التقرير يفضح صفقات سونطراك وعقود مخالفة للقانون تحت الضوء أزيد من 60 ألف منصب شغل شاغر منذ 3 سنوات في 9 قطاعات وزارية والبطالون ينتظرون حذر التقرير التقييمي لمجلس المحاسبة حول طريقة صرف ميزانية الدولة لسنة 2011 من مخاطر اقتصادية، بسبب زيادة الإنفاق وضخ الأموال لإسكات الجبهة الاجتماعية، وزيادة الأعباء العمومية التي تهدد الجزائر بالإفلاس، في وقت سجلت فيه تجاوزات قانونية في تنفيذ ميزانية التسيير واستهلاك الاعتمادات المالية التي كانت خارج الرقابة. فيما كلف سوء تقدير دراسات وبرامج الحكومة خسائر إضافية، وحذر التقرير من تأخر فادح في انطلاق مشاريع حصلت على الضوء الأخضر من طرف الحكومة، وخلص إلى ضعف في إنجاز مخطط التسيير للموارد البشرية الذي أنتج أكثر من 60 ألف منصب شغل في 9 قطاعات وزارية ورغم أن الجزائر شهدت في غضون السنوات الأخيرة مئات الحركة الاحتجاجية وكان أبرزها حركات البطالين والمتعاقدين من مختلف ولايات الوطن، بسبب أزمة البطالة التي كادت تزج بالبلاد في أزمة بعد انتفاضة ولايات الجنوب بسبب الشغل، واستغلال أطراف داخلية وأجنبية هذا الظرف ل«التخلاط" السياسي، وأثارت موجة احتجاجات خاصة بالجنوب تخوفات السلطة التي بادرت لإطلاق إجراءات جديدة فيما يتعلق بالشغل وفتح مناصب عمل لفائدة البطالين لا تزال مجمدة إلى حين المصادقة على قانون المالية لعام 2014، إلا أن التقرير كشف أن العديد من مناصب الشغل ظلت شاغرة على مستوى مصالح الإدارة المركزية والمحلية بالرغم من أن الدولة رصدت لها مخصصات مالية. وأضاف أن التحقيقات التي قامت بها اللجنة المكلفة بالملف، كشفت وجود فارق كبير بين تعداد الموظفين الحقيقيين، وعدد الموظفين الشاغلين لمناصب فعلية. وفسر التقرير هذه الوضعية التي أكد تسجيلها على مدار السنوات السابقة بعدم تجسيد المخططات السنوية لتسير الموارد البشرية بعنوان السنة المالية 2011 والتي من أجلها فتح مناصب مالية. مليون بطال ومتعاقد مقابل 60 ألف منصب شاغر ب 9 قطاعات بينت تحريات مجلس المحاسبة أنه رغم الارتفاع الطفيف على مستوى استهلاك اعتمادات المستخدمين التي بلغت 93 بالمائة، إلا أنه سجل وجود أرصدة مالية هامة تتعلق بنفقات المستخدمين والتي بلغت 136 مليار دج وهي تمثل 39 بالمائة من الرصيد الإجمالي لميزانية التسيير. وتبين من خلال فحص شغور المناصب المالية الذي مس بنسبة عالية المناصب الخاصة وكذا مناصب التأطير على مستوى المصالح المركزية والمصالح غير الممركزة على حد سواء، أن ذلك له التأثير على تجسيد المصالح المنشأة بموجب الهياكل التنظيمية، حيث تم تسجيل أزيد من 30 ألف منصب شاغر في وزارة الشؤون الدينية ما يمثل نسبة 53 بالمائة من مجمل المناصب المفتوحة منها 96 منصبا في الإدارة المركزية ومعظمها مناصب عالية ومتصرفين، و29.640 منصب على مستوى المصالح غير الممركزة بينها 609 منصب عالي. في حين سجل قطاع التربية أكبر نسبة شغور في المناصب منذ 3 سنوات والتي بلغت 42556 منصبا بما يمثل 30 بالمئة منها 17.975 منصب أستاذ و37 منصب رئيس مكتب على مستوى الإدارة المركزية، و128 منصب رئيس مصلحة، إضافة إلى شغور 356 منصب رئيس مكتب على مستوى المديريات الولائية، في وقت أعلنت وزارة التربية عن فتح أكثر من 27 ألف منصب في القطاع بمختلف المستويات سيتم تسوية ميزانية هذه المناصب العام المقبل بعد المصادقة على قانون المالية لعام 2014. في حين سجل بوزارة التعليم العالي نسبة شغور كبيرة في عدد الأساتذة المؤطرين بلغ 20.701 منصب شاغر منها أزيد من 6 آلاف منصب خاص بالأساتذة. مع الإشارة إلى أن قطاع التربية والتعليم العالي استفاد من أعلى نسبة من الإعانات المالية بحصص تقدر ب31.945 مليار دج للأول، و284.383 مليار دج للقطاع الثاني. 