تخترق حنان المنحدرة من ولاية عنابة، المسكونة بجني يهودي جدار الصمت وتكشف عن تفاصيل قد يخالها المتلقي كابوساً في منام مزعج، فتروي معاناتها الأليمة وكيف فقدت السيطرة على تصرفاتها وأقوالها، فيلازمها إحساسٌ بالارتعاش والدوخان الدائم، وبالأخص إذا طرأ على مسامعها تلاوة للقرآن الكريم، فتقوم بتمزيق ملابسها إربا إربا، وترمي بأثاثها من الطابق العلوي بالعمارة التي تقيم فيها، حتى أن أهل بيتها يسارعون إلى إطفاء جهاز التلفاز وجعل الراقي يتوقف عن تلاوته. فرّقني عن زوجي تؤكد حنان أنها عاشت أياماً صعبة، حين كانت الجني اليهودي يفرض سيطرته عليها، ويوسوس لها من أجل أن تطلب الطلاق من زوجها ويدفعها في أحيان كثيرة إلى ترك بيت الزوجية، فكم من مرة -تقول حنان- وجدتُ نفسي خارج بيتي شبه عارية، حيث كان الجني يلح على أن أكون حرة كي يتمكن من الارتباط بي وأصير "زوجته"، حتى أنه سعى إلى أن ينشأ بيني وبين زوجي نفورٌ قوي وكنت دائمة الشجار معه، لا نتحدث ولا نحتمّل بعضنا بعضا، لقد نال الجني مراده حيث كنت أحس برجل غريب يجامعني في الفراش، في بادئ الأمر اعتقدت أنه زوجي لكن حين استفسرت منه نفى ذلك، فأدركت حينها أن الجني اليهودي استولى على حياتي وفراش الزوجية، فالتزمت الصمت خوفا على مشاعر زوجي ووالد أبنائي، الجني اليهودي استعمل كل الطرق والأساليب الشيطانية لتفريقي عن زوجي وتحريضي عليه، فكان يردد في أذني عبارات: "أتركي زوجك، أطلبي منه الطلاق، أهربي من المنزل، وسأحوّلك إلى ملكة إذا وافقتِ على أن تعيشي معي، سأبني لك قصرا من زجاج، وأضع فيك قوة خارقة تمكِّنك من علاج المرضى بتشخيص الداء ووصف الدواء" كان الجني يعبد الحجر والأصنام هكذا كنت أراه وله أكثر من اسم فتارة ينتحل أسماء الرجال وتارة أخرى أسماء النساء. وتواصل حنان: كان أي شخص يتحدّث عني بالسوء في غيبتي حتى ولو كانت أمي، فإن الجني يخبرني بذلك ويتوجه إليه بعد أن يطلب إذني ويقوم في تلك الليلة بالاعتداء عليه بالضرب، وبالفعل في اليوم الموالي كنت أرى ذلك الشخص في حالة يرثى لها من شدة الضرب المبرّح الذي ناله، سكنني أكثر من جني وأصبحت كجهاز التحكم في أيديهم، سلبوني إرادتي وشخصيتي، وحولوني إلى آلة من دون عقل.