من شوارع باب الوادي الشعبية إلى بلكور العتيقة مرورا بساحة أول ماي إلى حسين داي إلى الحراش ومن براقي إلى بن طلحة الجريحة، "الشروق اليومي" رافقت سير العملة الإنتخابية وعاينت مدى تجاوب المواطنين مع الموعد الإنتخابي ومدى إقبالهم على المراكز الإنتخابية من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، واستطلعت آراء المواطنين الممتنعين منهم عن الإنتخاب والناخبين الأقلية الذين وجدوا أنفسهم عرضة للسخرية لمجرد أنهم انتخبوا. مراكز الاقتراع في الأحياء الشعبية خاوية على عروشها. الخميس، صباحا، كنا نجول بسيارتنا في شوارع باب الوادى لتفقد مراكز الإقتراع التي فتحت أبوابها أمام الناخبين، كل المحلات مفتوحة المقاهي، مملوءة بالشباب، الأحياء الشعبية مكتظة، نهج العقيد لطفي أكبر شارع في باب الوادي حركة مرور مكتظة به، الأرصفة متزاحمة، نهج باسطا عي بباب الوادي مكتظ بحركة المرور، سوق "الدلالة" التي غزت أرصفة شارع الساعات الثلاث إلى درجة أنه يستحيل على السيارات العبور، الكل منهمك في بيع سلعه، وكأننا لسنا في موعد انتخابي، علقنا بسيارتنا وسط الإزدحام الذي تسببت فيه الدلالة، عندما التقطت آذاننا تعليق أحد المواطنين وهو يقف وسط "الدلالة ويقول لمرافقه "كلهم سينتخبون على لويزة حنون... كلهم أنا متأكد"، وصلنا إلى مركز محمد بوضياف المختلط بشارع العقيد لطفي، أين وجدنا إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية تغطي الحدث وتستطلع آراء المواطنين، المركز يضم ثماني مكاتب تصويت ، ويوجد به 2875 ناخب مسجل تقدم منهم حسب المعلومات التي قدمها لنا رئيس المركز الإنتخابي منذ الساعة الثامنة صباحا غاية الساعة الحادية عشر 12 ناخب وهو ما يعادل 0,04 بالمائة، لم يكن هناك لا من يدخل ولا من يخرج للمركز، من الوهلة الأولى علمنا أن المواطنين غير آبهين بالإنتخاب، خاصة وأن النسب الأولية للمشاركة بدت ضعيفة جدا مقارنة بحجم الكثافة السكانية باب الوادي التي تضم أكبر الشوارع الشعبية في العاصمة، انطلقنا متوجهين إلى مراكز الإنتخاب بساحة أول ماي ، توقفنا عند مركز "عيسات إيدير" بساحة أول ماي، كانت الساعة منتصف النهار، قيل لنا بأن المركز يعتبر من أكبر المراكز الإنتخابية حيث يوجد به 6000 مسجل ويضم 17 مكتبا، غير أن عدد الناخبين إلى غاية الساعة الحادية عشر والنصف يقدر ب 12 ناخب، كما لوحظ به تغيب المراقبين الممثلين لمختلف الأحزاب الوطنية، فمن أصل 24 حزب حضر مراقبو 10 أحزاب فقط. وصلنا إلى مركز عبد الرحمن أحمين للنساء ببلكور، نسبة المشاركة تتحدث عن نفسها، فمن أصل 2456 مسجل بالمركز، لم ينتخب سوى 120 ناخب إلى غاية منتصف النهار، مكاتب التصويت خالية على عروشها إلا من المؤطرين وعناصر الشرطة التي تحرص مدخل المركز، لم نجد ناخبين نتحدث إليهم، حملنا أنفسنا منطلقين نحو الحراش واحدة من أكثر المناطق شعبية، شوارع الحراش مكتظة بالمواطنين، لكن مراكز الإقتراع خالية فمركز "عيسات إيدير المختلط" الواقع بشارع تابونت بلقاسم بقلب الحراش، أحد