تمر الإثنين الثامن من أفريل، أربع سنوات عن آخر انتخابات رئاسية عرفتها البلاد، ليبدأ العد التنازلي للعهدة الرئاسية الحالية قبل عام فقط عن رابع استحقاق رئاسي تعددي في تاريخ الجزائر، ومع ذلك ما زال الضباب يخيّم على المشهد السياسي، حيث يلعب الطامعون في الرئاسة أو على الأقل في الترشح تحت الطاولة، ولا أحد أبدى صراحة ترشحه ما عدا سادس قائمة المترشحين في انتخابات 2004 فوزي رباعين الذي جنى حتى لا ننسى 0.64٪ من أصوات عشرة ملايين ناخب شاركوا في آخر رئاسيات التي بلغت فيها نسبة المشاركة 58.01٪ والتي اعتبرها وزير الداخلية يزيد زرهوني في حينها بالمقبولة. وعلى بعد عام فقط، بدأ جس النبض دون بلوغ قرع الطبول، خاصة أن المترشح الحر في الرئاسيات السابقة عبد العزيز بوتفليقة مطالب بانتظار تعديل دستوري ليترشح لعهدة ثالثة ستمكنه في حالة تحققها والفوز بها ومواصلة العهدة إلى آخر أنفاسها من أن يكون الرئيس الأطول حكما للجزائر (15 سنة كاملة)، ويتجاوز بذلك هواري بومدين والشاذلي بن جديد. وتبدو الأجواء هذه المرة مختلفة كون منافسي الرئيس في الجولة الماضية تغيرت الكثير منهم أحوالهم ما بين مختفي ومهاجر وحتى متهم من المنشقين عنه بالجنون!!وأمام التزكية المعلنة من رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، الذي كان في الاستحقاق الماضي رئيسا للحكومة (الخامسة في عهد بوتفليقة) أمام تزكية لعهدة رئاسية ثالثة، وأيضا لموقف ذاته المنتظر من أي زعيم لحركة مجتمع السلم، فإن ظهور ذات المترشحين أو معظمهم وارد في الاستحقاق المقبل. بحث في فائدة "بن فليس" آمن علي بن فليس في الاستحقاق الرئاسي السابق بإمكانية إحداثه للمفاجأة، ولكن الصندوق صدمه بنسبة اقتراع لصالحه بلغت 7.73٪ فقط، وهو ما جعله في أول رد فعل يتحدث عن التزوير ثم ابتعد نهائيا عن الأضواء في شبه اعتزال للمشهد السياسي، كما غاب عن كل التجمعات، وكان قد كوّن لنفسه بعض الشعبية إذ تمكن قبل ترشحه للرئاسيات من جمع أزيد من سنتي ألف توقيع، وخلال حملته الانتخابية ركز على انتقاد بوتفليقة من خلال 250 تجمع قال بخصوصها وزير الداخلية إنها جلبت ربع مليون متابع في 45 ولاية زارها بن فليس بنفسه خلال حملته الانتخابية، لكن كل الاحتمالات تصب في كون علي بن فليس (64 سنة) سيكون غائبا هذه المرة عن موعد العام القادم. جاب الله رئيس بلا حزب أول تعليق للسيد عبد الله جاب الله عقب ظهور نتائج الاستحقاق الماضي هو قوله "ما زال الطريق أمامنا طويل لتجسيد الديمقراطية الحقيقية"، وظهر جاب الله مؤخرا في عقر داره (سكيكدة) متمسكا بنضاله وأيضا باحثا عن موقع له في الخارطة الانتخابية القادمة بعد أن كان زعيم (الإسلاميين) عام 2004 عندما جاء في المركز الثالث بنسبة 4.84٪. ومن النهضة إلى الإصلاح إلى اللاحزب، يطمح أنصار جاب الله في تمكنه من جمع التوقيعات والمنافسة في سباق 2009 لأن النهضة ساءت نتائجها إلى درجة (العدم) منذ أن غادرها جاب الله، وجاءت أيضا نتائج الإصلاح في البرلمانيات والمحليات الأخيرة دون النتائج التي حققتها الحركة في عهد جاب الله (52 سنة) أحد أشد المتمسكين بالترشح للرئاسيات. سعيد سعدي من فرنسا إلى أمريكا بعد أن يئس نهائيا من الصندوق أو من الشعب الذي لم يمنحه إلا 1.93 ٪ في الانتخابات الرئاسية السابقة والتي لم تكن أحسن حالا من ترشحه للرئاسيات التي فاز فيها اليمين زروال، غيّر