جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الافريقية: انطلاق أشغال الجمعية العامة ال22 بالجزائر    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم لليوم ال47 على التوالي    مسجد أبو المهاجر دينار بميلة : معلم أثري شاهد على تعاقب عديد الحضارات محل ترميم    لجنة تحقيق دولية : الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في سائر الأراضي المحتلة    البليدة: وزيرا الشباب واقتصاد المعرفة يشرفان على تكريم الفائزات في مسابقة "المقاولات الناجحات"    زين الدين بوشعالة وعدلان فرقاني يبدعان في سهرة فنية بأوبرا الجزائر    إذاعة الجزائر الدولية تحتفي باليوم الوطني للثقافة الفلسطينية    جمعية الكونفدراليات الإفريقية للرياضات الأولمبية، هيئة في خدمة النخبة الرياضية الإفريقية    كتاب جديد للمؤلف الإسباني لويس بورتيو باسكوال يبرز فيه حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    الجزائر العاصمة: حجز 41 مليار سنتيم ومبالغ بالعملات الأجنبية    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    التجديد النصفي لعدد من أعضاء مجلس الأمة: قوجيل يترأس جلسة علنية مخصصة لعملية القرعة    اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة: تنظيم معارض و توزيع تجهيزات بولايات شرق البلاد    السيد حساني شريف يبرز أهمية تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات والحملات الحاقدة ضد الجزائر    كأس الجزائر: شباب بلوزداد يفوز على اتحاد الشاوية (4-2) ويواجه مولودية بجاية في ربع النهائي    جيجل: مصنع سحق البذور الزيتية بالطاهير سيكون جاهزا قبل مايو المقبل    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    جسر للتضامن ودعم العائلات المعوزة في ر مضان    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    دراسة مشاريع قوانين وعروض تخص عدة قطاعات    توقيف 6 عناصر دعم للإرهابيين في عمليات متفرقة عبر الوطن    التين المجفف يقوي المناعة في شهر رمضان    فرنسا تحاول التستّر على جرائمها بالجزائر!    هكذا يتم إصدار الهوية الرقمية وهذه مجالات استخدامها    مصانع المياه تعبد الطريق لتوطين المشاريع الكبرى    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    الاتحاد الإفريقي يدين إعلان حكومة موازية في السودان    فتح 53 مطعم رحمة في الأسبوع الأول من رمضان    المواعيد الطبية في رمضان مؤجَّلة    مساع لاسترجاع العقارات والأملاك العمومية    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    سيناتور بوليفي يدعم الصحراويين    أيراد تطرق باب البورصة    التشويق والكوميديا في سياق درامي مثير    للتراث المحلي دور في تحقيق التنمية المستدامة    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    إدانة الحصار الصهيوني على وصول المساعدات إلى غزّة    محرز يعد أنصار الأهلي بالتتويج بدوري أبطال آسيا    تنافس ألماني وإيطالي على خدمات إبراهيم مازة    حراسة المرمى صداع في رأس بيتكوفيتش    وفد برلماني يشارك في المؤتمر العالمي للنساء البرلمانيات    مشاركة فرق نسوية لأوّل مرة    دعم علاقات التعاون مع كوت ديفوار في مجال الصحة    استعراض إجراءات رقمنة المكاتب العمومية للتوثيق    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    الجامعة تمكنت من إرساء بحث علمي مرتبط بخلق الثروة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    معسكر : افتتاح الطبعة الأولى للتظاهرة التاريخية "ثائرات الجزائر"    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    مجالس رمضانية في فضل الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجهاد: من الفريضة الغائبة.. إلى الفريضة المشوهة !
نشر في الشروق اليومي يوم 02 - 01 - 2008


مصطفى‮ فرحات
neoreporter@gmail.‬com
لقد مرّ التنظير الفقهي للجهاد بمراحل بعد الضعف الذي حلّ بالمسلمين في القرون المتأخرة، إلى درجة اضطرت بعض الفقهاء إلى شطبه مؤقتا من بعض المؤلفات الفقهية التي عرضت جملة الأحكام الفقهية، بحجة تخلف بعض الشروط الواجب توفرها لانعقاد الجهاد، سواء تعلق الأمر بإعداد القوة العسكرية اللازمة، أو تخلف الشروط الواجب توفرها في الإمام الحاكم لكي يقود حملات الجهاد، أو لأن كثيرا من الدول الإسلامية كانت ترزح تحت نير الاحتلال، ولم يكن الوقت ولا الظرف حينها يسمحان بتدارس هذا الباب الفقهي الذي يُعد »ذروة سنام« الإسلام.
لكن هذا التصرف لم يحظ بقبول جماهير العلماء الذين انتقدوا هذا الفعل، واعتبروا ذلك تغييبا لأحد أبرز معالم الدين الذي انتشر بالحجة والبيان من جهة، وبالسيف والقوة من جهة أخرى، بصفة متوازية، لاسيما وأن الحذف لم تسلم منه كذلك أبواب فقهية أخرى مثل الحج وأحكام الرقيق وغيرها، رغم أن الفقهاء الذين اجتهدوا وقاموا بذلك كانت لهم مبرراتهم الموضوعية التي دفعتهم إلى ذلك، خاصة في أزمنة وأمكنة عمت فيها الفوضى وانفرط عقد الجماعة وانتشار قطاع الطريق في كل مكان، ولم يعد الإنسان يأمن على نفسه وماله حتى في الأسفار القصيرة، بَلْهَ‮ الأسفار‮ التي‮ تقود‮ الإنسان‮ إلى‮ شبه‮ الجزيرة‮ العربية،‮ موطن‮ الحرمين‮ الشريفين‮.‬
تلك المرحلة بملابساتها المختلطة جعلت من الجهاد »فريضة غائبة« تحت وطأة ظروف العصر العاصفة، خاصة مع انتشار المد الاستعماري في قلب العالم الإسلامي وتحول المسلمين رغم كثرتهم إلى فئة مستضعفة تخضع لأحكام النصارى بعدما حكمتهم دهرا طويلا.
