يأتي رمضان كل سنة، ويكون فرصة لإحداث تغييرات جذرية على كل الأصعدة، من نفسية واجتماعية ودينية وغيرها، ويتم استغلالها إلى أقصى حد، والجزائريون- مثل سائر المسلمين-يؤثر رمضان حتى على تواصلاتهم الافتراضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في سبيل الوصول إلى أفضل نسخة ممكنة عن النفس. ولأن الكثير لا يمكنهم الاستغناء عن الشبكة العنكبوتية في رمضان، يحاول بعض المدمنين مسايرة الظرف، ومحاولة عدم تضييع وقت العبادة في رمضان، وأول خطوة اتبعوها هي تغيير واجهات الصفحات والجروبات ومحاولة إعطاء الحسابات صبغة دينية، وهي الفكرة التي ما تفتأ تلاقي استحسانا عند الناس، الذين يتبنونها مطلع كل شهر كريم، في محاولة للصوم الإلكتروني، وكخطوة لمضاعفة الأجر وربح الثواب. ويحاول معظم الأئمة والدعاة ورجال الدين تحفيز الشباب للصوم الإلكتروني، إما عن طريق خطب صلاة الجمعة وحتى بعض الدروس الدينية المحفزة التي تنشط من خلالها الحلقات. وفي ذات الإطار، تزينت معظم الصفحات بعبارة “اللهم بلغنا رمضان”، وعبارة “اللهم إني صائم”، فضلا عن الأهلة والخلفيات الدينية والرمضانية الجميلة، وهناك بعض الصفحات شرعت في نشر كل ما هو ديني والبعد العكسي للشهر الكريم، وأخرى تنشر فيديوهات رمضانية وحتى النكت اتخذت صبغة رمضانية رائعة. وككل رمضان، لا مفر من صفحات الطبخ التي تعدت الطبخ لتصل إلى كيفيات التحضير للولائم وموائد الإفطار وأخرى تحث على صلة الرحم وتبادل الزيارات. دون أن نغفل صفحات جمع “قفة رمضان”، التي تعود كل سنة بقوة أكبر وعزم مضاعف، حتى تتساوى النفوس والبطون في الشهر الفضيل، كخطوة نحو التآلف والترابط. ونحن نجري عددا من الاتصالات الهاتفية لعدد من رجال الدين والأئمة، وقفنا على استعداداتهم لإطلاق خطب ودروس تدعو الشباب عموما إلى ضرورة الصيام الإلكتروني من كونه أمرا محبوبا ومطلوبا. وفي سياق متصل، يقول “الشيخ نور الدين”، إمام مسجد، إن مثل هذا التصرف من شأنه الرقي بالنفس البشرية والوصول بها إلى أرقى المراتب الممكنة نفسيا، ويقربه من الخالق. ويوافقه الرأي “الشيخ أحمد”، إمام وخطيب مسجد بالرويبة، الذي يرى أنه حتى في حال عدم القدرة على مفارقة هذه المواقع، يستثمر المسلم في ذلك ويحاول كسب الأجر والوقت، ويحاول قدر المستطاع التقرب بالعبادات، سواء من خلال الدخول في تجمعات للذكر وللاستغفار، ومن لم يستطع فعل هذا، ما عليه إلا أن يتوقف عن زرع الفتن وتبادل الصور الخادشة للحياء والاكتفاء بالجانب الديني، فرمضان فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة كل سنة.