استنفرت الحكومة أربع وزارات لإيجاد حلول مستعجلة لما بات يعرف ب”أزمة الحليب”، وهي وزارة التجارة والصناعة والفلاحة إضافة لوزارة المالية، وبمشاركة من جميع المتدخلين في القطاع، الديوان الوطني للحليب وممثلي الموزعين والتجار وجمعيات حماية المستهلك. وخرجت النقاشات بمجموعة قرارات استعجالية، أهمها إصدار تطبيق الكتروني لتتبع مسار غبرة الحليب التي تصرف عليها الدولة 35 مليار دينار، مع ضبط قائمة الموزعين والملبنات. عقدت وزارة التجارة، لقاءين خلال أسبوع واحد “الثلاثاء والخميس”، لتدارس “أزمة الحليب” والتي تفاقمت حدتها، بعد الجدل الذي حصل بين وزير القطاع كمال رزيق وموزعي الحليب. وحضر الاجتماعيْن ممثلون عن أربع وزارت، وهي التجارة والفلاحة والصناعة والمالية، إلى جانب جميع المتدخلين في شعبة الحليب، وعلى رأسهم الديوان الوطني للحليب، ممثلي التجار والموزعين والمستهلك. وحسب رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الطاهر بولنوار، الذي حضر لقاء الخميس، والمتعلق بمراقبة التموين بالمواد الغذائية الأكثر استهلاكا، فأكد إشراف وزير التجارة كمال رزيق على اللقاء، الذي ضمّ أيضا الوزير المنتدب للتجارة الخارجيّة، حيث طرح الحضور اشكاليات كثيرة، ومن أهمّها غياب التوازن الجغرافي في مصانع التحويل، وفي توزيع المادة الأوّليّة (غبرة الحليب)، غياب بطاقية وطنيّة للموزّعين وتجّار التجزئة، وضعف هوامش الرّبح لدى الموزّعين وتجّار التّجزئة. كما اشتكى ممثلو التجار، قلة مصانع تحويل الحليب والتي يبلغ عددها 117 فقط، منها 102 تابعة للخواص و15 تابعة للقطاع العام، حيث تم إحصاء 2474 موزع حليب عبر الوطن. وخلص اللقاء، إلى ضرورة استحداث نظام معلومات، يسمح بمتابعة مسار مادة الحليب خلال جميع مراحل الإنتاج والتوزيع، مع إعادة النّظر في بطاقيّة توزيع غبرة الحليب، مع مراعاة التوزيع الجغرافي والكثافة السكانية، وإعادة النّظر في المرسوم الخاص بهوامش الرّبح بالنسبة للمحوّلين والموزّعين وتجّار التجزئة. كما دعا الحضور، إلى العمل على تحسين نوعية الحليب في مرحلة أولى، ثمّ تعويض أكياسه البلاستيكيّة بعلب ورقية أو قارورات زجاجيّة في مرحلة ثانية، والتأكيد على منع البيع المشروط بمادّة أخرى سواء على مستوى مصانع التّحويل أو شبكات التوزيع. وزارة التجارة تعمل في “صمت” وأكد رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الطاهر بولنوار في تصريح ل”الشروق” الجمعة، بأن ممثلي مصانع الحليب، أكدوا بأن مادة الحليب ستكون متوفرة وبكميات كافية، خلال شهر رمضان المعظم، ومُرحبا في الوقت نفسه، بتجند الحكومة لحل أزمة الحليب الحاصلة، والتي راح ضحيتها المواطن البسيط، في ظل غلاء الأنواع الأخرى من الحليب من غير المدعم. من جهة أخرى، أكد مصدر من وزارة التجارة ل”الشروق”، بأن وزارة التجارة، انطلقت مبكرا في التحضير لشهر رمضان، تجنبا لحصول “مشاكل غير متوقعة”، كما كشف بأن الملبنات ستوضع تحت رقابة صارمة من الدولة، لمعرفة وجهة غبرة الحليب، والتي تصرف عليها الدولة 35 مليار دينار من خزينة الدولة، حتى يصل كيس الحليب للمواطن بسعر مدعم لا يتعدى 25 دج. وتساءل “أين تذهب غبرة الحليب، هل أضحت تستعمل في صناعة مشتقات الحليب، أو تُهرب خارج الحدود ؟؟”. وأكد المتحدث بأن وزارة التجارة، تعمل على إعداد مخطط طريق، لإيجاد حل لأزمة الحليب، المتكررة سنويا. ومن أهم الإجراءات التي ستطبق قريبا، استحداث نظام معلوماتي رقمي، لتتبع مسار غبرة الحليب، فالنظام يضم قائمة بمصانع الحليب وأسماء الموزعين، يتم فيه تدوين جميع المعلومات بدءا بكمية غبرة الحليب التي تتلقاها الملبنات، وصولا الى كمية الحليب التي يحصل عليها كل موزع ووِجهتها، مع العدل في توزيع الحليب على المناطق، وحسب الكثافة السّكانية. وأكد أن وزارة التجارة تدرس ملفات قرابة 92 ملبنة عبر الوطن، ومدى توفر الشروط فيها لمنحها غبرة الحليب، وبأن قائمة بأسماء جميع الموزعين عبر الوطن يتم إعدادها، لتنشر عبر الموقع الرسمي لوزارة التجارة، ولمديرياتها عبر الوطن. وبخصوص المطالب حول رفع هامش الربح للموزعين وأصحاب المحلات، أكد مصدرنا “أن الأمر سيتم دراسته على أعلى مستوى بالحكومة”، أما بشأن زيادة كمية غبرة الحليب للملبنات، ردّ “الكمية الموزعة حاليا كافية جدا، لو يتمّ استعمالها 100 بالمائة في وجهتها الأصلية وهي أكياس الحليب المدعمة”. واستغرب محدثنا، من ظاهرة سطو بعض أصحاب فنادق خمسة نجوم وأصحاب المقاهي، على أكياس الحليب المدعمة الموجهة للمواطن البسيط، حيث قال “في فندق فخم أو مقهى بحي راق تشرب قهوة بالحليب بمبلغ يتعدى 400 دج، وهي في الأصل ممزوجة بحليب مدعم… هذا عيب وعار وسرقة لأموال الشعب” على حد تعبيره. ومعلوم، أن وصف وزير التجارة كمال رزيق، لبعض الموزعين ب”العصابة ” وما أثارته تصريحاته من جدل وبلبلة في المجتمع، الأمر جعل الحكومة ومن خلفها وزارة التجارة، تقرر العمل على حل أزمة الحليب ب”صمت”، حسب تأكيد رزيق، وبالتعاون والتحاور مع جميع المتدخلين في الشعبة.