بوغالي يترأس اجتماعا تحضيريا للملتقى البرلماني حول التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر ابان الاستعمار    مصباح قدير: الصحافة الجزائرية تؤكد دعمها المطلق للإعلام الفلسطيني في مواجهة الاحتلال    الصحافة الدولية تتناول بشكل واسع تحرير الجزائر لرعية اسباني    الهلال الأحمر الفلسطيني: استبدالنا بوكالة الأونروا شائعات صهيونية    فلسطين:أطفال غزة يقتلون ويجوعون ويتجمدون حتى الموت    فلسطين: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 12 فلسطينيا وأكثر من 40 جريحا في جنين    البطولة الوطنية لفوفينام فيات فوداو:انطلاق المنافسات بمشاركة 517 رياضيا يمثلون 87 ناديا    الابتكار في الصحة الالكترونية: الجزائر تحتضن الطبعة الإفريقية الأولى من "سلاش'س دي"    المغرب: فشل الحكومة في الحفاظ على صحة المواطنين يحول داء الحصبة إلى وباء    مجلس الأمن : السيد عطاف يجدد التزام الجزائر بالمساهمة في تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية    السيد بللو يشرف على افتتاح يوم دراسي جزائري-إيطالي حول تثمين التراث الثقافي    طاقة ومناجم: السيد عرقاب يبحث مع سفير جنوب إفريقيا سبل تعزيز التعاون الثنائي    الرعية الإسباني المحرّر يشكر تبّون والجزائر    بوغالي: لا نتلقّى دروساً في الحقوق والحريات من أحد    سياحة: 90 مشروعا سياحيا سيدخل قيد الاستغلال هذه السنة    هكذا يقضي سكان غزّة أيام الهدنة..    الجزائر تؤكد ضرورة تجسيد توصيات ميثاق قمة المستقبل    الوقاية من الحمى القلاعية: تلقيح 400 ألف رأس من الأبقار والأغنام قبل نهاية يناير الجاري    ممثلا الجزائر يستهدفان كأس الكاف    شطر من منفذ الطريق السيار جن جن العلمة يوضع حيز الخدمة    مُتسوّلون برتبة أثرياء!    حشيشي يشارك بروما في منتدى أعمال الدول المعنية    صدى عالمي لجائزة الجزائر للقرآن الكريم    قائد أفريكوم يشيد بالجيش الجزائري    منظومة الضمان الاجتماعي في الجزائر قائمة على مبدأ التضامن بين الأجيال    الجزائر حريصة على ضمان تكفل أفضل بالحجاج خلال موسم الحج 2025    وزير الداخلية"إبراهيم مراد" مخطط شامل للنهوض بولاية بشار وتحقيق التنمية المتوازنة    متحف "أحمد زبانة" لوهران: جولة افتراضية في الفن التشكيلي الجزائري    الإطاحة بشبكة إجرامية ينطلق نشاطها من المغرب : حجز أزيد من 3ر1 قنطار من الكوكايين بوهران    وهران: انطلاق البطولة الوطنية الشتوية للسباحة براعم    مجلس الأمة: المصادقة على نص القانون المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها    بللو: نحو تعاون أوسع في مجال الفنون بين الجزائر وإيطاليا    رسالة من الرئيس تبون: وزير الاتصال يلتقي رئيس ناميبيا لتعزيز التعاون    كرة القدم المدرسية : إطلاق قريبا أول كأس للجزائر بين الثانويات والإكماليات والابتدائيات    وهران : ترحيل 27 عائلة إلى سكنات جديدة ببئر الجير    اللحوم الحمراء الطازجة في رمضان ستبلغ أقصى مبلغ 1900 دج    الكوكي مدرباً للوفاق    إيتوزا تستعين ب30 حافلة محليّة    العنصرية الفرنسية الرسمية..!؟    