اضطر الأمين العام للمركزية النقابية إلى الاستنجاد بالحكومة للإفراج عن 30 نقابي تم توقيفهم بمصنع المواد الدسمة في ولاية تلمسان من طرف مصالح الأمن إثر قيامهم بحركة احتجاجية لمنع مستثمر خاص تحصل على المؤسسة في إطار برنامج الخوصصة من دخولها مما دفع هذا الأخير إلى استدعاء الشرطة . ويقبع النقابيون الموقوفون في السجن مند شهر مما دفع بسيدي السعيد للتدخل و الاتصال بالحكومة لتسوية المشكل وإطلاق سراحهم في حين لجأ المالك الجديد للمؤسسة إلى رفع شكوى ضد العمال المحتجين، أحيل على إثرها ملف القضية على العدالة، حيث من المنتظر أن تفصل محكمة مغنية في القضية لاحقا مع استمرار النزاع بين الطرفين. ما يحدث بمؤسسة المواد الدسمة بولاية تلمسان ليس إلا عينة عن المشاكل التي تتخبط فيها المؤسسات المخوصصة بسبب النزاعات بين النقابيين المطالبين بضمانات لحماية حقوقهم والخواص الذين يحاولون إصلاح ما يمكن إصلاحه لبعث هذه المؤسسات من جديد واستعادة مكانتها في السوق، مثلما هو الحال بالنسبة لمؤسسات قطاع الصناعات الغذائية، حيث يواجه الخواص مشاكل كبيرة مع العمال، فنجد مثلا أن رجل الأعمال الجزائر "دحماني" صاحب مجمع لابل اشترى مطاحن عيسات إيدير بالحراش ، واستلمها رسميا شهر فيفري الفارط إلا انه لم يباشر تشغيل المطاحن إلى يومنا هذا، بسبب احتجاجات العمال الذين منعوه من الدخول ومباشرة العمل، رغم محاولاته العديدة لإقناعهم بالإلتحاق بمناصبهم إلا أنهم أصروا على قطع الطريق أمامه حتى يلتزم بتقديم ضمانات لهم تحمي حقوقهم، وتضمن تعويض العمال المسرحين، وقد اضطر المالك الجديد للمطاحن إلى طلب الشرطة من أجل إبعادهم عن طريقه بالقوة. مطاحن مهدية التابعة لمجمع الرياض بولاية سطيف هي الأخرى تشهد نزاعات حادة بين المالك الجديد للمطاحن والعمال، حيث أن صاحبها لم يتمكن من دخولها وتشغيلها رغم أنها أصبحت ملكه بعد أن أشتراها في إطار خوصصة وحدات الرياض، الأمر الذي دفعه إلى اللجوء للعدالة ، في حين تواجه نقابة مؤسسة الحليب التابعة لمجمع جيبلي بالبليدة مشاكل ونزاعات حادة من إدارة مجمع صومام الذي اشترى المؤسسة، منذ شهر بسبب مطالبة العمال بحقهم في الحصول على تعويضات، حسب ما يؤكده الأمين العام للفيدرالية الوطنية لعمال الصناعات الغذائية كمال بن عبو في اتصال مع "الشروق اليومي" رغم أن المدير العام الجديد للمركب أكد هو بأنه نصب حديثا على رأس المركب غير أنه لم يجد أي نزاعات ومشاكل مع العمال. 50 بالمائة من المؤسسات متوقفة بسبب اصطدام المالكين الخواص بالعمال وحسب الأمين العام للفيدرالية الوطنية لعمال الصناعات الغذائية فإن 10 مؤسسات من أصل 20 مؤسسة بيعت للخواص في قطاع الصناعات الغذائية تواجه مشاكل ونزاعات بين العمال والمالكين الخواص مما يعرقل السير الحسن لهذه المؤسسات، وهو الحال بالنسبة لأكثر من نصف المؤسسات المخوصصة في قطاع مواد البناء والخشب والفلين مثلما يؤكده السيد محمد أقيني الأمين العام للفيدرالية الوطنية لعمال مواد البناء والخشب والفلين في اتصال مع "الشروق اليومي"، وكذا الحال بالنسبة المخوصصة في قطاع المعادن الميكانيك والإلكترونيك وأبرز مثال على ذلك ما يحدث في مركب الحديد والصلب "اسبات ميطال ستيل عنابة" أو مجمع أرسيلور ميطال كما أصبح يسمى بعد دخول الشريك الفرنسي "أرسيلور" فيه إلى جانب الشركة الهندية، حيث أودعت نقابة أرسيلور ميطال عنابة في 21 أوت الجاري إشعارا بإضراب مفتوح وهددت بالدخول فيه بداية من الأربعاء 22 أوت القادم ، كوسيلة وحيدة لرد على إدارة المجمع بعد إصرار هذه الأخيرة على مواصلة مخططاتها القائمة على تقليص عدد العمال من خلال تسريح 1200 عامل وإحالتهم على التقاعد المسبق، ويقول المتحدث باسم ممثلي العمال بأن ممثلي الإدارة رفضوا الاستجابة إلى معظم النقاط التي أدرجت في جلسات التفاوض، خاصة ما تعلق بالإدماج المرحلي لحوالي 900 عامل متعاقد مع شركات المناولة العاملة بالمركب، إضافة إلى نقطة أخرى جوهرية تتعلق قرار الغدارة القاضي بإحالة 1200 عامل على التقاعد دون استشارة الشريك الاجتماعي، بحيث طالب النقابيون بتجميد هذه العملية وتدخل فوري لمسؤولي المجمع بأوروبا لفتح تحقيق في الطريقة التي اعتمدت في إعداد هذا الملف. وأمام كل هذه النزاعات تراكمت مئات الملفات على مكتب الأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد ومكتب الأمين الوطني المكلف بالشؤون الإجتماعية والمنازعات على مستوى هيئة سيدي السعيد، كلها تنتظر تدخل المركزية النقابية لحماية حقوق العمال، وما يزال العديد من الخواص لم يباشروا استغلال المؤسسات العمومية التي اشتروها بسبب هذه الحركات الإحتجاجية التي يقوم بها عمال هذه المؤسسات مطالبين بضمانات تكفل حقوقهم المنصوص عليها في الإتفاقيات الجماعية، إلى درجة أن مئات الخواص اشتروا شركات عمومية في إطار برنامج الخوصصة منذ أشهر وبعضهم منذ أكثر من سنة لم يتمكنوا إلى يومنا هذا من دخولها أو تشغيلها رغم أن ملكيتها تحولت إليهم رسميا وبصفة قانونية. جميلة بلقاسم