جهاز أمن الدولة المصري يعتقل 3 أساتذة جزائريين كشفت مصادر مؤكدة للشروق اليومي، عن فضيحة من العيار الثقيل، قد تتسبّب في خلق أزمة دبلوماسية بين الجزائر ومصر، تتعلق بتجاوزات فظيعة ارتكبها جهاز مباحث أمن الدولة بالقاهرة في حق 03 أساتذة جامعيين من كلية الإقتصاد بجامعة سطيف، كانوا قد تنقلوا إلى مصر بتاريخ 31 ديسمبر الفارط، في إطار زيارة علمية رسمية تندرج ضمن تربص قصير المدى، مؤطر من جامعة سطيف... حيث تحول اليومان الأخيران للأساتذة إلى جحيم حينما تعرضوا يوم الإثنين 14 جانفي 2008 إلى عملية اختطاف من قبل 06 عناصر أمن من جهاز مباحث أمن الدولة قامت دون سابق إنذار باقتحام الغرفة رقم 226 التي كان الأساتذة شريقي عمر وحركاتي نبيل ومرابط ساعد يقيمون بها في فندق دي روز (des roses) المتواجد بشارع طلعت حرب بوسط مدينة القاهرة، وكانت المفاجأة هي اقتياد الثلاثة بعد عملية تفتيش دقيقة شملت الغرفة والأغراض والوثائق بطريقة غير لائقة، حيث رفض عناصر الفرقة الذين كانوا بالزي المدني تقديم أي وثيقة تثبت هويتهم بعدما اكتفوا باستظهار الرشاشات التي كانت بحوزتهم على أنها عنوان هويتهم، علما أن مدير الفندق كان برفقة المجموعة. المنعرج الحقيقي للقضية، التي لم تعرف مثيلا لها من قبل، كان في طلب الأمن من الأساتذة إخلاء الفندق وحزم أمتعتهم قبل أن يقع الاقتياد الفظيع على متن سيارة تابعة لوحدة العمليات الخاصة بالأمن المركزي، كانت وجهتها لمقر الأمن المركزي بالقاهرة قبل التحوّل نحو وجهة مجهولة لم يعرفها أحد، باعتبار أن الأساتذة تمّ تعصيب أعينهم في الطريق، حتى لا يعرفوا مكان تواجدهم، وكان الاستقبال (ما شاء الله)، حيث كانت البداية بنزع الملابس بصورة كلية باستثناء التبان الداخلي، قبل تكبيل الأيدي بالسلاسل الحديدية، تزامنا مع تبديل الأسامي بالأرقام وأصبح كلا من عمر ونبيل وساعد 29، 28 و30. الوجه الآخر لمباحث أمن الدولة بمصر، اكتشفه الأساتذة الذين سافروا لأجل البحث قبل أن يقعوا في مخفر المباحث، فقد عاشوا 41 ساعة، كلها استنطاق وضرب وتهديد ووعيد وهم مكبلو الأيدي ومعصبو الأعين بمركز للتعذيب واستنطاق المعتقلين الذي لا يتوفر على أدنى ظروف الحياة، حيث كان الأساتذة الضحايا ينامون على البلاط ويأكلون مكبلين والدخول للمرحاض النتن يكون دون حذاء، زيادة على البرد الشديد، بالإضافة إلى المعاملة الخشنة التي كانت تسود المركز الذي تمّ فيه سماع كل أشكال التعذيب بالكهرباء والضرب والتجريد من الملابس مع بقية المعتقلين. أما قصة الاستنطاق، فقد شملت آلاف الأسئلة التي تركزت أساسا حول علاقة المستهدفين بتنظيم القاعدة وحقيقة التفجيرات الأخيرة في الجزائر ورأيهم في تنظيم الجهاد وأيمن الظواهري، وانتمائهم للسنة أو الشيعة وكم يحفظون من القرآن، وتطور الأمر ليشمل نوعية أرقام الهواتف التي عثر عليها بعد تفحص الجوالات الخاصة بالأساتذة ووصل الأمر حد الإطلاع على البريد الإلكتروني الشخصي لكل الأساتذة بعد أخذ كلمة السر عنوة والبحث في أي علاقات مشبوهة قد تكون بين الضحايا وأشخاص آخرين من مصر خصوصا، إضافة إلى جملة من الأسئلة تثبت بأن الضحايا كانوا عرضة للمتابعة والملاحقة طيلة الأيام الأخيرة بالقاهرة. والعجيب أنه لم يتم السماح للمعنيين بالاتصال بمسؤولي السفارة الجزائريةبالقاهرة، في الوقت الذي تمّ نقلهم بعد انتهاء التحقيق مباشرة إلى المطار دون تقديم أي اعتذارات أو شروحات حول ما جرى وأسبابه، وانتهى الكابوس بترحيل سريع من مطار القاهرة في حدود الساعة الثامنة والربع مساء بعدما تولت المباحث إجراءات السفر بالمطار، ليبقى السؤال المطروح في النهاية: كيف يتم القبض على أساتذة سافروا للعلم بأم الدنيا، فسافروا منها بطريقة إرهابية لا تمت بأي صلة لحقوق الإنسان بشكل عام؟ وماهو رد فعل السلطات المعنية حين تبليغها بحيثيات القضية التي تبقى للمتابعة؟ نصر الدين معمري