"خراطيش، مناظير وبنادق صيد" هي أسلحة تصنف في خانة العتاد الحربي، وكانت تستخدم قديما في صيد العصافير والأرانب وغيرها في الغابات والجبال، لا زالت تستهوي العديد من المغتربين الجزائريين في الدول الأوروبية، والذين يصطدمون بمجرد دخولهم لأرض الوطن بمنع مثل هذه الأسلحة في الجزائر، لتنتهي رحلة العودة بقضاء العطلة مع الأهل والأحباب وراء القضبان. والملاحظ من خلال جلسات المحاكم اليومية أن القضايا المتعلقة بجنح حيازة عتاد حربي مثل المناظير وخراطيش الصيد والبنادق في ازدياد مستمر، خاصة في فصل الصيف، وقبيل شهر رمضان، باعتبارها الفترة التي يختارها المغتربون للدخول إلى أرض الوطن بعد غياب قد يدوم لأكثر من سنوات، وبسبب جهلهم للقوانين الجزائرية، فكثيرا ما يصطدم هؤلاء بممنوعات لم تخطر على بالهم، وخاصة فيما يخص منع أسلحة الصيد ومستلزماته، حيث يقتني العديد من المغتربين الذين لديهم هوس بالصيد خراطيش وأسلحة، ليتم إدخالها في رحلة العودة للجزائر كهدايا للأهل والأحباب، لكنهم لا يعرفون أنها ممنوعة من الدخول للجزائر، إلا بعد ولوج ميناء أو مطار الجزائر والخضوع للتفتيش الروتيني، لتتم إحالتهم للمحاكمة بعد حجز الممنوعات التي يدخلها المغتربون عبر موانئ ومطارات الدول الأوروبية خاصة فرنسا دون أي مشكل أو عراقيل . وفي هذا السياق تشهد محكمة الجنح بسيدي أمحمد بالعاصمة القريبة من ميناء الجزائر، عددا معتبرا من القضايا التي يتورط فيها مغتربون جزائريون بسبب جهلهم للقوانين الجزائرية، والتي تخص حيازة أسلحة الصيد، والتي تدخل ضمن تصنيفات العتاد الحربي، وفي هذا المقام نذكر قصة مغترب جزائري بألمانيا كان يحلم بقضاء عيد الأضحى مع أسرته في الجزائر بعد غياب دام أكثر من 15 سنة قضاها في بلاد الغربة، لكن أحلامه سرعان ما تلاشت عندما ألقي عليه القبض على مستوى ميناء الجزائر، وهذا بعدما تم تفتيشه من قبل شرطة الحدود ليعثر بحوزته على مسدس آلي ومناظير صيد، المغترب الجزائري الذي صرح بحيازته لهذه الأسلحة في ألمانيا ويملك رخصة لحيازة المسدس الآلي، لم يكن يعلم أن القانون الجزائري يمنع حيازة أو اقتناء مثل هذه الأسلحة، فقد صرح لدى مثوله أمام المحكمة بأن المناظير ليست حربية وجلبها كهدايا لأفراد عائلته، أما المسدس الآلي فيستعمله للدفاع عن نفسه من قطاع الطرق واللصوص في ألمانيا، وهو يحوز رخصة من طرف السلطات الألمانية، وهو نفس ما أكده دفاعه الذي استغرب مرور موكله على مطار مرسيليا دون أي مشاكل ليجد نفسه في سجن الجزائر بسبب لعبة -كما سماها المحامي- حيث شرح للمحكمة بأن المسدس الآلي ليس فيه مكان لإخراج الرصاص، وهو يستعمل للتخويف، لأنه يصدر صوتا لإخافة اللصوص، وبهذا وجد المغترب الجزائري نفسه في السجن ليمضي العيد داخل الزنزانة ويتورط في قضية لم تكن تخطر بباله . وفي سياق مواز، تكشف جلسات المحاكم أن العديد من المغتربين يتورطون في قضايا من هذا النوع بسبب هوسهم بالصيد أو باقتناء الذخائر الحربية التاريخية، وهذا ما حصل لمغترب جزائري بفرنسا في العقد السابع من العمر، كان يحتفظ بخراطيش تعود للحقبة الاستعمارية سلمها له أحد المجاهدين بفرنسا كذكرى، ولدى عودته للجزائر لغرض الاستقرار فيها بعد حصوله على التقاعد جلبها معه، ولكن بمجرد ولوجه لميناء الجزائر قادما من مرسيليا، ألقي عليه القبض وتم حجز الخراطيش التي كانت بحوزته، ورغم تأكيده على أنها ذكرى أهداه إياها مجاهد جزائري منذ زمن طويل، ولم يكن يعرف أنها ممنوعة ومحظورة من التداول في الجزائر. وقصة أخرى لمغترب جزائري بألمانيا كان يحلم بلقاء أحفاده في الجزائر بعد غياب دام لأكثر من 20 سنة، ومن بين الهدايا التي اقتناها لهم مناظير صيد لم يكن ليعلم أنها ستكون سببا في دخوله السجن في الجزائر، فبمجرد وصوله لميناء الجزائر قادما من ميناء فرنسا ألقي عليه القبض بسبب حيازته للمناظير وعددها ثمانية، ليحوّل للسجن ومن بعدها للمحاكمة بتهمة استيراد سلاح من الصنف الثاني، حيث صرح أنه لم يكن يعلم أن القانون الجزائري يعاقب على ذلك وحتى زوجته وأولاده في ألمانيا يجهلون أنه دخل السجن. هذه عينات بسيطة للعديد من القضايا التي تمت معالجتها أمام المحاكم مؤخرا لمغتربين حلموا بقضاء عطلة الصيف أو زيارة الأهل والأقارب في الجزائر، فكانت نهاية الرحلة وراء القضبان بسبب أسلحة صيد لم يعرفوا يوما أنها ممنوعة. وفي هذا السياق شرح لنا الأستاذ إبراهيم يسبع، محامي لدى نقابة العاصمة بأنه لا يعذر بجهل القانون، مشيرا إلى أن المغتربين بمجرد وصولهم للميناء أو مطار الجزائر فهم يقعون تحت طائلة القانون الجزائري حتى وإن كانت القوانين الأوربية في فرنسا أو ألمانيا أو أي دولة أخرى تجيز حيازة بعض أصناف الأسلحة المخصصة للصيد وتمسح للمغتربين بتمريرها عبر موانئها ومطاراتها.