كشف التقرير السنوي الذي أعده مجلس المحاسبة حول تسيير وتنفيذ الاعتمادات المالية المخصصة للوزارات ومختلف القطاعات، بعنوان قانون المالية لسنة 2012، عن تجاوزات خطيرة، جعلت المجلس يتحاشى عرض كامل تفاصيل تقريره على لجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني، والاكتفاء -حسب مصادر برلمانية- بعرض فقط ما لا يتعدى ال 10 في المائة من التقرير المفصل الذي رفعه إلى رئيس الجمهورية، ويتضمن خروقات في تسيير المال العام، على غرار تخصيص ميزانيات لمؤسسات غير موجودة، وتحويلات غير قانونية قام بها مسؤولون مركزيون في بعض الدوائر الوزارية. ميزانيات لمؤسسات متوقفة وأخرى غير موجودة تضمن التقرير الذي أعده مجلس المحاسبة وأطلع موقع "الشروق أن لاين" على مضمونه" ويخص تنفيذ الاعتمادات المالية المخصصة للوزارات، بعنوان قانون المالية لسنة 2012، خروقات بالجملة في تسيير مختلف القطاعات سيما منها ذات الصلة بالنشاط الجمعوي على غرار وزارتي الثقافة والتضامن الوطني، ومن أبرز ما لاحظه التقرير الذي وضع تحت تصرف لجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني، عدم تجسيد مخططات تسيير الموارد البشرية، ومنح إعانات مالية لمؤسسات متخصصة متوقفة عن النشاط، وأخرى غير وجودة أصلا. ففي وزارة الثقافة أسفرت عملية الرقابة لنشاط القطاع سنة 2012، تحت وصاية الوزيرة السابقة خليدة تومي، على تسجيل منح إعانات لست (06) مؤسسات متخصصة متوقفة عن النشاط هي: المركز المتخصص في إعادة التربية لبئر خادم بميزانية قدرها 57.619.282.04 دينار، في حين هذا المرفق "مستعمل كمقر لمديرية النشاط الاجتماعي والتضامن للجزائر، وباقي أجنحته مستغلة كسكنات. وفي ولاية بومرداس توجد دار للأشخاص المسنين ببرج منايل سجلت لفائدتها ميزانية ب 23.836.000,00 دينار، لكن هذه المرفقة مسخرة كمرفق للأمن الوطني، وبولاية بومرداس أيضا سجل التقرير أيضا ميزانية قدرها 48.608.071,99 دينار، لصالح المؤسسة المتخصصة في حماية الطفولة والمراهقة بدلس. وبولاية عين الدفلى حسب التقرير يوجد مركز الأطفال ذوي النقص في التنفس بعين النسور، والذي خصصت له ميزانية تقدر ب 40.4499.097,2 دينار، وأيضا مؤسسة الطفولة المسعفة بمليانة بالولاية ذاتها والمسجلة لحسابها ميزانية بقيمة 54.643.000,00 دينار، ويؤكد مجلس المحاسبة في تقريره عدم وجود مقيمين في هذه المؤسسة، شأنها شأن مدرسة الأطفال المعاقين بصريا بالطارف والمسجلة لحسابها ميزانية بقيمة 32.150.000,00 دينار. وعلى غرار وزارة التضامن قامت وزارة الثقافة بدورها –وفق ما يكشف عنه التقرير- بتسجيل إعانات ومساهمات لفائدة مؤسسات لم تنشأ بعد، حيث تم تخصيص ميزانيات لمؤسسات ليس لها وجود قانوني مثل (مكتبات المطالعة العامة بولايات سطيف، وبرج بوعريريج، والوادي)، والتي تم تزويدها بميزانية تناهز ال 91 مليون دينار، و150 منصب ميزانياتي. بالإضافة إلى خمسة(05) مسارح جهوية توجد في نفس الوضعية وتستفيد من اعتمادات مالية اجمالية قدرها 130.000.000 دينار، ويتعلق الأمر بكل من المسرح الجهوي للهواء الطلق والمسارح الجهوية لولاية ورقلة، وتمنراست، والجلفة، ومستغانم. ولد عباس أمام فضيحة المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين ومن الخروقات التي تضمنها تقرير مجلس المحاسبة، قيام وزارة التضامن الوطني في فترة الوزير جمال ولد عباس بتحويل لفائدة المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين(onea ) ثلاث إعانات بمبلغ 88.851.310,00 دينار سنة 2012. وذكر التقرير أن المنظمة الطلابية المذكورة "يترأسها موظف سامي في الوزارة برتبة مكلف بالدراسات والتلخيص"، وقامت "بإبرام اتفاقيات، ما اعتبره التقرير "حيازة أموال عمومية