يوجد 109 حاج جزائري تحت المراقبة الطبية للبعثة الطبية الجزائرية بمكة المكرمة، أربعة نهم مصابون بأمراض عقلية سيتم ترحيلهم خلال الأيام المقبلة إلى الجزائر بسبب حالتهم الصحية المتدهورة التي تستدعي عناية خاصة. وقد قامت البعثة الطبية الجزائرية باجراء 7076 فحصا منذ سفر أول فوج يوم 24 نوفمبر، مقابل 24702 حاجا وصلوا البقاع المقدسة إلى غاية أمس أي بمعدل فحص واحد لكل 3 حجاج مما يبين حسب البعثة تدني مستوى الصحة العامة للحجاج الجزائريين نظرا لكبر سنهم. و قدر مسؤول في البعثة الجزائرية أن 70 % من مجموع الحجاج الجزائريين يتجاوز سنهم 60 سنة، ما يفسر تقديم 6305 علاج وتسجيل 221 تدخلا وإحالة 31 حالة منهم على المستشفيات السعودية منذ بداية الموسم. ويوجد ضمن الحالات ال109 الموجودة تحت الرقابة الطبية، حجاج مصابين بمختلف الأمراض المزمنة كثير منهم لم يعلن عنها ولم يكشفها الطبيب عند الفحص الطبي، حيث يفترض أن يحمل الحاج معه ضمن وثائقه "الدفتر الصحي للحاج" الذي يقع في 16 صفحة منظم تنظيما محكما، يتضمن كل المعلومات الصحية الخاصة بصحة الحاج وبالتدقيق بكل جهاز من أجهزته الحيوية. زيادة للوصفة التي يتبعها في حال إصابته بمرض مزمن، كما تسجل مختلف أنواع التطعيم التي أخذها الحاج، تمنح الدفتر وزارة الصحة على مستوى المستشفيات والقطاعات الصحية بالولايات والدوائر، يملؤه طبيب القطاع العام ويكون بمثابة الهوية الصحية للحاج يحمله معه حيثما تنقل. لكن الإشكال الذي يطرح نفسه ويجعل مراقبة تلك الحالات للحجاج المرضى والمصابين بأمراض عقلية شبه مستحيل، ويجعلها تتكرر من سنة إلى أخرى، هو عدم مراقبة هذا الدفتر على مستوى المطارات، بل عدم اشتراطه أصلا عندما يتأهب الحاج لمغادرة التراب الوطني، وقد تأكدنا من ذلك بأنفسنا بالجناح الخاص بالحجاج بمطار هواري بومدين عند مغادرة رحلة يوم 9 نوفمبر على الساعة ال22 و45 دقيقة، حيث لاحظنا مرور الحجاج على المراقبة الصحية وهناك تتم مراقبة دفتر التطعيم دون السؤال عن الدفتر الصحي للحاج. وبحسب ما أكده لنا حجاج كانوا على أهبة مغادرة المطار، فإن الإدارة تطلب من الحاج تقديم شهادة طبية وأخرى تحدد الزمرة الدموية له قبل ملأ جواز السفر، خاصة لأولئك الذين حصلوا على جواز سفر الحج خارج القرعة، دون الإشارة إلى الدفتر الصحي، كما تحدث آخرون عن سحب بعض الحجاج الدفتر من القطاعات الصحية وملئه من قبل طبيب خاص، رغم أن الدفتر فيه مكان خاص بختم المركز الصحي الذي سلمه للحاج. لكن حسب تفسير نائب مدير الحج بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف نايت سعيدي محمد ناصر فإن أطباء القطاع العام هم "لمتساهلين" في ملأ الدفتر الصحي للحاج، بعدم ذكر كل الحقائق الصحية الخاصة بالمعني لاعتقادهم أنهم "لا يستطيعون بأي حال من الأحوال حرمان شخص من زيارة البقاع المقدسة خاصة المسنين" حيث يؤكد أن الحج في نظر الجزائريين كلهم يظل أولا وأخيرا "رحلة نهاية العمر لغسيل العظام" !! ونظرا للتساهل في المراقبة الصحية للحجاج المتمثلة في فحص عادي خفيف يعتمد فيه طبيب القطاع العام على شهادة الحاج نفسه أكثر من الفحص المعمق والتحاليل، يمكن للحاج المريض في حالات أخرى الاستعانة بشهادة طبية مزورة أو شرائها مقابل المال، لإثبات الحالة الصحية السليمة كذبا بدل حمله دفترا صحيا يملأ بعد فحص حازم من قبل الطبيب. كما مرّ مثل هذا الاحتيال على المصالح الطبية والدليل أن أشخاص مصابين بأمراض مستعصية مثل المس العقلي والجنون وكذلك القصور الكلوي وحتى حالات متقدمة من السرطان تمكن أصحابها من الالتحاق بالبقاع المقدسة لتجد البعثة الجزائرية نفسها في مواجهة حالات خطيرة من المرض كان يفترض أن لا تغادر التراب الوطني أصلا. ويذكر أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف نفسه توعد نهاية موسم الحج الفارط باتخاذ إجراءات صارمة مع الأطباء المتساهلين مع المرضى، وتشديد المراقبة الصحية، لتفادي الإحراج الذي واجهته الجزائر السنة الماضية مع السلطات السعودية عندما تعلق الأمر بالتكفل بالحالات المستعصية في المستشفيات هناك، علما أن الحاج المصاب بمرض مزمن غير خطير يعتبر قادرا على أداء مناسك الحج، شرط أن يحمل معه ما يكفيه من دواءه المتخصص الذي يكفيه مدة إقامته بالمملكة السعودية. وكمعلومة استقيناها من معهد باستور بالعاصمة فإن المعهد يمنح الحاج دفترا دوليا للتلقيح يتضمن التلقيح ضذ التهاب السحايا، الدفتيريا والتيتانوس إضافة إلى الزكام مقابل 1540 دينار، والغريب أن نفس التلقيح يقوم به مستشفى القطار للأوبئة مقابل 100 دينار فقط، ودفتر التلقيح هو الوحيد الذي يراقب في المطار دون الدفتر الصحي. الحجاج الجزائريون المتوفون: علال عمر (عنابة)، قسيمة زخروفة (الجلفة)، محمد الصالح قتال (تبسة) وخديجة قادري (فرنسا). غنية قمراوي