4 آلاف منصب طبيب مختص شاغر أما عدد المناصب التي ظلت شاغرة طيلة 3 سنوات في قطاع الصحة رغم منح اعتمادات مالية لهذه المناصب، فقدرت ب18349 منصبا منها أزيد من 4 آلاف منصب طبيب مختص و6916 منصب عون شبه طبي، ومن المؤكد أن هذا الخلل والنقص في المناصب أثر بشكل كبير على مستوى الخدمات الصحية وهو ما أكدته تقارير نقابات الصحة التي كانت قد دعت في وقت سابق إلى فتح مسابقات لتوظيف الأطباء وتعزيز قطاع الصحة من اجل تحسين مستوى التكفل الصحي، وقد أثرت حالة الشغور هذه بشكل ملحوظ على الأهداف والمهام المسندة لتلك القطاعات. كما أحصى تقرير لجنة المحاسبة شغور عدد من المناصب على مستوى وزارة العدل، أزيد من ألف منصب وفي الجهاز التنفيذي، وقال التقرير إن التحقيقات التي قامت بها اللجنة المكلفة بالملف، كشفت وجود فارق كبير بين تعداد الموظفين الحقيقيين، وعدد الموظفين الشاغلين لمناصب فعلية. وقد أبدى التقرير مخاوف من تراكم الأرصدة الناتجة عن عمليات التسيير السابقة. كما سجل أن التأخير الكبير في توزيع وتبليغ الاعتمادات المالية لفائدة المؤسسات العمومية والإدارية، دفع هذه الأخيرة إلى اللجوء لاستهلاك مفرط للاعتمادات في نهاية السنة، أو إلى تجاوز الآجال القانونية لتنفيذ النفقات العمومية. نشاط سوناطراك خارج الرقابة وإعفاءات جبائية غير مستحقة سلط تقرير مجلس المحاسبة حول مشروع القانون المتضمن تسوية الميزانية لسنة2011 الضوء على خروقات قانونية صارخة في تنفيذ ميزانية التسيير لوزارة الطاقة المناجم التي تحصلت على اعتمادات مالية قدرت ب 30.416.135.000 دج، حيث وقف على عدم احترام قانون الصفقات العمومية فيما يخص الاستشارة وعدم تسجيل الممتلكاة المقتناة في سجل الجرد، إضافة إلى غياب تام لإجراءات داخلية تسمح بتأطير ومتابعة الاتفاقية المبرمة بين سوناطراك ووزارة الطاقة والمناجم في إطار تنفيذ برنامج تحلية مياه البحر. كما فضح التقرير عدم إعداد دفاتر الشروط المحددة لشروط استعمال المساهمة والأهداف المنتظرة منها فيما يخص إنجاز المدينة الجديدة لحاسي مسعود ومدرسة المناجم بالعابد. وأشار مجلس المحاسبة إلى أن وزارة المالية سجلت بالنسبة لسنة 2011 فقط مبلغ 54,668 مليار دينار من النفقات الجبائية، من بينها أكثر من 173 مليار دينار تعود لسوناطراك مقابل تسليمها لأكثر من 44 ألف شهادة إعفاء من الرسم على القيمة المضافة لإعفاءات أخرى تم منحها لمستثمرين، وأكد تراجع حصة الجباية البترولية التي حققت خلال سنة 2011 معدل 44.02 %، مسجلة تراجعا مقارنة مع السنة التي سبقتها. وأورد التقرير أن وزارة المالية تقيد حصص أرباح سونطراك دون إجراء رقابة عن صحتها ومصدرها، كما نوه إلى أنه يتعذر رقابة تلك الشهادات والإعفاءات الممنوحة مباشرة من طرف سوناطراك. كما لاحظ المجلس أن بعض الشهادات تم تسليمها خرقا لأحكام قانون الرسم على رقم الأعمال. وسجل مجلس المحاسبة عدم احترام بعض المستثمرين في قطاع الطاقة لالتزاماتهم بسبب غياب الرقابة على إنجاز مشاريع الاستثمار، حيث تفاقمت هذه الوضعية بسبب نقص التنسيق بين مختلف الإدارات المتدخلة كالجمارك والضرائب والأملاك. وكشف التقرير أن مديرية الشركات الكبرى للضرائب، تقوم بتحصيل الضريبة النفطية على أساس تصاريح بأرقام الأعمال التي تقدمها المصالح المالية لسوناطراك وشركائها الأجانب، دون إخضاع هذه الأرقام إلى مراقبة بعدية، للتأكد من صحتها، وهو ما يثير شكوكا حول الأرقام التي تقدمها سوناطراك والشركات النفطية الأجنبية، ومدى تطابقها مع الواقع. وضمن هذا السياق الذي يكشف عن خروقات وتجاوزات تضاف إلى الفضائح المالية التي يغرق فيها مجمع سوناطراك، تحدث التقرير عن امتيازات مالية قامت سوناطراك بمنحها دون أن تتمكن الإدارة الجبائية من التمييز بين مرحلة الإنجاز والاستغلال وحالات إنشاء أو توسيع في النشاط، وقد ترتب عن هده الوضعية حسب التقرير منح امتيازات غير مستحقة والترخيص بإعفاءات لبعض المكلفين في غياب مقررات منح لهذه الامتيازات. شكوك حول تسيير صناديق مجمدة تُصرف عليها الملايير خصص تقرير لجنة المحاسبة حيزا هاما للوقوف على أداء الصناديق التي استفادت من حصص مالية هامة، حيث وقف على جملة من الملاحظات أهمها أن كثيرا من هذه الصناديق تحصلت على اعتمادات مالية وهي مجمدة، منها الصندوق الوطني للطرقات السريعة، الذي أنشئ عام 1999، حيث يتلقى هذا الصندوق منذ إنشائه الإعانات دون استهلاك مسجل، وهذا بسبب عدم إنشاء لجنة تنفيذ لمتابعة وتقييم أداء هذا الصندوق على مستوى الوزارة، يتم من خلاله تحديد كيفيات تسيير اللجنة المكلفة بالصندوق. مع العلم أن هذا الصندوق يتلقى سنويا إيرادات وفق النصوص القانونية، حيث تراكمت منذ إنشائه أكثر من 13.892 مليار دج، إلا أنه لم يسجل على حسابه أي نفقة. كما تطرق التقرير إلى صندوق تعويض نفقات النقل، والذي يهدف إلى حماية القدرة الشرائية لمواطني الجنوب لاحتواء الارتفاع في المنتجات الضرورية وبعض مواد البناء، حيث قدرت تخصيصات ميزانية 2011 ب2.572 مليار دج، وقد سجلت عدة ملاحظات حول تسيير الصندوق أهمها التأخر في تخصيص إعانات في الولايات الجنوبية بسبب دمج الإعانات السنوية في ميزانية الوزارة، والتأخير في الالتزام بهذه الاعتمادات لفائدة الولايات المعنية. وأشار التقرير إلى انعدام الشفافية في تسيير صندوق ضبط الإيرادات. ومن بين الحسابات الخاصة بوزارة الطاقة التي انتقدها مجلس المحاسبة، الصندوق الوطني للتحكم في الطاقة والذي أورد التقرير أن تسييره تميز بغياب الإجراءات المحددة لكيفيات المتابعة والتنسيق مع وزارة الطاقة وغيابا لتقييم المشاريع، وعدم احترام الصندوق الوطني للتحكم في الطاقة لتحديد الأسعار المطبقة من طرفه، وكذا التأخر في إنجاز المشاريع المسجلة في برنامج 2007 2011، مع تسجيل غياب لتقييم المشاريع المنجزة على ترشيد استعمال الطاقة. وانتقد التقرير أيضا عمل صندوق الممتلكات المنجمية الذي سجل فيه وجود رصيد كبير يتجاوز 11 مليار دج، مما يدل على أن الإيرادات المخصصة لهذا الحساب تتجاوز احتياجات تمويل الوكالتين. ونالت