تشير المعطيات إلى احتمال ارتفاع سكان الجزائر إلى حوالي 50 مليون نسمة في آفاق 2050 إذا استمر النمو الديموغرافي على الوتيرة الحالية، حيث تشير الإحصاءات إلى ارتفاع في معدلات الخصوبة يترجمه ارتفاع محسوس لمعدل الولادات التي وصلت إلى أكثر من 32 ألف ولادة حية لكل 100 ألف نسمة خلال السنة الجارية وهذا راجع أساسا إلى تحسن التكفل بالحمل والولادة وصحة الأمومة. وأكدت مديرة السكان بوزارة الصحة نصيرة قداد أمس بمنتدى المجاهد بمناسبة إحياء اليوم العالمي للسكان أن الحالة الديموغرافية بالجزائر يميزها ارتفاع مستمر في الولادات والوفيات والزيجات على السواء، بحيث تعادل نسبة المواليد 07,24 في الألف خلال السنة الجارية بينما كان يقدر ب62,23 في الألف سنة .2008 كما ارتفع عدد الوفيات بستة آلاف وفاة مقارنة بالعام الماضي، بينما وصل عدد القرانات إلى 341 ألف قران أي بنسبة نمو تقدر ب3 %. وهي ذات الأرقام والنسب التي كان الديوان الوطني للإحصائيات قد أعلن عنها أمس الأول، والتي تشير كذلك إلى أن عدد السكان في الجزائر قد بلغ مطلع السنة الجارية 6,35 مليون جزائري. وعرف نمو السكان في الجزائر مراحل مختلفة تعكس كثيرا من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية وهو نتاج تضافر عدة عوامل منها التزايد السكاني الطبيعي وتحسن النمط المعيشي للجزائريين وهو ما تعكسه الإستراتيجية الوطنية للسكان 2001-2010 الهادفة إلى التكفل الجيد بصحة الأمومة والمواليد الجدد وتوسيع وسائل تنظيم النسل وموانع الحمل. وتشير الأرقام إلى أن نسبة سكان المدن في الجزائر قد ارتفعت من 25 % بعد الاستقلال لتصل إلى 41 % عام 1977 ثم إلى 49 % عام 1987 ولتبلغ نحو 53 % عام 1996 حيث أصبح أكثر من نصف الجزائريين يقيمون في المدن نتيجة لعدة عوامل أهمها عوامل الجذب الكامنة بالمدن التي عرفت نموا سريعا وتنمية مطردة في الصناعة والخدمات والبنى التحتية، وهو ما أدى إلى استقطاب جموع النازحين نحوها بدافع التطلع لحياة أفضل ومعيشة أحسن. كما تظهر عوامل أخرى على غرار التحسن في الخدمات الصحية والاهتمام بصحة الأم والطفل والعمل التحسيسي الجواري الذي تؤطره الحركات الجمعوية الرامية إلى الرفع من الوعي الصحي لدى الأسر. وبالرغم من كل الإيجابيات المسجلة خلال العقود الأخيرة في مجال صحة السكان إلا أن ارتفاع سن الزواج ومشاكل تعقيدات الحمل المصاحبة تظهر حاليا كمشكل صحة عمومية، كذلك يظهر عامل عدم تعميم استعمال وسائل منع الحمل خاصة منها الحبوب التي دعت البروفسور بلخوجة أحد أهم الوجوه المسطرة للإستراتيجية الوطنية للسكان في تدخلها بمنتدى المجاهد إلى ضرورة إعادة النظر فيها وإدراجها ضمن مدونة الأدوية وجعلها من بين الأدوية المعوضة من طرف صناديق الضمان الاجتماعي، كون أكثر من 66 % من الجزائريات المتزوجات تستعملها كوسيلة لمنع الحمل. أما التحدي الأخر الذي تواجهه الجزائر فيتمثل في ارتفاع معدلات الشيخوخة، فالأرقام تشير إلى أن عدد المسنين بالجزائر وصل عام 2008 إلى 5,3 ملايين شخص تزيد أعمارهم عن 60 سنة أي ما يعادل 10بالمائة من السكان. هذا العدد ارتفع بعد أن كان يقدر ب2مليون مسن عام .1998 ومن المنتظر ان يصل إلى 7 ملايين مسن عام 2030 وأكثر من 10 ملايين مسن بحلول .2050 وهو ما يطرح بالمقابل التحديات التي بات على الجزائر رفعها. والجدير بالذكر أن العالم أحيا بالأمس اليوم العالمي للسكان تحت شعار ''الكل محسوب'' وتظهر الشيخوخة وتأخر الزواج وإحجام النساء عن الولادة خلال السنوات الأولى للزواج من أهم التحديات التي يواجهها العالم في السنوات القليلة القادمة.