أعاد فيروس كوفيد 19 الجدل من جديد في أوساط المرضى المزمنين مع اقتراب حلول شهر الصيام بين من يرى ضرورة الإفطار بالنسبة لحديثي الإصابة بالفيروس المعدي لا سيما مع انتشار السلالة المتحورة البريطانية وبين من يرى بعدم وجود أية أثار سلبية تعيق الصوم أو تمنعه في غالب الحالات الخفيفة التي لم تعرف مضاعفات. وأجمع جميع من تحدثنا إليهم على أنّ صوم المصاب بفيروس كورونا المصاب بأمراض مزمنة تعتمد على حجم تأثير الفيروس وتأثيراته والمضاعفات التي يخلفها في الجسم. وفي هذا السياق، نظّمت جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر أبوابا مفتوحة تحت عنوان رمضان والأمراض المزمنة في ظل كوفيد19 بدار مرضى السكري "بشير لعجوزي" رويسو بالعاصمة، حسب ما أفاد به رئيس الجمعية فيصل أوحدة، تهدف إلى تنوير المرضى وتقديم أهم الشروحات والتفسيرات للمسائل العالقة لديهم. أوحدّة: الطبيب المتابع هو القادر على تحديد إمكانية الصوم وأوضح أوحدّة في تصريحه للشروق بأن الأطباء المختصين في السكري وكذا مختصو التغذية قدموا نصائح غذائية وطبية وعلمية للمرضى حول الأكل الصحي في رمضان وضرورة تغيير كثير من العادات السيئة غير السليمة، داعيا المرضى إلى تجنب السكريات والدهون. وألح رئيس الجمعية على أهمية مراجعة الطبيب المختص المتابع لحالة المريض قبل الإقدام عل اية خطوة تتعلق بالصوم أو الإفطار، فكل حالة تعد مستقلة ومختلفة عن الأخرى وعليه فإن القرار يكون وفق الاستعدادات الفردية، داعيا كل من تعذر عليه التواصل مع طبيبه الاتصال بالجمعية لمساعدته وتوجيهه نحو المختصين. وأعرب أوحدة عن استقبال جمعيته للعديد من الاستفسارات والتساؤلات بخصوص إمكانية الصوم لا سيما من قبل المصابين بالسكري او ارتفاع الضغط الدموي الجدد والذين كشف فيروس كورونا عن إصابتهم بهذين الداءين المزمنين، لافتا الى ان كوفيد 19 عامل مبرز للاصابة بالسكري بالنسبة لمن لهم قابلية الاصابة وفق تصريحات المختصين، وعليه، فإن الطبيب المتابع للشخص هو من يحدد الصوم من عدمه مع مراعاة استقرارها وعدم تسجيلها لاضطرابات أو اختلالات تضر بصاحبها. مشنان: الصوم يسقط عن كل مريض مزمن أو عارض وأفاد الدكتور محمد إيدير مشنان الأستاذ الجامعية وعضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية، في تصريح ل"الشروق"، بأن عدم الصوم لا علاقة له بكورونا أو غيرها وإنما متعلق بجميع الأمراض التي يعاني منها المسلم والتي تحول دون إتمام فريضته. وأوضح الدكتور مشنان أنّ الطبيب المختص المتابع لحالة المريض هو من يقدّر سقوط الصيام على المريض من الإبقاء عليه سواء تعلق الأمر بداء السكري أو أمراض التنفس أو ارتفاع الضغط الدموي أو غيرها من الأمراض التي تضعف المناعة، إذن فالأمر يعود لتقدير الطبيب. وفصّل المفتي في طريقة القضاء حين قال أنّ المفطر هو أحد الشخصين، إمّا مريض أفطر بسبب مرض مزمن يمنعه من الصيام نهائيا فهو بذلك يخرج فدية عن كل يوم ومقدارها ربع زكاة الفطر تخرج طعاما أو نقدا وذلك كحد أدنى ومن أراد أن يزيد فله ذلك. وأمّا الشّخص الثاني فهو مريض يرجى برؤه ويجوز له الإفطار والقضاء بعد الشفاء والتعافي بشكل عادي ولا حرج عليه مصداق لقوله تعالى " فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ". جنوحات: كورونا لا تمنع الصوم بدوره أكّد جنوحات كمال رئيس الجمعية الوطنية لطب المناعة ورئيس المخبر المركزي للمناعة في مستشفى رويبة أنّه وبناء على المعلومات العلمية الحالية فإن كوفيد19 يؤثر على مناعة الأشخاص الذين تسبب لهم في الإصابة بالسكري، حسب نوع المرض إذا كان من النوع 1 أو 2، أما البقية الأخرى المصابة من قبل فلا تأثير عليها على الأقل بعد مرور حوالي 10 أيام من المرض. وأردف المختص أنّ "الطبيب المعالج هو من يقدّر ويعرف حالة الشخص جيدا، فنحن في مثل هذه المواقف نعالج حالة بحالة كل بمعطياتها ووضعياتها ودرجة التعب الذي تعاني منه" ويرى المختص أنّ الصوم لن يحول دون تناول الفيتامينات والمقويات للمناعة الموصى بها من قبل الأطباء من المغرب إلى السحور وهو وقت كافي لتعزيز قدرات الشخص. خلفاوي: مريض السكري المصاب بكورونا ممنوع من الصيام أكّدت خلفاوي فايزة طبيبة مختصة في داء السكري أن الإصابة بداء كورونا درجات تترك أثار متفاوتة لدى كل فئة من ذوي الأمراض المزمنة أو حتى المصابين بداء السكري، فمنهم من يتعافى منها بسرعة ومنهم من تترك لديه شعورا بالتعب والإرهاق يدوم لفترة طويلة. ويستدعي التعامل طبيا مع كل حالة وفق معطياتها الخاصة فلا يمكن وضع جميع المرضى في سلّة واحدة. وأوضحت المتحدثة أنّه على الأغلب فان مريض كورونا في رمضان يفطر لأنه أمام 15 ساعة صوم يحتاج فيها إلى استهلاك أدويته وشرب الماء وتخفيض الحمى في جسمه، والأمر سيان بالنسبة للمتعافى حديثا من كورونا في شهر رمضان حيث يتأثر جسمه بالتعب الشديد والوهن يضاف إليه مشقة الصيام. واستندت المختصة خلفاوي في رأيها إلى دراسة حديثة شاركت فيها الجزائر في رمضان 2020 تبين على إثرها أن المرضى المزمنين الذين صاموا رغم تعرضهم للكوفيد19 سجل لديهم اختلال واضطراب في نسبة السكر في الدم وهو يشكلون بالتالي مجموعة خطر. وعليه أوصت الدراسة بتجنب الصوم لهذه الفئة تجنبا لخطر الجفاف الذي قد يلحقها إلى غاية الشفاء التام من كافة الأعراض. وتحدثت المختصة خلفاوي عن صعوبات جمة يواجهها المختصون في إقناع مريض السكري بالإفطار فكما قالت الشعب الجزائري من أكثر الشعوب حرصا على الصوم. ونصحت خلفوي فايزة جميع المرضى بضرورة إجراء فحص طبي قبيل حلول شهر رمضان للتواصل مع طبيبه ومرافقته طيلة الشهر من اجل صوم آمن وصحيح.