انتشرت في السنوات الأخيرة الحبوب المخدرة المعروفة ب"ترامادول" في قطاع غزة، بشكل كبير، بعد تهريبها من أنفاق رفح إلى القطاع، حتى أصبحت تهمة يحاكم عليها كل من يتاجر بها أو يتعاطاها، وفق القانون، بوصفها مادة مخدِّرة، ثم أصبح الحصول عليها أمراً في غاية الصعوبة، خصوصاً منذ بداية إغلاق الأنفاق التي تربط قطاع غزة بمصر، وإقامة منطقة عازلة. وفقاً لوكالة "سما"، قال الناطق باسم شرطة غزة، المقدم أيوب أبو شعر، في إحدى تصريحاته، عقب عمليات تدمير أنفاق غزة بواسطة الجيش المصري في سيناء: "إن تجارة وتعاطي المخدرات والعقارات والحبوب المهلوسة في قطاع غزة، شهدت انحسارا ملحوظا بعد هدم وإغلاق الجيش المصري للأنفاق المنتشرة، أسفل الحدود المصرية الفلسطينية، التي كانت تشكّل المصدر الأهم لتهريب المواد المخدرة". وتسبب إغلاق الأنفاق الحدودية في شح المواد المخدرة بجميع أنواعها، وارتفاع أسعار ما تبقى منها، أو ما يتم تهريبه بطريقة أو بأخرى، بنسبة تزيد على 50 %، حيث وصل سعر الحبة الواحدة إلي 20 شيكلاً أو أكثر، ما جعل المتعاطي كما يقال "يحرث الأرض" بحثاً عن بدائل لما يتركه "الترامادول" من أعراض إثر انقطاع المدمن عن تعاطيه. ولكن التجار والمدمنين وجدوا بديلاً اعتبروه الأقرب، هو حبوب "ليريكا Lyrica"، وخاصة أنه يباع في الصيدليات دون منعه، والغريب أن المدمنين يحصلون عليه بكل سهولة وبطرق قانونية لا غبار عليها، وهذا ما يضع فلسطينيي غزة أمام خطر أكبر يلوح بالأفق. أما عن الدواعي الطبية والاستخدامات لهذه الحبوب، فهو يوصف لعلاج الآلام الناتجة عن تلف الأعصاب، بسبب السكري أو عدوى القوباء المنطقية (الهريس النطاقي)، ويمكن أن تستخدم لعلاج الآلام العصبية، الناجمة عن إصابات الحبل الشوكي، وكذلك في علاج الأشخاص الذين يعانون من فيبروميالغيا. وقال مصدرٌ طبي "صيدلي" ل"زمن برس": "لقد أصبح يأتي إلينا شباب بأعداد كبيرة ليحصلوا على "ليريكا"، وهذا النوع من الحبوب تعتبر خطيرة للغاية، وتؤثر على الجسد والعقل في حالة الإدمان، وتترك آثاراً جانبية أسوأ بكثير من "الترامادول". وأضاف المصدر: "في أغلب صيدليات غزة، يتواجد هذا النوع من الحبوب، ومنه المحلي والأجنبي، ويعتبر سعره مرتفعاً نوعا ما، فالحبة الواحدة تباع ب5 إلى 10 شيكل تقريباً، وهو أقل من مفعول الترمادول بالنسبة لتهدئة الأعصاب، ولكن يفي بالغرض لدى المدمنين، واستطرد حديثه مستغرباً بأن "لاريكا" أصبح متوفرا بنسب عالية كشيء ملفت للنظر". وعن السر المخبأ خلف هذه الظاهرة لدى متعاطي تلك الحبوب، قال متعاط رفض ذكر اسمه، والبالغ من العمر 31 عاماً: "لا يمكنني أن أتخلي عن حبوب "ليريكا"، في ظل عدم توفر الترامادول وانقطاعه، فإن تركت تناول هذه الحبوب، سأهوى بحالة نفسية، وربما مرضية لا أعلم عقباها، مع العلم إني أعي جيدا ما حل بي من سوء في حياتي الاجتماعية، كذلك المادية، وعملي، حيث إنني أعمل في ورشة للخياطة بغزة، ولكن لا أستطيع قول ما أنا به، وهذه الحبوب وما يشبهها هو الملاذ الوحيد للهروب من الواقع الذي أعيشه" على حد تعبيره.