محمد يعقوبي:[email protected] اكتشف الأمريكان ومعهم الحكومة العراقية متأخرين أن المترجمين الذين يقومون على خدمة الجيش الأمريكي يتحملون القسط الأكبر من مسؤولية التعفين والطائفية والتفجيرات، فهم واسطة غير أمينة لعبت دورا سلبيا في تأجيج الحرائق في وطن يحترق أصلا، ولذلك بدأت التقارير الأمنية الأمريكية تفضح هؤلاء المسعرين للنار، فهم يتجاوز تعدادهم الألفي 2000 مترجم. نصفهم من جنسيات عربية "مصرية خصوصا" والنصف الآخر عراقيون تطغى عليهم التريبة العرقية، ولم تتردد التقارير الأمريكية في القول أن مشكلة المترجمين من جنسيات عربية أنهم لايستوعبون اللهجة العرقية ورغم ذلك لا يترددون في نقل أي كلام من الأهالي إلى الجيش المحتل مما يترتب عليه أحيانا ردود فعل عنيفة بسبب عدم "مسؤولية" هؤلاء المترجمين الذين لا همَّ لهم سوى دولارات الجيش الأمريكي، أما المترجمين العراقيين ممن يفهمون جيدا مشاكل الأهالي. فأغلبهم "حسب تلك التقارير" غارق في تصفية الحسابات العشائرية وفي الكثير من الأحيان يُقوِّلون الأهالي ما لم يقولوه إمعانا في الرؤية الانتقامية التي ينظرون بها إلى مخلفات النظام العراقي السابق، فهم يصبون الزيت على النار ولا يتورعون في "تحريش" المحتلين ضد الأهالي بدوافع عشائرية محضة، وتفضح تلك التقارير الكثير من الأدوار المشبوهة فتقول أن بعضهم يطرحون على الأهالي أسئلة لم يطرحها الجيش الأمريكي ويقولون للأهالي أجوبة خطيرة تسبب في ردود فعل عنيفة تصل أحيانا حد القتل والحرق أمام الملأ. هذه التقارير تجعلنا نفهم جيدا لماذا يعكف الرئيس بوش على دراسة فيلم "معركة الجزائر" من أجل الوقوف على الطريقة التي كانت تتواصل بها قوات الاحتلال مع الشعب الجزائر دون آثار جانبية كالتي يدفع ثمنها العراقيون، والمشكلة أن الجيش الأمريكي وجد نفسه في حفرة عميقة لا يستطيع الخروج منها حتى ولو أراد ذلك، لأن عوامل كثيرة تداخلت وتشابكت وصنعت مشهدا عراقيا مأزوما بالطائفية والعشائرية وتصفية الحسابات.. مشهد جعل العراقيين جميعا "سنة وشيعة" يترحمون على أيام صدام حسين.. ولكن هل تعود الأيام الخوالي؟