الصناديق والحسابات الخاصة الموضوعة تحت وصاية وزارة الفلاحة، حصة كبيرة من ملاحظات التقرير خاصة صندوق التنمية الريفية واستصلاح الأراضي عن طريق الامتياز، حيث تدخل مجلس المحاسبة بعد سلسلة الفضائح والتجاوزات الكبيرة في تسيير الصندوق. اللجوء لحسابات خاصة أغلبها مجمدة رغم أرصدتها الهامة كما خصص التقرير جزءا كبيرا لتسيير الحسابات الخاصة، وانتقد الإفراط في اللجوء إلى فتح حسابات التخصيص الخاصة، حيث إن هذه الحسابات مزودة وبقيت جامدة دون تحريكها رغم أهمية الأرصدة التي تحويها منها صندوق ترقية التكوين المهني المتواصل، وصندوق دعم الاستثمارات برصيد يقدر ب6.473 مليار دج، والصندوق الوطني لدعم الاستثمارات الكهربية والتوزيع العمومي للغاز، برصيد يقدر ب50.380 مليار دج، وقال إن هذه الممارسات لا تسمح بتسيير شفاف للمال العام، ما يطرح إشكالية كبيرة في غياب متابعة مستمرة لطريقة استعمال الأموال المودعة في هذه الحسابات، وأحصى التقرير وجود 101 حساب خاص، أغلبها لم يتم استعمالها ولو لمرة واحدة. ومن بين هذه الحسابات، الحسابات الخاصة بوزارة الطاقة التي انتقدها مجلس المحاسبة الصندوق الوطني للتحكم في الطاقة والذي أورد التقرير أن تسييره تميز بغياب الإجراءات المحددة للكيفيات المتابعة والتنسيق مع وزارة الطاقة وغيابا لتقييم المشاريع، وقال التقرير إن بعض هذه الحسابات لم ترفق لا ببرامج نشاط بجداول إنجازها ولا يوضح آليات متابعتها وتقييمها، وأضاف أنه في هذا الصدد يجب أن تكون هذه الحسابات موضوع برامج عمل معد من طرف الآمرين بالصرف المعنيين، تحدد في كل حساب الأهداف المسطرة واستحقاقات الإنجاز، بالإضافة إلى تدابير المتابعة والتقييم التي يحددها الآمرون بالصرف المعنيون ووزير المالية عند إعداد مدونة الإيرادات والنفقات. إفراط في منح الإعتمادات وتخوفات من إفلاس الجزائر ذكر التقرير التقييمي للجنة المحاسبة أن السعر المرجعي لبرميل البترول وتأثير زيادة الأعباء العمومية الناتجة عن إنجاز استثمارات من الحجم الكبير بغرض التقليص من حدة التأخير في المشاريع التي تشهدها قطاعات البنى التحتية وبدرجة أقل الأعباء العمومية كلها عوامل أدت إلى الاختلالات المالية، وأشار التقرير أن السياسة الاقتصادية المنتهجة من طرف الحكومة خلال السنوات الأخيرة خطيرة على مستقبل البلاد، المهددة بالإفلاس إن تواصلت سياسة الإنفاق على هذا النحو، مشيرا إلى أن هناك اختلالات كبيرة في عملية منح الميزانيات الخاصة ببعض القطاعات، حيث إن هذه الوضعية تشير إلى سلامة الميزانية في المدى المتوسط لأهداف النمو المدعومة بضخ كبير للأموال، فإن هذا الأمر لا يخلو من مخاطر ظرفية ولا يمكن التنبؤ بها ومن الصعب حسب التقرير التحكم فيها، ودعا المجلس إلى مزيد من اليقظة والعقلنة في تسيير الأموال، خاصة أن السياسي الاقتصادية المنتهجة من طرف الحكومة خلال السنوات الأخيرة خطيرة على مستقبل البلاد، المهددة بالإفلاس إن تواصلت سياسة الإنفاق على هذا النحو، لا سيما مع الميل إلى الانخفاض المستمر في القيمة المضافة لقطاع المحروقات وعدم استقرار الاقتصاد العالمي، وهما عاملان مهمان لأخذ الحكومة مزيدا من اليقظة، مشيرا إلى أن هناك اختلالات كبيرة في عملية منح الميزانيات الخاصة ببعض القطاعات.