تتوالى يوميا وفيات وإصابات الأطباء ومستخدمي الصحة في مختلف المؤسسات الاستشفائية عبر ولايات الوطن بفيروس كورونا، أثناء تأديتهم لواجبهم في إنقاذ أرواح المرضى عبر مصالح كوفيد 19، فالوباء لم يرحم أحدا، لا مسؤولين ولا أعوانا.. الجميع يتساوى أمام الفيروس19 والخطر يتربص بكل واحد، مهما اعتقد نفسه في مأمن من ذلك. بكثير من الألم والحزن يستقبل الجزائريون والأطقم الطبية أخبار فقدان زملاء لهم بعد صراع مع الفيروس الذي حاربوه بكل ما استطاعوا من جهد، مضحين بحياتهم في سبيل إنقاذ المرضى، لينقلهم التاريخ إلى قوائم شهداء الشرف والواجب. أطباء وممرضون وسائقون وأعوان أمن ونظافة ومدراء مستشفيات ومدراء صحة.. جميعهم باتوا ضمن ضحايا الإصابات بالفيروس القاتل الذي ساوى بين الرئيس ومرؤوسه، فقط لان الخطر ظل قائما نتيجة استهتار بعض المواطنين الذين لا يلتزمون إجراءات الوقاية فيوقعون أنفسهم وغيرهم في الخطر والموت المحقق. وأفاد إلياس مرابط، في تصريح ل"الشروق اليومي"، أن عدد إصابات كورونا في مختلف الأسلاك المهنية في الصحة تجاوزت عتبة الألفين حالة منذ ظهور الوباء، في حين بلغ عدد شهداء الواجب أكثر من 42 شخص انتقلوا إلى جوار ربهم متأثرين بإصاباتهم، 50 بالمائة منهم من السلك الطبي بما فيها وفيات من القطاع الخاص. وقال مرابط: "بكثير من الأسف والألم والحزن نعزي أنفسنا وعائلات من فقدناهم من الزملاء منذ بداية الوباء في مختلف الأسلاك المهنية ونخص بالذكر مهنيي قطاع الصحة". ودعا مرابط إلى ضرورة التحرك العاجل وتكثيف الجهود لعدم تسجيل إصابات جديدة وذلك مرتبط، حسبه، بوعي المواطن واحترامه لإجراءات الحماية والوقاية فالأغلبية لا يلتزمون بها رغم بساطتها وفي مقدمتها ارتداء الكمامات خارج المنزل وفي الفضاءات المغلقة والتي يكثر فيها الاحتكاك بالآخرين وكذا في وسائل النقل. وأوضح مرابط أن ارتداء الكمامة يحل 80 بالمائة من مشاكلنا مع انتشار كورونا ويقطع سلسلة انتقال العدوى فهي تحمي مرتديها ومن حوله. ودعا رئيس نقابة مستخدمي الصحة زملاءه إلى ضرورة الصبر على الأوضاع الصعبة التي يعايشونها يوميا مؤكدا مرافقة النقابة ونضالها من اجل تحسين الظروف العامة. وقال مرابط: "نندد بنقص الإمكانيات ونرافع من أجل استفادة زملائنا من عطلة قصيرة فاغلبهم لم يرتح منذ 5 أشهر ويعملون في ضغط يومي" وأضاف " تقدمنا بشكوى لدى وزارة الصحة من اجل تمكين الزملاء في الميدان من عطلة لأسبوعين على الأقل يستعيدون فيها أنفاسهم بالإضافة إلى تناوب الأعوان في تأدية مهامهم. وكذا تخصيص أماكن للراحة لهم في فنادق حماية لهم ولعائلاتهم من انتقال عدوى الفيروس." وطالب مرابط وزارة الصحة والقائمين عليها بمنح الأولوية في تشخيص الكشف عن كورونا بتقنية " البي سي آر" لمهنيي الصحة وهو المطلب الذي ترفعه النقابة منذ بداية الوباء غير أنه للأسف لم يكلل بالاستجابة، مجددا الطلب لأنه بات ضروريا في وقت نفقد فيه أفرادا من الجيش الأبيض المرابط في المستشفيات لمنع انتشار الوباء." من جانبه، أثنى البروفيسور سوكحال عبد الكريم المختص في الأمراض التنفسية وعضو اللّجنة العلمية لمتابعة ورصد تفشي كورونا على تضحيات الأطباء في الميدان الذين ذهبوا في بداية الأزمة للحرب دون تردد، معترفا بتسجيل بعض النقائص في توفير وسائل الحماية والوقاية. وقال البروفيسور سوكحال إن اللجنة أحصت أكثر من 1700 عدوى في الأوساط الصحية، فالوباء كما أوضح معقد جدا ومجهول ولا يمكن لأحد معرفة تفاصيل كاملة عنه فالدراسات تتطور يوما بعد يوم وتكشف حقائق جديدة. وقال سوكحال: "البعض يكذب وينكر وجود وباء كورونا..كم من الضحايا يموتون لكي يقتنع هؤلاء أننا في حرب علاجها الوحيد هو الوقاية والالتزام بالكمامات والتباعد والغسل الجيد للأيدي".