الصحافة الفرنسية تسج قصة جديدة ضمن سلسة تحاملها ضد الجزائر    رئيس الجمهورية يستدعي الهيئة الناخبة يوم 9 مارس القادم    متابعة أشغال مشروع قصر المعارض الجديد    الثورة الجزائرية الوحيدة التي نقلت المعركة إلى عقر دار العدو    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    تطبيقة إلكترونية للتبليغ عن مواقع انتشار النفايات    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    لباح أو بصول لخلافة بن سنوسي    الجزائر ستكون مركزا إقليميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر    استفزازات متبادلة وفينيسيوس يدخل على الخط    حاج موسى: أحلم باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز    "كاماتشو".. ضعيف البنية كبير الهامة    تاريخ العلوم مسارٌ من التفكير وطرح الأسئلة    السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيت الأبيض.. لليوم الأسود
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 12 - 2007


مصطفى‮ فرحات
neoreporter@gmail.‬com
مرة أخرى، يبدأ موسم الحج إلى البيت الأبيض تزامنا مع موسم الحج إلى البيت الإلهي، ليكشف العرب مرة أخرى موقعهم في عالم القهر الصهيوني، حيث أضحت عروشهم رهينة أمريكية بامتياز، تتحكم فيها رموز القوى التغريبية المعادية لقيم الحضارة الإسلامية التي دشنت حقبة جديدة من الاستعمار، تمهّد أرضيتها العروش العربية التي ظهر أنها في موضوع النقيض مع شعوبها التي تعيش على القهر...
فالاستبداد السياسي والاجتماعي والثقافي هو أكبر ما يميّز المشهد العربي الداخلي، في حين تحكمه القبضة الحديدة الغربية وتمارس عليه أنواعا شتى من الإرهاب،‮ وهي‮ مع‮ ذلك‮ تتهم‮ رافضي‮ الهيمنة‮ الصهيونية‮ ب‮»‬الإرهاب‮« وتجعلهم‮ مصدر‮ الخطر‮ الأول‮ على‮ الأمن‮ القومي‮ الأمريكي‮ في‮ العالم‮.‬
ممارسات »سلاطين العرب« أزاحت الستار عن حجم الهيمنة الغربية على القرار العربي، حتى في شقه المتعلق بوحدة التراب والحفاظ على الأمن القومي، فلا سوريا استطاعت أن تقاطع مؤتمر »أنابوليس« رغم محاولاتها الباهتة بوضع لائحة من الشروط المبدئية للمشاركة فيه، ولا الجزائر البعيدة عن بؤرة الصراع استطاعت رفض الدعوة الأمريكية للجلوس مع المحتل الصهيوني رغم موقفها المبدئي الثابت من القضية الفلسطينية، دون إغفال التهافت المصري والخليجي الذي أضحى الأصل والأساس في كل الاجتماعات واللقاءات.
مفهوم »المقاومة الفلسطينية« لم يعد ثابتا من الثوابت، خاصة مع صراع الإخوة الفرقاء في حماس وفتح حول بقايا السيادة المغتصبة على بقايا أرض رهينة، حيث ظهر للعيان أن الفلسطينيين يفعلون بأنفسهم ما لم يستطع عدوهم فعله بهم، وأن الصراع من أجل التحرر غيّر طريقه ليمر عبر‮ أجساد‮ »‬إخوة‮ النضال‮« قبل‮ الأعداء،‮ تماما‮ مثلما‮ تفعله‮ »‬القاعدة‮« التي‮ تفجر‮ أشلاء‮ العرب‮ ليتضرر‮ الأمريكان‮!‬
