تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مئات الحسابات لجزائريات، اخترن هذا الفضاء للتواصل مع جماهير واسعة، لغرض تحقيق الشهرة، أو الربح. بعض هذه الحسابات استطاعت بالفعل أن تحقق مبتغى صاحباتها، بفضل العمل الجاد والدؤوب على تقديم محتوى مهم ومفيد، وبعض تلك الحسابات تمكنت من حشد جمهور عريض من المتابعين من كلا الجنسين، وجعلت من صاحباتها شهيرات لمجرد أنهن ينشرن تفاصيل يومياتهن وحياتهن الخاصة، ويستعملن أزواجهن وأبناءهن لبلوغ نسب مشاهدة خيالية من جمهور يعشق اقتحام الخصوصيات. حسابات عامة على أنستغرام تضم مليونا إلى ثلاثة ملايين متابعة، وفيديوهات على قنوات يوتيوب تحصد ملايين أخرى من المشاهدات، فقط لأن عناوينها كالتالي: (“رحلتي مع زوجي إلى..”، “عيد ميلاد ابني..”، “بايبي شاور في بيت العائلة”، “مقتنياتي أنا وزوجي..”، “تعرفوا على أثاث غرفة نومي”…)، فجمهور المتابعين لمواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، حسب أخصائيين ودارسين، هو جمهور شغوف لاقتحام الخصوصية، ولديه قابلية عظيمة لاتخاذ القدوة، أو بتعبير آخر لديه قابلية لأن يصنع من شخصيات عادية، مشاهير وقدوة في أسلوب العيش، ومن هنا تبدأ رحلة الإدمان على تقفي كل تفاصيل حياتهم، وتتبع كل ما يقمن بنشره، وهذا ما يشجع أكثر أصحاب الحسابات، على كشف المزيد من خصوصياتهم. من قناة طبخ إلى مدونة شخصية تضم قرابة مليوني متابعة ظهرت قبل أيام، على المباشر، إحدى المدونات على شبكة الإنترنت، لتروي لمتابعاتها كرونولوجيا وجودها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد محاولة اقتحام حسابها من قبل الهاكرز. وفي خضم هذا، سرحت بأهم الأسباب التي جعلتها تنتقل من قناة طبخ ونصائح إلى مدونة شخصية، تنشر فيها أدق تفاصيل حياتها اليومية، تقول: “بدأت النشر عبر قناة على اليوتوب، سنة 2011، كنت أضع فيديوهات لوصفات طبخ جربتها، وأحيانا صورا، ونصائح صوتية بخصوص بعض الأغراض التي اقتنيها، للمنزل والديكور، تزايد عدد المتابعات بشكل ملحوظ، وفي كل مرة، كانت تصلني مراسلات تمتدح ذوقي، وبعضها تساؤلات من أين أقتني الأواني والأفرشة وقطع الديكور والأثاث، ففكرت مع الوقت أن أنشر صورا لكل ما أقتنيه عبر حسابات فايسبوك وأنستغرام…”، هذه المدونة ونظيراتها اللواتي أصبحن كثرا في العالم الافتراضي، طلب منها جمهورها تدريجيا إبداء المزيد عن تفاصيل حياتها، ولم يكن أمامها سوى المواصلة للحاق بالركب السريع لميدان التدوين في الجزائر، لتحقيق الربح، بدل فقدان المتابعين، وينتهي الأمر بمطالبتهن بالظهور، وكشف وجوههن ووجوه أبنائهن وأزواجهن الجدد. رحلة إلى غرفة نومي قبل فترة قصيرة فقط، كانت فيديوهات المدونات تنحصر في زاوية ضيقة من المطبخ، ثم تجاوزت ذلك إلى السيارة، إلى مرآة الحمام، حيث يطبق وينزع المكياج.. أما بعد احتدام المنافسة، وتحول التدوين من هواية للترفيه عن النفس، وإقامة العلاقات، إلى وسيلة للشهرة والربح، فلم يعد هنالك من حرج، أن تتجول كميرا اليوتيوب والأنستغرام مع صاحبتها في السوق، أو في أفراح العائلة، وحتى في غرفة النوم، وفوق السرير، وأمام الدولاب، لقد أصبح اليوم بإمكان المتابعين المتعطشين إلى اكتشاف الحياة الخاصة للمدونين، حتى معرفة ترتيب خزائنهن، وأين يضعن مجوهراتهن وأغراضهن الحميمية، ومتى يعود أزواجهن من العمل، وما هي أطباقهم المفضلة.. محتويات، نادرا ما تقدم إضافة مفيدة للمتتبعات، سوى كونها انعكاسا افتراضيا للواقع الذي في الغالب يكون مختلفا. روتيني في بيت أهل زوجي متى أصبح المتابعون يعلمون، ويشعرون حتى بفترات الخلافات الزوجية التي تمر بها المدونات، لا تجد هذه الأخيرة مشكلا في نشر تفاصيل زيارتها إلى بيت زوجها، وكشف نمط حياتهم، إذ إن مثل هذه العناوين تعتبر اكتشافا ومحطة للتشويق والفضول الجارف، فالجميع ينتظر رؤية مكان إقامة زوج فلانة، ومن أي نوع هي عائلته التي تتقبل دخول كاميرا تدوين إلى شقتها؟