أدّى انقلاب الجنرال بينوتشيه المدعوم من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية على الرئيس سلفادور أليندي، سنة 1974 إلى إدخال الشيلي في متاهة من العنف والفوضى، انعكست سلبا على قطاعات مختلفة أبرزها الفلاحة التي صدرت بحقها قوانين تعسفية. هذه الصورة التي تعكس الاستبداد وأوجه الديكتاتورية المتعددة، جسدت في الفيلم الروائي "الأخوات كويسبي" للمخرج سيباستيان سيبولفيدا والذي يروي فيه معانات ثلاث أخوات يعشن في الريف، حيث يمتهنّ الفلاحة والرعي اللتين تعدّان مصدر قوتهم الوحيد، حيث لا شغل لهنّ بأمور السياسة والاقتصاد أو ما تقوم به السلطات المحلية. وبعد اعتلاء الجنرال أوغستو بينتوشيه سدّة الحكم تغيرّت حياة الشعب الشيلي ومنهن الأخوات كويسبي رأسا على عقب، لاسيما حينما سمعن خبر إصدار قانون يحظر الرعي بداعي حماية التربة والعشب، وهذا القانون التعسفي الذي أقرّه النظام الجديد نتجت عنه عواقب وخيمة، بالنسبة لمن يشتغلون في قطاع الفلاحة ورعي المواشي. وبخصوص "كويسبي" وهي عينّة لملايين الشيليين الرافضين لكذا قانون، فإنّ هذا الإجراء جعلهن يطرحن الكثير من الأسئلة حول حياتهن ومصير عملهم، فضلا عن معاناتهم مع قسوة الطبيعة الجبلية ما أضفى على القصة نوعا من التشويق الدرامي والتراجيدي في الوقت نفسه. حيث عالج سباستيان سيبولفيدا عديد القضايا المحملة بأسئلة شائكة ظلّت بدون إجابات، ما يفتح بابا حول الجدوى من إثارة كل هذه الإشكاليات التي اتخذها تحدّيا له، في وقت لم ينجح دائما في العثور على ردود شافية. القصة التي تناولها سيبولفيدا في أول فيلم طويل له، تحيلنا إلى الالتزام في السينما الذي عادة ما يتكرر في القصص الاجتماعية والسياسية المتعلقة بالإنسان قبل كل شيء، وهو ما يدفع المشاهد إلى البحث في موضوع المتورطين في التراجيديا التي عاشها الشيليون في شاكلة "الشقيقات كويسبي".
عرض الفيلم أول أمس، بقاعة الموڤار بالعاصمة الجزائر، في إطار الطبعة الخامسة لمهرجان الجزائر الدولي للسينما "أيام الفيلم الملتزم" الذي يسدل ستاره يوم غد.