل الخصوبة يقدر ب2.1 طفل لكل امرأة)، تعد التشكيلة العمرية مواتية للغاية للتنمية، حيث تتميز بانخفاض في نسبة السكان الذين هم بحاجة للعناية (أقل من 20 سنة وأكثر من 60 سنة) وارتفاع في عدد السكان القادرين على العمل (20 – 59 سنة)، الأمر الذي يشجع على الادخار والاستثمار، غير أن هذا الاتجاه لن يكون ممكنا إلا بوضع استراتيجيات خاصة لخفض معدل الخصوبة إلى 2.1 طفل لكل امرأة على وجه الخصوص وتنظيم الأسرة. أما في الحالة الثانية (الوصول إلى معدل الخصوبة يقدر ب 3.5 طفل لكل امرأة)، سيرتفع عدد السكان الذين هم بحاجة للعناية، لاسيما الأقل من 20 سنة، الأمر الذي سيؤدي إلى تزايد في الاحتياجات، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، وبالتالي تشكيل عائق رئيسي للتنمية الاقتصادية. التوزيع الجغرافي للسكان وتشير البيانات المتوفرة حاليا إلى خلل في التوزيع الجغرافي للسكان، حيث تضم ولايات شمال الوطن 90.2% من إجمالي السكان في مساحة لا تفوق 15.2% من المساحة الإجمالية، بينما على مستوى ولايات الجنوب التي تمثل 84.8% من المساحة، فهي تضم أقل من 10% من السكان. في هذا الإطار، وضعت الجزائر سنة 2010، مخططا وطنيا لتهيئة الإقليم (SNAT) لآفاق 2030 لتجديد السياسة الوطنية للتخطيط الإقليمي وللقضاء على الاختلالات في تموقع السكان والأنشطة. التدابير المتخذة أدرجت الحكومة في خطة عملها للفترة 2017 – 2020، لاسيما في مجال الوقاية الصحية، نشاطا متعلقا بتدعيم وتوسيع البرنامج الوطني للتنظيم العائلي، من أجل ترشيد النمو السكاني وضمان الرفاه الاجتماعي للأجيال القادمة. ولهذا وضعت وزارة الصحة والسكان خطة لتحديد الإجراءات الملموسة التي يتعين اتخاذها خلال الفترة المذكورة. وقد استندت في تطوير هذه الخطة على نتائج وتوصيات الدراسات التي أجريت في هذا المجال، وكذا على استنتاجات عملية التشاور التي أجريت مع مقدمي الخدمات ومسيري البرامج، ومع مختلف القطاعات والمؤسسات المعنية، أعضاء اللجنة الوطنية للسكان، للأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المتعددة للقطاعات التي يقتضيها برنامج التنظيم العائلي. وهذه التدابير تتجسد من خلال المساهمة في تحقيق التوازن بين الموارد البشرية والموارد الاقتصادية والبيئة لتحسين نوعية الحياة للجميع، وذلك عن طريق الوصول إلى معدل خصوبة يقدر ب2.4 طفل لكل امرأة في عام 2030، و2.1 طفل لكل امرأة في عام 2050. والوصول إلى نسبة استعمال وسائل منع الحمل الحديثة بين النساء المتزوجات في سن الإنجاب إلى أكثر من 55% سنة 2020 وأكثر من 60% سنة 2030 مع تعزيز استعمال الوسائل الطويلة المفعول الأكثر أمنا وفعالية. إلى جانب تقليص الحاجيات غير الملباة من بين النساء المتزوجات في سن الإنجاب في مجال التنظيم العائلي من 7% إلى أقل من 2% بحلول عام 2020 وإلى 0% بحلول عام 2030. فضلا عن تأمين وسائل منع الحمل من خلال ضمان إمكانية الاختيار والحصول على وسائل منع الحمل ذات جودة عالية واستخدامها كلما احتاجت المرأة المتزوجة لذلك، مع توسيع قائمة وسائل منع الحمل وتنويع العرض على مستوى جميع هياكل الشبكة العمومية مع السعي إلى توفير بنية متوازنة في استعمال وسائل منع الحمل مع تعزيز طرق طويلة المدى مع حلول سنة 2020. إضافة إلى ترقية السلوكيات السليمة والمسؤولة في الإنجاب، وتعزيز آليات المتابعة والتقييم وإنشاء بنك بيانات، مع المساهمة في تقليص عدد الوفيات عند الأمهات والأطفال الرضع، لاسيما حديثي الولادة، وكذا المساهمة في استغلال أنجع للعائد الديموغرافي.