لكنّ التخاذل العربي والاستجداء الأمريكي اليوم لن ينجحا في إصلاح الوضع الداخلي، فالتهديد الأكبر الذي تتعرض له الأوطان لا تملك أمريكا مفاتحه، لأنه يتعلق أساسا بمعارك الهوية الزائفة التي حاول المكر السياسي اللعب على حبالها المتشابكة في جميع الدول العربية بلا استثناء،‮ ليحافظ‮ على‮ توازنات‮ عرجاء‮ لن‮ تلبث‮ أن‮ تعصف‮ بالأمر‮ كله‮ وتنسفه‮ لتجعله‮ هباءً‮ تذروه‮ الرياح‮.‬
لقد سعت الأنظمة العربية إلى اللعب على حبل الهوية بكل ما تحويه الكلمة من معنى، سواء تعلق الأمر بالطائفية أو العرقية أو المذهبية، فاتخذ الصراع الداخلي في بعض البلدان شكل صراع لغوي، وفي أخرى شكل صراع عرقي أو مذهبي، فانفجر الوضع بعد الغزو الأمريكي للعراق ليكشف عن خطورة اللعب على حبل الطائفية وكيف أضحى البلد مقسما مفجرا ملغما، بين شيعة تتلقى دعما إيرانيا وأمريكيا، وسنة تتقاذفهم الأيدي، وكرديين يطالبون في أحسن الأحوال بحكم فيدرالي يتمتعون فيه باستقلالية شبه تامة. وامتدت المأساة إلى ربوع العالم الإسلامي بأسره بانتعاش النعرات وإحياء الخلافات البائدة تحت غطاء الدين الذي تحول إلى حجة لتكريس الوضع الراهن وتفسير الخيارات السياسية للأنظمة، وما حادثة العدوان الإسرائيلي على لبنان والمقاومة التي قادها حزب الله إلا دليل واحد من جملة أدلة تكشف قصور النظرة السياسية التي تتخذ‮ من‮ الدين‮ غطاء‮ لدعم‮ شرعيتها‮ المهزوزة‮.‬
والأخطر في كل هذا هو أن هذه النماذج السيئة للحكام العرب المتهافتين على أعتاب البيت الأبيض تؤسس مباشرة لأشكال التغيير العنيف الذي يتخذ من الإرهاب النموذج الأبرز في العالم العربي، ويجد من الغضب الشعبي مادة خصبة يصطاد بها بعض الناقمين على الوضع، خاصة مع اصطدامهم‮ بانسداد‮ الأبواب‮ أمام‮ كل‮ نقد‮ بناء‮ أو‮ تداول‮ سلمي‮ على‮ السلطة‮... وعندما‮ ينطق‮ الرصاص‮ وتنفجر‮ القنابل،‮ تلتزم‮ كل‮ الألسنة‮ الصمت‮ أمام‮ الفتنة‮ التي‮ تأكل‮ الأخضر‮ واليابس‮.‬
إن مشكلة الشرعية عقدةٌ عربيةٌ بامتياز... فالحكام العرب يستجدون الشرعية للبقاء متربعين على عروشهم عند أمريكا، ويبررون مواقفهم السياسية بتأصيلات »شرعية«، والإرهاب يجعل من عجز الأنظمة مطية للبحث عن شرعية أمام الجماهير، ويتخذ من الإسلام مصدر »شرعية« لتبرير منهجه‮ من‮ الأساس‮... ولا‮ تسقط‮ البلاوى‮ إلا‮ على‮ رأس‮ الشعب‮ المسكين‮ الذي‮ يكتوي‮ بنار‮ السلطة‮ ونار‮ الإرهاب،‮ من‮ أقصى‮ الشرق‮ إلى‮ أقصى‮ الغرب‮.‬
ولكنّ المتابع لهذه الفسيفساء العربية اليوم قد يجد لها في سياق البحث عن شرعية تأصيلا آخر؛ فالعرب قالوا في أمثالهم المعاصرة: »القرش الأبيض لليوم الأسود«، في إشارة إلى ثقافة الادخار لنوائب الزمان وما يتبعها من الكيس والفطنة... والحكام اليوم لم يتجاوزوا هذا‮ المثل،‮ لأنهم‮ في‮ حجهم‮ الجماعي‮ إلى‮ واشنطن‮ يتخذون‮ من‮ »‬العم‮ سام‮« درعا‮ يقيهم‮ من‮ عوادي‮ الأيام‮ التي‮ لن‮ تكون‮ سوى‮ عوادي‮ شعوبهم‮ المقهورة،‮ شعارهم‮ في‮ ذلك‮ جميعا‮: »‬البيت‮ الأبيض‮ لليوم‮ الأسود‮«...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.