اكبر المراكز الإنتخابية فهو يضم 15 مكتب ويوجد به 5881 مسجل، إلى غاية الساعة 12 انتخب 460 مواطن حسب السيد عبد الله صغير رئيس مركز الإقتراع هذا المركز. من الحراش انطلقنا نحو براقي، استقبلنا الغبار، و الحجارة المتراكمة على قارعتي الطريق، وحرارة الشمس اللافحة والأرصفة القاحلة، وكأنها ريف من الأرياف أو دوار من الدواوير أو القرى المعزولة، من يزور براقي ويراها على تلك الحال لن يصدق بأنها دائرة واقعة في العاصمة، بمركز أحمد بن عتو بشارع رفيق جعفر شريف ببراقي يوجد 1820 مسجل و 4 مكاتب اقتراع، لكن إلى غاية الساعة الواحدة والنصف استقبل 259 ناخب فقط، وهو ما يعادل 14,23 ، أما مركز 8 ماي 1945 بشارع عبد القادر عبيد ببراقي الذي يضم 4 مكاتب تصويت ويوجد به 1337 مسجل فقد استقبل إلى غاية الساعة الثانية بعد الزوال 81 ناخب. صرخة ناخب من بن طلحة : نريد عملا ..وطرقات معبدة...وأمنا ما كنا لنغادر براقي دون أن نحط الرحال ببن طلحة الجريحة، تلك البلدية التي حفر الإرهاب في ذاكرتها آلاما ومآسي استقبلنا مواطنوها بالشكاوي من الطريق المهترئ ومن غياب شبكة الغاز ومن انعدام الماء الصالح للشرب، وبالشكاوي من الطرق المحفورة، قبل أن نعثر على مركز من مراكز التصويت كدنا نفقد عجلة من عجلات سيارتنا من كثرة الحفر في طرقاتها وشوارعها، التي، حتى الأرصفة لا توجد في شوارع بن طلحة، المواطنين والأطفال والسيارات سواء كلهم يمشون على أرض منبطحة صماء محفورة، وسط الحجارة، والغبار يتطاير في السماء وتغطي طبقات منه أسوار البنايات، وصلنا إلى "مركز بن طلحة الجديدة بمدرسة عبد الحميد ابن باديس المختلط، يقع هذا المركز بحي بن طلحة الجديد المجاور لحي الجيلالي، ويوجد به 5750 مسجل وهو يضم 13 مكتب إلى غاية الساعة الثانية عشر انتخب منهم 600 مواطن وإلى غاية الساعة الثالثة ارتفع عدد الناخبين به إلى 898 ناخب وهو ما يعادل 15,61 بالمائة، وقبل أن نغادر المركز قال لنا أحد الناخبين هذا المركز هو الذي جمعت به جثث ضحايا مذبحة بن طلحة، من أجل تمكين أهلهم من التعرف، قبل أن يتم دفهم في مقبرة سيدي ارزين المجاورة، كان يتحدث إلينا بألم شديد عن ذكريات بن طلحة مع الإرهاب وهو يرافقنا إلى حي الجيلالي، الحي الذي وقعت به المذبحة، أين أبيد أكثر من 500 مواطن، وصلنا إلى الحي وبالضبط إلى مركز، الأمير عبد القادر يضم أربع مكاتب و يوجد به 1156 مسجل، إلى غاية الساعة الثالثة بعد الزوال وصلت نسبة المشاركة به إلى 277 ناخب ما يعادل 23,09 ناخب. ونحن نهم بالخروج قال لنا أحد المواطنين "20 مليار سنتيم منحت لبلدية بن طلحة من أجل بناء الهياكل القاعدية لكن لم يتغير شيء ما زالنا نعيش وكأننا في القرون الوسطى، "أنظروا حالتنا، الإرهاب أتى على ما أتى، وما بقي تكمله الميزيرية، يجب أن ننتخب ربما تتحسن أوضاعنا، نريد السلم، نريد الأمن ، ولهذا ننتخب"، ودعنا سكان بن طلحة ...وحفر بن طلحة وغبارها على أمل أن نجدها في حال أحسن في الإنتخابات المقبلة. جميلة بلقاسم:[email protected]