من أرض تتوسط العالم، تدعى (مصر)، جاءت (كارمن سليمان)، مصرية الجنسية، إلى برنامج Arab Idol ل 2012، مُحّملة برسالة وطنية وفنية، لا تشبهها باقي الرسالات.. حازت تعليقات إيجابية من لجنة التحكيم، لم يحصل عليها أي من المشتركين، فهي التي سيظل صوتها في أذن (حسن الشافعي) كل العمر، بعد غنائها "مقادير"، لوردة الجزائرية. وهي التي صفّت في مصاف النجوم الكبار، في عيون (أحلام)، التي لم يَخَفْ (راغب علامة) على الفن العربي من بعدها، والعديد من التعليقات الجميلة الأخرى.. إنها كارمن سليمان، التي تحمل ملامح طفولية، وصوتا عذبا، منحها تأشيرة الدخول إلى قلوب كل محبي الغناء في العالم العربي. قال عنها أهل الفن إنها صاحبة صوت ذهبي وموهبة متميزة.. أما معجبوها، فوصفوها بالنجمة المقبلة، حاملة لقب محبوبة العرب، من خلال برنامج أراب آيدول في موسمه الأول، التقينا بها في حوار صريح وخاص لمجلة الشروق العربي، أطلقت عليكِ ألقاب كثيرة، وتشبيهات بالجملة.. فما الذي لفتكِ في هذا الموضوع؟ في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن الفنانة الكبيرة إسمهان هي مثالي الأعلى، لكنني لا أستحق التشبّه بفنانة كبيرة وعظيمة بهذا الحجم. وبطبيعتي، مهما تعددت الألقاب والتسميات، فإنني سأبقى كارمن سليمان، الفتاة المصرية، العاشقة للفن، من دون أي تصنيف أو توصيف. ألن تحملي لواء الأغنية المصرية مثل الكثيرات في مصر؟ أنا أحمل الأغنية الجميلة، التي تليق بصوتي، وأميل إلى الغناء الطربي، الذي يظهر مقدرات صوتي. المهم عندي هو الكلمة الحساسة واللحن المؤثر، ولا ألتفت إلى الرد على آراء الآخرين، لأنني أحترم كل الآراء.. ثم من الجيل الجديد لا أحد حمل راية الأغنية العربية. ما هي مفردات النجاح التي تعتمدينها في مسيرتك الفنية؟ في داخلي إحساس بأنّ الناس يشتاقون إلى الفن الراقي. لذا، أضعه هدفا أمامي. وأحاول أن أوظّف موهبتي وكل مقدراتي من أجل بلوغه. سنوات مرت على حصولك على لقب محبوبة العرب في برنامج أراب آيدول، ولا يزال لقب كارمن سليمان في نجاح مستمر.. ما الذي تغير في حياتك بعد تحقيق الشهرة والنجاح؟ حياتي تغيرت بشكل كامل، إلا أن شخصيتي ومبادئي لم ولن تتغير. لكن، أكثر شيء أزعجني ولم أتوقع حدوثه، بعد حصولي على لقب نجمة «أراب آيدول»، هو تعامل أصدقائي المقربين معي كنجمة مشهورة، وليس كصديقتهم التي يعرفونها منذ سنوات، وهذا الأمر أثار دهشتي واستيائي، ودفعني إلى مطالبتهم بالتعامل معي بشكل طبيعي، كما كان يحدث من قبل. أنا لست ضد أي نوع من الموسيقى، لكنني ضد الابتذال والكلمات البذيئة التي تقال كيف تختارين أغانيكِ بشكل يرضيكِ فنيا ويتواكب مع العصر؟ أحاول أن أنتقي الكلمات التي تحمل عمقا في معانيها، وفي الوقت نفسه، تكون سهلة في النطق والفهم، وكذلك في الحفظ، وأحاول بقدر الإمكان الابتعاد عن الكلمات المبتذلة. دائما تسبحين عكس التيار في أعمالك، فهل هذا سر تميزك؟ أحب أن أصنع لنفسي لونا غنائيا مختلفا عن الآخرين، يضيف لي.. فلا أحب أن أسير مع التيار الذي لا يتوافق مع شخصيتي. غنيتِ شرقيا وغربيا وخليجيا وهنديا، وهذا ما يمكن أن يعتبره البعض شمولا، وآخرون يرونه تشتتا في الأفكار... كارمن سليمان كيف تراه؟ لا أراه تشتتا فكريا، لكنني أهوى التنوع وعدم التكرار، وتقديمي الألوان الغنائية المختلفة، يمنحني ثقلا فنيا. والفن لا ينص على الالتزام بتقديم نوع واحد، بل هو شيء نابع من القلب؛ كي يصدقه الجمهور ويعجب به، ولو كان التنويع تشتتا لما تنوعت أميرة الطرب وردة الجزائرية بأغانيها، بين الخليجي والليبي والمصري والجزائري، ونفس الشيء للشاب خالد، الذي أهنئه على نجاح أغنيته الأخيرة مع تامر حسني. وما رأيك في أغاني المهرجانات؟ أنا لست ضد أي نوع من الموسيقى، لكنني ضد الابتذال والكلمات البذيئة التي تقال، سواء في المهرجانات أم أي لون آخر. بعد تنصيب كارمن سليمان سفيرة لمستشفى بهية... ما الدور المجتمعي الذي تقومين به من خلال هذا المنصب؟ تقديم كل الدعم النفسي والمادي للمحاربات بشكل دائم، وسعيدة بأن مصر لديها مستشفى كبير، مثل مستشفى بهية، الذي يوفر سبل الدعم كافة لمريضات سرطان الثدي، كما أنني عندما استمعت إلى قصص عدد كبير من المحاربات، وكيف تغلبن على المرض في رحلة علاجهن داخل المستشفى، شعرت بأن أي مشكلة في الدنيا تهون أمام آلام المرض. سأحقق ذاتي لأنني حققت في السابق انتشارا لاسمي وليس لأغنياتي في رأيك، هل يستطيع الفنان أن يصل إلى ما يصبو إليه بصوته فقط؟ أعتقد أن الوصول إلى غاية أو تحقيق هدف هو حظ، لأن غير ذلك من المفترض على الفنان أن يعمل على نفسه أيضا، وأن يعمل من وجهة نظره وما يرتاح فيه، فأنا منذ تركت برنامج أراب آيدول، حصلت معي ظروف شخصية أبعدتني قليلا عن الساحة الفنية، ومع هذا، كنت أحاول أن أبقى موجودة، ولا أزال أحاول الصعود، لأنني لا أقبل الرجوع إلى الخلف، فأنا من الآن فصاعدا سأحقق ذاتي، لأنني حققت في السابق انتشارا لاسمي، وليس لأغنياتي، والآن، أعمل على أن تحقق أعمالي الغنائية الانتشار اللازم. ما رأيك في اتجاه بعض المطربين إلى الغناء بلغات أجنبية كوسيلة للوصول إلى العالمية؟ الوصول إلى العالمية ليس معناه أن يغني الفنان بلغة أجنبية، فنجوم الراي عندكم بالجزائر نجحوا وحققوا العالمية بغنائهم فن الراي الجزائري، وهذا في اعتقادي شرف للفن الجزائري. مع احترامي لمن غنوا الأجنبي، وحاولوا الوصول إلى العالمية. ولا يمكن أن أنسى ما حققه الفنان تامر حسني، وتقديمه دويتوهات مع مطربين كبار، أمثال شاغي وسنوب دوغ، فهو استطاع أن يرفع اسم بلاده من خلال هذه الخطوة. وماذا عن كارمن.. كيف تنظرين إلى العالمية؟ لا يوجد فنان لا يحب أن يكون عالميا، وأتمنى أن أكون عالمية بالفعل، ولكن في نفس الوقت، هذا الموضوع ليس له هوس عندي، فأنا أعيش يوما بيوم في عملي، وكل خطوة تفتح أمامي بابا جديدا، فيمكن في يوم ما أن ينفتح لي باب العالمية.. لا أحد يعرف، ولكن المهم عندي أنني استطعت أن أحقق نجاحا كبيرا. لماذا لا تفكرين في دخول عالم التمثيل؟ التمثيل بشكل عام لا أفكر فيه حاليا، لأن كل تركيزي في الغناء، وأبحث عن كل جديد في هذا المجال. وهذا لا يعني أنني لم أفكر في خوض تجربة تمثيلية كاملة، لكنني أنتظر الوقت المناسب، وقررت تأجيل الفكرة. ما شعور كارمن سليمان ب «أمومة»؟ أصبحت أفضل بكثير، ولا أستطيع بالكلام التعبير عن كل ما أشعر به، لكنني سعيدة جدا بشعور الأمومة، فعندما رزقت «زين» تغيرت كثيرا إلى الأفضل، ودائما ما يُخفف عني أي مجهود، عندما أنظر إليه بعد يوم مرهق، وأحمد الله على وجوده في حياتي، لأنه يجعلني سعيدة دائما. كيف تترجمين سعادتك في الواقع؟ أنا سعيدة باستمرار، وأقلب دائما الأحداث السلبيّة إلى إيجابيّة. لم أتمسك يوما بمقولة "انتهت الحياة بنظري وانهار المنزل فوق رأسي". هناك أشخاص يتشاءمون كثيرا، ولديهم "ذبذبات" سلبيّة، أمي علمتني أن أبتعد عن السلبيين، ولا أدع لهم مجالا للاقتراب منّي، سواء أكان ذلك في عملي أم في حياتي اليومية. كل النّاس الذين يحيطون بي، من أهلي وأصدقائي ومن يعملون معي، يملكون ذبذبات جميلة. أعترف بأني فنانة مغامرة جدا ولا أخاف من الفشل لمن تدينين بالدعم الكامل لك طوال السنوات الماضية؟ في البداية، لأبي وأمي، اللذين سانداني في كل خطوة، بعدها جاء زوجي مصطفى، الذي أحرص دائما على استشارته في أي خطوة أتخذها، وكذلك أشقائي، فمن الممكن أن أقول إن أهلي هم أحد أسباب نجاحي، هذا إلى جانب اجتهادي وإخلاصي لعملي. هل شعرت بالندم تجاه أي قرار أو خطوة؟ الأمر لم يصل إلى حد الندم، لكن أحيانا عندما أشاهد بعض أعمالي لا أشعر بالرضا عنها، لأنني كنت أتوقع أن تظهر بشكل أفضل، لكنني لست نادمة أبدا، لأنني أتعلم من أخطائي. لو لم تكوني فنانة لكنت… لا شيء آخر، لأنني لا أبرع في أي عمل في حياتي سوى التمثيل والغناء. ألا تخافين من الحسد بعد كل ما حققته؟ لا أخاف من الحسد في الحقيقة، لأنني مؤمنة جدا، ومادام لدى إيمان فلا شيء يهزني، ولا شيء يجعلني أخاف، وأعرف أنه يوجد شيء اسمه "عين" و"حسد"، لكن، أنا لا أركز في هذا الموضوع، ولا أفكر فيه، لأن الإنسان كلما فكر في هذا الموضوع يتأثر سلبيا، فأنا أتوكل على الله، ولذلك عندي ثقة بنفسي وقدراتي ورؤية لمستقبلي، وفي نفس الوقت، عندي إيمان بأن الله سوف يساعدني وينير لي طريقي، فأنا أعتبر أن الإيمان بالأشياء الحلوة في الحياة هو أكثر رد على الحسد. يقال إن كارمن تعشق المغامرة؟ أعترف بأنني فنانة مغامرة جدا، وأحب المغامرة في عملي، ولا أخاف من الفشل، وأكيد هناك أناس تحب ما أقدمه وأناس لا تحبه، وهذا الشيء طبيعي، وأنا أتقبله دون غضب، وأنا في رأيي أن الفنان إذا لم يكن مغامرا فهو ليس فنانا حقيقيا. وهل أنت راضية عن نفسك؟ طبعا، أكيد، راضية عن هذه الإنسانة، بالرغم من أن هناك بعض الناس تسيء فهم بعض أعمالي، ولكن هذا الشيء عادي، ولا يخيفني أبدا، لأنهم مع الوقت سوف يفهمون ما أفعله. كيف تتعاملين مع فيروس كورونا المُستجد؟ رفعت حالة الطوارئ في المنزل، وقمت بتطهير الأسطح والأرفف بالمطهرات والكحول، وألتزم بتعليمات منظمة الصحة العالمية بشأن الحماية من الفيروس؛ عن طريق غسل الأيدي كل عشرين دقيقة بشكل مستمر، والبقاء في المنزل، وتجنب التجمعات الجماهيرية، وشرب السوائل الساخنة. وكيف تمضين أوقات الحجر المنزلي؟ أنا من هواة المطبخ، ووجدت فترة الحجر المنزلي فرصة لإعداد المأكولات الهندية المفضلة لديّ. بمَ تنصحين الجمهور لتفادي فيروس كورونا؟ أولا، بألا يخشوا من المرض؛ لأن القلق الزائد يضعف استجابة الجسم المناعية الطبيعية، والفيروس يحتاج إلى مناعة قوية لمحاربته، ولكن، علينا الأخذ بالأسباب والاحتياطات، وتطبيق تعليمات منظمة الصحة العالمية، في ما يخص النظافة؛ بغسل الأيدي جيدا، وتناول الخضراوات التي ترفع الزنك وفيتامين C، والالتزام بقرارات الحكومة؛ بالبقاء في المنزل؛ حفاظا على سلامتك وسلامة الآخرين، ونتمنى أن تمرّ هذه المحنة على خير دون خسائر في الأرواح.