بتعليماته منع الخمار على موظفات الجمارك وتهديد المُخالِفات منهن بالفصل الفوري، بتهمة ارتكاب خطأ مهني من الدرجة الرابعة، يكون بودربالة قد أنسانا الحملة الشرسة التي تشنها بعض الحكومات والإدارات في أوروبا على الحجاب، لأنه كان أسوأ منها وأكثر عدائية. وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً..عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ، على رأي طُرْفَة بن العبد في معلقته الشهيرة.. فما الذي دفع بودربالة إلى ارتكاب هذه الحماقة، وما هو الضرر، وأين يكمن "الخطأ المهني الخطير من الدرجة الرابعة" في خمار تضعه الموظفة على رأسها تحت القبعة وهي ترتدي "الزِّي" الجمركي.. فالخمار لا يكاد يُرى أو يلفت الانتباه، إلا لمن يدقق بحثا عن الإساءة أو تحدي مشاعر الجزائريات والجزائريين، واستفزازهم، واستهدافهم في معتقداتهم، تماما كما يفعل هذا البودربالة.. تعليمة بودربالة ليست إلا هوسا من الدرجة العالية، واعتداء سافرا على قيم المجتمع وانتهاكا للحرية الفردية، وهدرا لحق المرأة الموظفة في الالتزام بدينها، لا يجب السكوت عنها.. ذلك لأن قرار المدير العام للجمارك لا يهدف إلى فرض زِيِّ الجمارك على الموظفات، إنما يهدف إلى نزع الخمار عن المتحجبات منهن، على اعتبار أن كل الموظفات يعملن بزِيِّ الجمارك الرسمي ولم يحدث أبدا أن خرجت موظفة عن القاعدة وارتدت عباءة أو حجابا.. فهل قضى المدير العام على كل ما يشوب القطاع من مفاسد ليتعرض إلى إحدى أبرز محاسنه ومزاياه وهي احترام حرية موظفاته الفردية؟ !