كشف الحراك السلمي المتكرر كل أسبوع عن الوعي الكبير الذي بات يتمتع به الشعب الجزائري، ومدى حرصه الكبير على توفير الأمن خلال المسيرات وحماية المتظاهرين والحفاظ على حياتهم، وهذا ما اتضح جليا خلال الجمعة الفارط، عندما ساهموا في القبض على مندسين حاولوا إفقاد الاحتجاجات طابعها السلمي من خلال الاعتداء على المواطنين. لم يعد الحراك الشعبي مجرد تظاهر في الشوارع والطرقات، بل تحول إلى قيم ومبادئ راسخة لدى الشباب المتشبعين بهذه القيم السلمية والحريصين على الحفاظ عليها وحماية صورتها الناصعة من المتربصين الذين يحاولون خطف ما أحرزته الجزائر، ولذا سخر الشباب كل إمكانياتهم واستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي لترسيخ هذه القيم من خلال الدعوات والمناشير التوعوية لنصحهم وإرشادهم حول الحراك وما يتوجب القيام به أثناءه وما عليهم تفاديه، وسعوا لتجسيدها بقوة خلال مظاهرات الجمعة السابع عندما قام مندسون بالتشويش على المظاهرات فتجندوا لفضحهم ومساعدة جهاز الأمن للقبض عليهم. وكان بعض الشباب افتعلوا المشاكل وحاولوا الإخلال بنظام المظاهرات نهاية الأسبوع الماضي، لما أقدم شابان على سرقة هواتف نقالة من المتظاهرين مستغلين الزحام الكبير الذي شهدته العاصمة لينفذا مخططهما الإجرامي، في الوقت الذي أخرجت فيه عصابة متكونة من 4 شباب أسلحتهم البيضاء من نوع “كيتور”، وبدؤوا يلوحون بها في الهواء محاولين إثارة رعب المتظاهرين حتى إنهم تسببوا في إصابة البعض منهم بجروح. هذا المنظر غير مألوف ولم يسبق للمتظاهرين مشاهدته طوال سبعة الأسابيع الفارطة، فالمظاهرات المليونية التي أبهرت العالم كانت تتم في أجواء هادئة وسلمية ولم يعتد فيها على أي شخص، هذا الأمر الذي دفع بالشباب إلى تصوير الحادثة بهواتفهم النقالة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يفتضح أمر أعداء الوطن والساعين لتشويه صورة الحراك. ولأن الحس الوطني عال جدا والوعي مرتفع لدى جميع شرائح المجتمع، راح الفايسبوكيون يشاركون صور المعتدين خلال الحادثة على نطاق واسع وكبير كي يتمكنوا من تحديد هويتهم والتعرف عليهم، وبالفعل تم الوصول إلى حساباتهم الفايسبوكية والحصول على جميع المعلومات الخاصة بهم كهويتهم الشخصية من اسمهم وسنهم وحتى الحي الذي يقيمون به، ففي ظرف ساعات أصبحت الصور والبيانات المرتبطة بسيرتهم الذاتية وسلوكياتهم منتشرة في جميع الصفحات وباتوا معروفين لدى العام والخاص، وتزامنت التحريات الفايسبوكية مع التحريات الأمنية التي باشرتها مصالحها وتم القبض على الجناة. وحذر الفايسبوكيون من المندسين الذين يتوقع أن تزداد أعدادهم خلال المظاهرات القادمة، والمرجح أن يكونوا تابعين لفلول النظام من رجال أعمال وشخصيات أزاحها الحراك الشعبي من المشهد العام السياسي والاقتصادي، ودعوا إلى محاسبتهم، لذا يرجحون أن تتمادى هذه الأطراف في افتعال المشاكل والفوضى والعمل على تشويه الحراك السلمي بأعمال عنف واعتداءات على المتظاهرين، غير أن الشعب متفطن لهم وقد تعلم الدرس من ثورات الشعوب العربية التي سبقته. ق. م