غابت الجزائر عن فعاليات أيام الشارقة المسرحية العربية التي شارك فيها أكثر من 35 شخصية ثقافية ومسرحية من الوطن العربي. الندوات الثقافية التي أقيمت على هامش المهرجان، تناول فيها المشاركون من الفنانين العرب في مجال المسرح عدة قضايا ثقافية وفكرية مهمة تتعلق بمجال المسرح العربي في واقعه ومستقبله، ومن بين المحاور "الفرق المسرحية بين الهواية والاحتراف" و"الديمومة والتفاعل والتمايز" و"المسرح الشعبي الجماهيري".هذا الموعد الثقافي العربي الكبير، رغم أهميته، وبالذات النتائج التي توجت أشغاله من خلال المشاريع التى تم إبرامها بين العديد من الفرق المسرحية العربية والتي تدخل في إطار برنامج الهيئة العربية للمسرح، وهي المشاريع التي ستمول من العديد من الهيئات والمنظمات الثقافية الدولية، غير أن ظاهرة غياب الجزائر تتكرر هذه المرة في مجال المسرح الذي يبقى بحاجة الى فضاءات دولية مهمة للاحتكاك وتبادل التجارب واكتساب الخبرات، خاصة وأن الجزائر مازالت في حاجة الى مثل هذه التجارب، إضافة الى اكتساب الخبرات والفنيات الجديدة في مساحة الركح العربي، زيادة على كون مثل هذه المناسبات الكبيرة تتيح الحضور المتميز لكبار صنّاع المشهد المسرحي العربي، والذين يستغلون هذه المناسبات لبناء علاقات ومشاريع بامكانها إضافة المزيد من الإثراء إلى المشهد الثقافي العربي.ولكن يبدو أن القائمين على المشهد الثقافي الجزائري يفضلون ممارسة سياسة الهروب من حضور المشاهد الثقافية العربية، والحرص على تلك المراسيم البروتوكولية الرسمية، التي تقام في الاجواء المغلقة بعيدا عن تفاعل الجمهور العريض. المهم في كل هذه التقاليد التي يرسّخها المشرفون على مصير الثقافة الجزائرية من شأنها إلحاق المزيد من الأضرار وتعميق التشوهات في جسد المشهد الثقافي الجزائري، وتساهم في توسيع مسافة ابتعاد الثقافة الجزائرية عن محيطها العربي وهو المحيط الحيوي والاستراتيجي، ومن شأن هذه السلوكات أن تضرب عرض الحائط ما يقول هؤلاء إنه إنجاز مهم لتظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، فهل يأتي اليوم الذي نشاهد فيه تواضع هؤلاء ورجوعهم الى استماع صوت العقل ومنطق النقد الذاتي الذي يحرص الكثيرون على إسدائه الى هؤلاء بهدف واحد هو خدمة الثقافة الجزائرية وحمايتها من مثل هذه التقاليد والقيم البالية..