عكست رغبة 25 مترشحا للانتخابات الرئاسية الرابعة في عمر التعددية السياسية حتى الآن، نوعا من الفتور على المشهد السياسي، بسبب غياب شخصيات سياسية من الوزن الثقيل، وكذا غياب التيارين الإسلامي واللائكي عن هذا الاستحقاق، ما يشكل الشذوذ عن قاعدة استحقاقات 1995 و1999 و2004 التي تنافس فيها زعماء أحزاب سياسية وشخصيات ورؤساء حكومات سابقة يتمتعون برصيد سياسي يشرع لهم من الناحية المنهجية التسابق على كرسي الجمهورية• شكلت الاستحقاقات الرئاسية المزمع تنظيمها شهر أفريل المقبل، استثناء في الانتخابات الرئاسية الجزائرية منذ فجر التعددية السياسية التي ولدت من مخاض أحداث 5 أكتوبر 1988، والدليل على ذلك أن أشخاص لا يتمتعون بأي رصيد سياسي ولم يشهد لهم المجتمع المدني بأي نشاط، لم يجدوا أي حرج في التقدم إلى وزارة الداخلية والجماعات المحلية لسحب استمارات الترشح• كما يتميز الاستحقاق القادم بكثرة المتسابقين إلى كرسي المرادية، حيث وصل عددهم حتى أمس، 25 مترشحا، الأمر الذي لم نسجله في أي من الانتخابات الرئاسية الثلاث الماضية، حيث كان العدد في العموم لا يفوق العشرة على أكثر تقدير، كما أن الشخصيات المترشحة في الغالب كانت تمثل تيارا سياسيا معنيا بالاستثناء، بعض الشخصيات التي ترشحت بمظلة حرة قياسا بالوزن السياسي الذي تمثله على الساحة الوطنية، كما هو الشأن بالنسبة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وعبد الله جاب الله واليمين زروال• ففي الانتخابات الأولى بعد التعددية السياسية بالجزائر• ترشحت أربع شخصيات هي، اليمين زروال كمترشح حر، والمرحوم محفوظ نحناح باسم حركة مجتمع السلم، وسعيد سعدي باسم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ونور الدين بوكروح باسم حزب التجديد الجزائري• وكانت الانتخابات الرئاسية لسنة 1999 أكثر حماسا وتنافسا من الانتخابات الأولى، وهذا بالنظر لثقل الوزن السياسي للشخصيات المترشحة، كما أنها كانت أكثر تمثيلية بالنظر للأطياف السياسية والإديولوجية التي تنافست خلال هذا الاستحقاق، حيث سجلت مشاركة كل من عبد العزيز بوتفليقة كمترشح حر وأحمد طالب الإبراهيمي وعبد الله جاب الله وحسين آيت أحمد ومولود حمروش ومقداد سيفي ويوسف الخطيب، لينسحب المترشحون الستة من الاستحقاق قبل يوم واحد من تنظيمه، ويفوز بوتفليقة بكرسي الرئاسة بما نسبته 73.79 بالمائة من الأصوات• ولم تخل الانتخابات الرئاسية الماضية هي الأخرى من الحماس السياسي للمتنافسين المختلفين في التوجه السياسي، حيث اجتهدوا في كسب ثقة الهيئة الناخبة وأظهروا مهاراتهم، وبلغ الحماس ذروته عندما تحول مدير حملة الرئيس الجمهورية في انتخابات 1999 ورئيس حكومته فيما بعد، إلى خصمه في رئاسيات 2004، ممثلا في الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني علي بن فليس الذي رتب لذلك بإبعاد أنصار الرئيس من المكتب السياسي في المؤتمر الثامن، وهو ما ولد الحركة التصحيحية التي دعمت الرئيس خلال الانتخابات ووقفت بالمرصاد لمنافسه علي بن فليس، الذي نجح بعد ذلك في جمع التيار اللائكي ممثلا في سعيد سعدي، والتيار الإسلامي بقيادة عبدالله جاب الله، عندما تحالفوا معه ضد رئيس الجمهورية، ورغم ذلك لم يحصلوا حتى على ربع عدد الأصوات التي حصل عليها رئيس الجمهورية، لتأتي بعد ذلك الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون و أخيرا فوزي رباعين من حزب عهد 54•