انتقد خبراء في الاقتصاد الجزائري القيود والشروط التي فرضها بنك الجزائر على المستثمرين الخواص والعموميين، بعد السماح لهم بالاستثمار في الخارج، حيث اعتبروها شروطا جاءت لتحد من إيجابية الخطوة التي انتظرها رجال الأعمال منذ سنوات، ما يجعل فرصة الاستثمار في الخارج حسبهم حكرا على المستثمرين الكبار فقط. قال الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري في تصريحات ل"الشروق" إن قرار السماح للجزائريين بالاستثمار في الخارج قرار نسبي بقيود كثيرة، مبرزا أن حصر استثمار المؤسسات فقط للتسويق أو تكميل أنشطتها في الجزائر من دون الاستثمار في مجالات أخرى هو بحد ذاته قيد للمستثمر، وشدد على أن قرار بنك الجزائر بعدم منح القروض للمستثمرين وإجبارهم على الاستثمار بأموالهم الخاصة، سيحرم المؤسسات الضعيفة التي ليس لها قوة اقتصادية من الاستثمار في الخارج، معتبرا أن هذا القانون سيكون في خدمة مصالح كبار رجال الأعمال وأصحاب المال الذين تعتبر نسبتهم ضئيلة في الجزائر. وبالرغم من ذلك، يرى لعميري أن قرار السماح لرجال الأعمال الجزائريين بالاستثمار في الخارج سيساعد في تحسين قيمة ونسبة التصدير خارج قطاع المحروقات، باعتبار أنه سيكون على المؤسسات استكمال نفس نشاطاتها في الجزائر، مشيرا إلى أن التأثير على الاقتصاد الوطني سيكون "إيجابيا ضئيلا" ليقول بأن الجزائر بحاجة للاستفادة من الأموال النائمة في البنوك الأجنبية والاستثمار في المؤسسات العالمية الكبرى والاستفادة من أزمات بعض الشركات المهددة بالإفلاس، خاصة أن جل هذه المؤسسات في العالم تباع بأسعار منخفضة، وذكر تجربة الصين في هذا المجال، ليعتبر بأن تقييد المستثمرين الجزائريين بالاستثمار في نفس نشاطاتهم بالجزائر لن يقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. وفي سياق مغاير، رحَب الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول بالقانون الذي صدر أول أمس في الجريدة الرسمية عن بنك الجزائر، ليقول "هذا القانون يعتبر خطوة جيدة في بدايته لكنه غير كاف"، وأضاف ذات المتحدث بأن هذا القانون سيسمح لحوالي 10 بالمئة فقط من المستثمرين الخواص باستثمار أموالهم في الخارج، لأن لديهم الأموال والسيولة، أما البقية والذين تقدر نسبتهم ب90 بالمئة فهم مديونون للبنوك الجزائرية ولا يمكنهم الاستثمار، حيث أن بنك الجزائر لا يمنحهم قروضا واشترط عليهم الاستثمار بأموالهم الخاصة ونفس الشيء بالنسبة ل95 بالمئة من المؤسسات العمومية، حيث أن سونطراك وحدها المسموح لها بالاستثمار في الخارج، وبهذا، فالقانون رغم إيجابيته إلا أنه جاء ليخدم مصالح رجال أعمال معينين وفقط ولن يكون له أي أثر على الاقتصاد الجزائري. ونوَه مبتول بأن هذا القانون وما يتضمنه من مواد غير كاف، ويحمل تناقضات عدة في طياته من خلال السماح للمستثمرين بالاستثمار بشروط تعجيزية وبخطوات بطيئة، حيث يجب أن يكون النشاط مكملا لنفس نشاط الشركة في الجزائر وبدون الاستفادة من القروض، ليدعو إلى الاستفادة من تجربة بلدان أخرى كقطر والصين في مجال الاستثمار من خلال إنشاء صندوق خاص بالمستثمرين وتدعيمهم للاستثمار في خارج البلاد، وأضاف "لماذا لا يساعد البنك المستثمر ويضع آليات لمراقبته"، وذلك خدمة للدولة بدرجة أولى. وربط مبتول نجاح خطوة الحكومة بمدى الاستفادة من الخبرات الأجنبية والتكنولوجيا وتطبيقها في الجزائر، مشيرا إلى تناقض هذا القانون مع تصريحات وزير الصناعة بخصوص حاجة الجزائر للمستثمرين الأجانب لا للاستثمار في الخارج، حيث قال "تصريحات وزير الصناعة كانت متناقضة لأنه لم يكن مطلعا على القانون الذي صدر في الجريدة الرسمية، لكن الاقتصاد الجزائري بقدر ما هو بحاجة للاستثمار الأجنبي في الجزائر، فالمستثمرون الجزائريون هم بحاجة أيضا للانفتاح على الأسواق العالمية وجلب الخبرات من هناك".