ملأوا الدنيا صخبا وضجيجا عن الحرب على ايران.. إسرائيل تقوم بمناورات عسكرية تمهيدا لقصف مواقع ايرانية حساسة، وامريكا ترسل مدمراتها الى الخليج.. والاوروبيون يتوعدون ويهددون ويتخذون من الاجراءات العقابية ما يوحي بأن هناك هجوما وشيكا على ايران.. وايران تهدد وترسل رسائل بأن ضربات قاصمة ستتلقاها المدن الاسرائيلية.. هذا في حين تشن امريكا واسرائيل حملة دبلوماسية واسعة تروج لها وسائل الاعلام بأن هناك صفقات تسوية على المسار الفلسطيني والسوري واللبناني بمعنى اكثر تحديدا انهاء قضية الصراع العربي الاسرائيلي بتسوية شاملة.. ويتحدثون ان ذلك من شأنه فك الارتباط بين ايران من جهة، وحماس وسوريا وحزب الله اللبناني من جهة اخرى، ليسهل عزل ايران عند ضربها.. * * اين الحقيقة واين التضليل في هذه الحملات الدعائية الضخمة؟ هل سيضربون ايران؟ هل سيعقدون اتفاقيات تسوية بالمنطقة ينهون من خلالها الصراع العربي الاسرائيلي؟ ما هو المقصود الحقيقي من هذه الحملات؟ * ان تضرب امريكا او اسرائيل مواقع ايرانية فإن ذلك مرهون بمسألة أمنية استراتيجية فقط تكمن في توفير الاختراق الكافي للمؤسسة العسكرية والأمنية الإيرانية وتوفير معلومات كافية عن مرابض معظم الصواريخ الايرانية، حينذاك ستتعرض ايران لحملة عسكرية شبيهة بتلك التي شنها الأمريكان على العراق.. ولن تقدم امريكا او اسرائيل على ضربات موجعة لإيران فيما سلاحها الاستراتيجي في مأمن من الاختراق الأمني.. لذلك فستكون لحظة اطلاق اول صاروخ امريكي على ايران يعني بوضوح تدمير شامل لمعظم المجالات الحيوية بالبلاد وتدمير واسع لقواها العسكرية.. اذن فالموضوع لا يخضع لتهديدات علنية واعلامية، ففي اللحظة التي تستجمع الولاياتالمتحدة ما يكفي من اختراق امني ومعلوماتي ستضرب بلا انتظار. * الغائب المهم في هذه الأهزوجة الأمنية الصاخبة الحديث عماذا يجري بالعراق؟ فأمريكا بعد ان تورطت في حرب لايبدو انها ستنتهي غدا وتحس بحجم خسارتها المعنوية والسياسية والمالية والعسكرية وما كان لذلك من آثار واضحة على المجتمع الأمريكي وخياراته المستقبلية.. هنا المعضلة الأساسية امام امريكا وهنا يجب ان تبذل اجهزتها ما في وسعها لإنقاذ الموقف ولكن ليس كيفما اتفق.. فكانت الأهمية قصوى بمسألة الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها مع حكومة المالكي والتي تكفل وجود عشرات القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وتحكمها في كثير من المسائل السيادية بالبلد.. والواضح ان ايران هي البلد المجاور الوحيد الذي يرفض هذه الاتفاقية، بل ويحرك قوى داخليه حليفة لإفشال امكانية التوقيع عليها.. * ومن هنا بالضبط يأتي التهويش على ايران بحملة ترعيب اعلامي ضخم بقرب هجومات صاروخية عليها، وبإفشاء مناخ تخلي حلفاء ايران عنها في المنطقة العربية لكي تبحث ايران عن اقصر الطرق للخروج من الورطة بتعاونها مع امريكا في الملف العراقي.. لا ضرب لإيران ولا تسوية في المنطقة.