الدكتور سعيد سعدي (61 سنة) من منهجه السياسي إذ اقتنع بأن بقاءه على ذات الخطاب السياسي سيبقيه على الدوام أرنب سباق كما حدث له في مناسبتين، لأجل ذلك اختار أمريكا هذه المرة للمناورة بطريقة توحي أنه يحاول نسف الانتخابات قبل موعدها حيث طالب في البداية بالمراقبة الدولية للانتخابات ثم بمنع تعديل الدستور وانتهاء بطلب التدخل مباشرة في الشأن الجزائري. وخسر سعدي حتى ميدانه بمنطقة القبائل إذ برغم مشاركته في الرئاسيات السابقة إلا أن المنطقة شهدت مقاطعة واسعة وتم حرق ما لا يقل عن 612 مكتب، فلم يعد له من مكان للحملة الانتخابية إلا خارج الوطن وبالضبط بالولايات المتحدة وهي تشبه الحملة الحربية!! لويزة حنون.. وحدها في الميدان مباشرة بعد الإعلان عن نتائج رئاسيات 2004، تلقت زعيمة حزب العمال رسالة خصها بها رئيس الجمهورية وأعرب فيها عن تقديره لها قائلا »أنت تشرّفين بنات وطنك وأبنائه، أشاطرك ما خاطبت به الشباب الجزائري لأجل أن لا يفقدوا الأمل في الجزائر لأنهم لا بلد لهم سواها«.وحافظت لويزة حنون التي تعتبر أول امرأة عربية تترشح للرئاسيات في التاريخ.. حافظت على تواجدها في الساحة واستغلت كل المناسبات الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية وحتى الثقافية للظهور، كما حافظت على وسطيتها، مما يعني أن وجودها في الاستحقاق القادم من المسلمات. لويزة حنون (54 سنة) التي جمعت في الانتخابات السابقة 1.16٪ من أصوات الناخبين مرشحة لأن تتقدم في الترتيب، هذا إذا لم تكن المنافسة الوحيدة بالنظر إلى الضباب الذي يخيّم على بقية الساسة. فوزي رباعين اتهمه التصحيحيون بالخبل فاجأ فوزي رباعين الجميع بتواجده في السباق السداسي نحو قصر المرادية بالرغم من أنه كان أرنبا للأرانب وليس للمترشح الأول، ولم يزد موقعه السادس عن نسبة 064٪، لكنه اعتبر ذلك نجاحا في غياب أسماء لم تتمكن من التواجد لأسباب متعددة مثل الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي وسيد أحمد غزالي وصيفي وغيرهم.. وأعرب منذ أشهر وفي عدة مناسبات فوزي رباعين (53 سنة) عن عزمه في الترشح للرئاسيات القادمة رغم (الحاجز المزيف) الذي نصبه له بعض مناضلي حزبه ومنهم مكتب عنابة الذين طالبوا بالحجر على نشاطه وعرضه على طبيب أمراض عقلية، حيث اتهموه بالخبل وقالوا إنه أصبح يتهيأ مشاهد خيالية، كما رفعوا ضده دعوى قضائية ليصاب الحزب بفيروس التصحيحية الذي طال معظم الأحزاب. بوتفليقة... »أطول« رئيس جمهورية! بالضربة القاضية الفنية، أسقط بوتفليقة منافسيه في الرئاسيات السابقة حاصدا 83.49٪ من أصوات الناخبين ومبخرا حتى الأمل في بلوغ الدور الثاني، وقبل ذلك لم يجد صعوبة في جمع 1.3 مليون توقيع لأجل الترشح، ونشط أثناء الحملة رفقة مسانديه 3 آلاف تجمع حضر فعالياتها مليون ونصف مليون نسمة... وخلال الانتخابات الرئاسية القادمة سيبلغ الرئيس 72 سنة من عمره، وإذا أكد نيته في الترشح، فإن فوزه بالعهدة الثالثة سيمكّنه من احتمال بلوغ الفترة الرئاسية الأطول في تاريخ الجزائر إذ سيكون قد أمضى بحلول عام 2014 رقم 15 سنة على رأس الجزائر متجاوزا الراحل هواري بومدين (13 سنة) والرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد (12سنة)المهم أن العد التنازلي بدأ ولا أحد بإمكانه التكهن بما سيكون، بمن فيهم الراغبون في الترشح والزاهدون عنه والخائفون منه والمترددون بخصوصه.