بصفة غير قانونية". وتوصل العمل الرقابي لمجلس المحاسبة إلى نقص المصداقية في المعطيات المتعلقة باستهلاك الاعتمادات المالية للقطاع، وتتضائل المصداقية في الأرقام المسجلة في الحساب الإداري والخاصة بالإعانات الممنوحة للمؤسسات تحت الوصاية. وحسب ما أورده التقرير في الصفحة رقم 259 فإنه رغم الجهود المبذولة من طرف المصالح المعنية، على غرار الإدارة المركزية التي قامت بشغل 58 منصب شاغر، فإن عدد المناصب غير المشغولة يبقى مرتفعا نوعا ما، ويقدر ب 1478 من مجموع 9479 منصب ميزانياتي بنسبة 15 في المائة، منه 85 منصب من بين 547 منصب مركزي و1393 على مستوى المصالح المركزية. ولم تقم الوزارة بالأشغال السنوية للجرد، " مما لا يسمح بضمان مراعاة مبادئ الشفافية والفصل بين المهام المتعارضة، خاصة وأن أشغال الجرد لم تسند إلى لجنة معينة". وزارة الثقافة تتجاهل ملاحظات مجلس المحاسبة ويورد التقرير أن مجلس المحاسبة قام بتوجيه ما سبق ذكره من ملاحظات إلى وزارة الثقافة في المذكرة القطاعية للسنة المالية 2011، لكنها لم تستدرك الوضع في السنة المالية 2012. وبحسب المصدر فإن وزارة الثقافة لم توفر أي تكوين للموظفين من أجل تحسين مستواهم، وتجديد معلوماتهم، فضلا عن نقص المتابعة للإعانات والمساهمات الممنوحة للمؤسسات تحت الوصاية والمستفيدة من 47في المائة من ميزانية التسيير المقدرة ب 12,4 مليار دينار. هذه المبالغ يقول عنها التقرير بأنها لم تحض بالمتابعة الكافية من طرف المصالح المعنية للإدارة المركزية التابعة للوزارة.
ثغرة في ديوان حقوق المؤلف ب 52 مليارا ومن الخروقات أيضا حسب التقرير "غياب الرقابة على الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، كما ظهر وجود خرق في الجرد الخاص بالديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بمبلغ 52 مليون دينار"غير مفسرة". كما غابت إجراءات جرد "ديوا رياض الفتح" والعثور على 410 استثمار مسجل بقيمة منعدمة. وفي نفس الباب فإن الاعتماد المخصص لإحياء الذكرى ال 50 لعيد الاستقلال المقدر ب 4,91 مليار دينار والممنوح لتسع (09) مؤسسات تحت الوصاية، لم يكن موضوع "تقرير" ولا "تقييد" بدفتر الشروط. تومي تخالف تعليمة وزارة المالية وسجل التقرير مخالفة وزارة الثقافة لتعليمة وزارة المالية رقم 002 المؤرخة في 01 مارس 2010، وكدا أحكام المرسوم التنفيذي رقم 98-227 المؤرخ في 19 ربيع الأول الموافق ل 13 جويلية 1998 والمتعلق بنفقات الدولة للتجهيز، حيث لم يتم إتمام تطهير مدونة التجهيز لوزارة الثقافة.
ميزانية الاحتفال بعيد الاستقلال..ضرع يُحلب ووقف تقرير مجلس المحاسبة في قطاع الثقافة على وجود 193 منصب غير مشغول من مجموع 1297 منصب، وهو ما يمثل 15 في المائة. أما المؤسسات الأخرى تحت الوصاية فالفارق هو 340 منصب شاغر من بين 11052 بنسبة 3 في المائة. كما توجد نفقات غير مبررة، وأشغال لا تحتوي على تأشيرة الخدمة المنجزة من طرف المصالح التقنية. بالإضافة إلى ثغرات في صرف ميزانية إحياء الذكرى ال 50 لعيد الاستقلال. ونفس الملاحظات مسجلة في تسيير وزارة الشؤون الدينية التي لم تقم بشغل 5777 منصب مالي بقي في حالة الشغور إلى غاية إعداد مجلس الدولة تقريره نهاية 2012، ومن هذه المناصب ما نسبته 12 في المائة وظائف في المصالح المركزية. كما لم تصرف الوزارة الاعتمادات المالية المخصصة لتغطية مصاريف اللجنة الوطنية للشعائر الدينية لغير المسلمين، والمقدرة ب 6000.000 دينار، لعدم تأسيس هذه اللجنة نهائيا، وكدا عدم استهلاك ميزانية مجلة رسالة المسجد المقدرة ب 15000.000 دينار، لعدم صدور المجلة في 2012. ويسجل التقرير استهلاك ضعيف لميزانية تكوين المستخدمين التي صرف منها سوى ما نسبته 13 في المائة.