وجد الشباب الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي (فايس بوك ويوتيوب) في تصريحات مسؤوليهم فرصة للسخرية والتندّر، فدوّنوا هذا التصريحات التي عكست "جهل" المسؤولين باللغة العربية تارة وعدم معرفتهم بالتاريخ تارة أخرى، ووصل الأمر ببعضهم إلى إنشاء صفحة خاصة لمتابعة هذه "النوادر" كان أشهرها صفحة "سلاليات" على "فايس بوك" التي تتابع "غرائب" الوزير الأول عبد المالك سلال. كان وزير الداخلية السابق نور الدين يزيد زرهوني أول المسؤولين الذين شدوا انتباه الجمهور في كل فرصة يدلي فيها بتصريح، ويكاد لا يُعرف عنه أنه لم يرتكب مرة خطأ في اللغة العربية. ومن أخطائه الشهيرة قوله: "لقد أعددنا بطاقة هاوِية للجزائريين" ويقصد "بطاقة هوية"، وهذا لدى حديثه عن مشروع جواز السفر البيومتري. وحرص زرهوني -دوما- على أن ينطق كلمة "عدد" هكذا "عدَاد"، كلما أعطى أرقاما أو تحدث بلغة الأرقام عن المشاركة في الانتخابات. ومما استنكره الجزائريون على زرهوني ما سموه "فتواه" بخصوص ارتداء المرأة الخمار في الصورة على جهاز السفر البيومتري، حيث قال في تصريحات نقلت على القناة التلفزيونية الحكومية إنه "يجوز للمرأة أن تكشف شعرها في صورة البيومتري". أما وزيرة القافة خليدة تومي فحاولت أن تمتدح الفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز فقالت: "فيروز أميرة الأميار" وتقصد "أميرة الأميرات". ومن التصريحات الغريبة التي تذمّر منها الجزائريون كثيرا، تصريح لوزير الخارجية السابق مراد مدلسي في جلسة رسمية مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي يقول فيها: "لو كان للتاريخ مسار آخر لكنا أوروبيين"، وهو ما اعتبره كثيرون طعنة في الاستقلال الوطني و"تنكرا" لتضحيات الشهداء. وفيما يُعرف بفضيحة رجل الأعمال عبد المومن خليفة، الذي نهب 12 مليارا من الجزائريين، عبر بنك "الخليفة"، قال مدلسي، وقد كان يشغل وقتها منصب وزير المالية، إنه لمن يكن "ذكيا كفاية ليدرس ملف اعتماد بنك الخليفة دراسة وافية" وأضاف أنه درس الملف في عشرين دقيقة! ويعتمد الجزائريون هذا المثال للدلالة على "نقص القدرات الذهنية" للوزير مدلسي. أما المسؤول الذي أثار أكبر موجة من السخرية فكان الوزير الأول عبد المالك سلال، لدرجة أن شباب "الفايس بوك" و"اليوتيوب" خصصوا له صفحات وفيديوهات تتابع زلاته أثار الوزير الأول عبد المالك سلال بخطابه الذي ألقاه في القمة العربية العام الفارط سخطا لا نظير له بين الجزائريين، حيث ارتكب أخطاء كثيرة جدا في حق اللغة العربية رغم أنه كان يقرأ من ورقة، ووصل الأمر إلى أنه أخطأ في كل سطر قرأه، وبلغ مستوى السخط بين الساخرين إلى المطالبة بعدم إيفاده إلى الخارج للحديث باسم الجزائر، وتداول النشطاء خطابه على "اليوتيوب" بكثير من التعليق والتندّر. أما "اليوتيوب" فعج ب"الفيديوهات" المُركّبة التي تسخر من الوزير الأول. ومن أخطاء سلال تصريحه في ندوة صحفية في جانفي الفارط، عقب الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له القاعدة النفطية الصحراوية في تيقنتورين بعين أميناس، قوله "عثرنا على سلاح جد مرتفع" ويعني "عثرنا على سلاح متطوّر"، كما قال "الموقف قوي وسجيع" ويقصد بكلمة "سجيع، شجاع". وقوله: "الحضارة الاسلامية بدأت تتغلغل من جراء هذه الأعمال الارهابية" ويقصد أن العمليات الإرهابية أساءت للإسلام". وحملت صفحة "الفايس بوك" التي تتابع الوزير الأول شعار: "كل جديد العم سليلو تجدونه في الصفحة، مرحبا بكم خليونا نضحكو شويا على المهازل الحكومية". وكانت آخر غرائب سلال، اكتشافه جمْعا جديدا لكلمة "فقير" أثرى بها قاموس اللغة العربية، على حد تعبير بعض الساخرين، حيث قال في زيارته الأخيرة إلى مدينة تمنراست الصحراوية "إن عدد الفقاقير في ارتفاع بالصحراء"، لكن العارفين بخلفيات تصريح سلال يؤكدون أنه لم يكن يقصد الفقراء ولكن حديثه كان عن آلية تقليدية تستعمل في الصحراء لسقي النخيل، ومفردها "فُقارة". ومن طرائف الوزير الأول أيضا وصفه جمعا من الطلبة ب"العتاريس" ومفردها "عتروس" وتعني بالعربية ذكر العنزة. وجلب سلال على نفسه حملة من السخرية عندما لم يفرق بين الشعر والقرآن، فقال "اللي يحب يقعد فالشعر، يقعد في قل أعوذ برب الفلق". تصريح آخر جلب سخرية كبيرة للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، حيث قال وهو يبرّر ترشيح حزبه الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة: "إن الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت حظي بعهدة رابعة رغم أن الدستور الأمريكي يسمح له بعهدتين فقط" والحقيقة أن روزفلت انتخب لعهدة ثالثة فقط ولظروف خاصة جدا تعلقت بالحرب العالمية الثالثة. وقال الساخرون في تعليقاتهم إن الأمين العام للحزب الحاكم "ضعيف جدا في مادة التاريخ". غير أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يبقى الأكثر تحكما في اللغة العربية وفن الخطابة مذ كان وزيرا في السبعينيات، ولا يزال رثاؤه للرئيس الراحل هواري بومدين عالقا في أذهان الجزائريين. ورغم الطابع الساخر الذي يميز انتقادات كثير من الجزائريين لتصريحات مسؤوليهم، إلا أن هذه الانتقادات تعبر عن حالة من عدم الرضا وعن رفضهم "إساءة" هؤلاء المسؤولين للجزائر في الداخل والخارج، ويستغرب الجزائريون في سخريتهم عدم إجادة هؤلاء المسؤولين الحديث باللغة العربية وإجادتهم من جهة أخرى الحديث باللغة الفرنسية! لكن هذا الاستغراب سرعان ما ينجلي بمجرد معرفة أن هؤلاء المسؤولين تكوّنوا باللغة الفرنسية منذ صغرهم. ويبقى خطاب الرئيس الراحل هواري بومدين في الأممالمتحدة العام 1974 "مرجعا ومحط افتخار" لدى الجزائريين، أولا لكونه أول رئيس عربي تحدث بالعربية في أكبر محفل دولي، وثانيا أن هذا الخطاب هو عزاؤهم الوحيد الذي يفرون إليه كلما "صدمتهم" تصريحات مسؤوليهم الحاليين.