وبعد استقلال الدول الإسلامية، كان المد التحرري قد أخذ أبعادا بعيدة نسبيا عن قيم الإسلام وحضارته وتصوره للقضايا المصيرية، حيث ارتبط مفهوم الاحتلال بالدول الأمبريالية، وصار الصراع الطبقي وثورة البروليتاريا أهم ما يميزان واقع إدارة الحرب الباردة بين المعسكر الغربي بقيادة أمريكا، والمعسكر الشرقي بهيمنة الاتحاد السوفياتي، وهكذا انغمس الحكام في قلب هذا الصراع ولم يعد هناك مجال للحديث عن تحكيم الشريعة أو الرجوع إلى القيم الإسلامية الأصيلة المتكاملة في نفسها، إلى أن جاء تيار الصحوة الذي اكتشف أن الجهاد تحول من »فريضة غائبة« إلى »فريضة مُغيَّبَةَ«؛ بمعنى أن هناك تواطؤا داخليا على عزل مفاهيم الجهاد عن الوعي القومي الإسلامي، لإبقاء الإسلام بعيدا عن حلبة الصراع العالمي الذي اتسم بالمصلحية وغياب البعد الأخلاقي.
لكنّ مفاهيم الصحوة تقاطعت مع المفاهيم الغربية لإدارة الصراع في الثمانينيات، وتمثل ذلك بشكل واضح في أفغانستان التي تحولت إلى »دار جهاد ضد الشيوعيين« و»مستنقعا لإغراق السوفييت وتقوية الليبرالية« في نفس الوقت، فالإسلاميون أمدوا الحرب بوقودها، وهي الأجساد البشرية، في حين أن المعسكر الغربي أمدهم بالذخيرة والعتاد، ولانزال نشهد إلى اليوم تأثير هذا التقاطع على المسرح العالمي الذي أراد أن يفهم تنظيم »القاعدة« بأثر رجعي: هل كانت عميلا أمريكيا أم شريكا استراتيجيا؟ وهل كان أسامة بن لادن زعيما دينيا تحالف مع الشيطان الأمريكي‮ للقضاء‮ على‮ الدب‮ الروسي،‮ أم‮ أنه‮ كان‮ موظفا‮ لدى‮ الاستخبارات‮ الأمريكية؟‮ ولايزال‮ الجدال‮ محتدما‮ بين‮ أنصار‮ هذا‮ الطرف‮ أو‮ ذاك‮.‬
التطور المأساوي للأحداث لايزال يضطر الناس إلى الانقسام إلى معسكرين اثنين: معسكر رافض للفتنة، رافض للجهاد، ورافض لكل تغيير تقوده السيارات المفخخة والقنابل البشرية. ومعسكر موال للجهاد، يجد نفسه مسحوبا إلى مولاة الفتنة وتمجيد قتل الأبرياء باسم الله وإقامة دولة‮ الإسلام‮. في‮ حين‮ يبدو‮ الطريق‮ الثالث‮ بعيد‮ التصور‮ وسط‮ هذه‮ السحب‮ الداكنة‮ والأمواج‮ المتلاطمة‮.‬
لقد نجح منظّرو الولايات المتحدة الأمريكية على عدة مستويات، وهم يجرّون العالم نحو »دمار شامل« تقوده »فوضى خلاّقة« وتغذيه »الحرب الوقائية«. فهم نجحوا أولا في صهر الإرهاب بالإسلام، رغم حرص المخلصين على ضرورة التفريق بينهما. ونجحوا ثانيا في جعل ما يسمونه »الإرهاب الإسلامي« الخطر الذي يهدد العالم، شرقه وغربه على السواء، وهو ما يدفع الدول إلى التحالف من أجل القضاء عليه. ونجحوا ثالثا في جعل ضحايا »الجهاد المُشوّه« من المسلمين فقط، حيث تتطاير أشلاؤهم في الجزائر وباكستان وأفغانستان والعراق تحت ذريعة تطهير الأرض من الصليبيين واليهود. ونجحوا رابعا في إخماد جذوة المقاومة والمطالبة بدحر الاحتلال، لأن كل مقاومة تُطلّ برأسها إلى الوجود تحصدها المناجل في سياق حصد الإرهاب، لأن الثقافة الغربية تريد الإصرار على أنه لا فرق بين المقاومة والإرهاب.
كان لابد لنار الجهاد المتأججة من أن تُحرق شيئا، ولهذا انتشرت بسرعة في بعض المناطق الإسلامية التي ورثت مآسي الاستعمار ومخلفاته الثقيلة، ولكنها ككل نار في هذا الوجود تجد نفسها مضطرة لأن تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله في الحروب والأزمات، وهكذا تحولت »الفريضة المُغيّبة‮« إلى‮ »‬فريضة‮ مشوّهة‮«‬،‮ لأن‮ أكل‮ النار‮ لنفسها‮ معناه‮ تحول‮ »‬الجهاد‮« إلى‮ »‬فتنة‮« قد‮ تكون‮ هي‮ المقصودة‮ بالحديث‮ النبوي‮ الشريف‮: »‬الفتنة‮ نائمة،‮ لعن‮ الله‮ من‮ أيقظها‮«.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.