لا تزال العائلات المدانية تحافظ على عراقتها وأطباقها الخاصة والمميزة ويبدأ التحضير لهذا الشهر الفضيل منذ نصف الثاني من شهر شعبان، حيث تجري كل الاستعدادات لاستقبال هذا الشهر المعظم، فتبدأ العائلات بتنظيف المنازل وطلاء البيوت وغسل الأغطية والأفرشة واستخراج الأواني الخاصة بشهر رمضان من القدر والفخار والصينيات النحاسية، وقبل حلول الشهر تلتقي العائلات المدانية في ما يسمى بالشعبانية في نصف شهر شعبان للحديث أكثر عن شهر رمضان الكريم وتبادل كل المعلومات حول ما يجري في السوق والتحضير للتوابل الخاصة، إنما يفضل أغلب سكان المدية تحضيره في المنزل بدلا عن شرائه جاهزا وتناوله بالعسل أو مع الحليب الطازج أو اللبن. "المقطفة" عجينة أخرى تحضّر على شكل شعيرات رقيقة يتم تجفيفها لاستعمالها في الحساء كما يتم تجفيف الطماطم المستخدمة في تحضير الشوربة بدلا من الطماطم المعلبة، حيث يتم تقطيعها نصفين ثم رشها بالملح وتعريضها لأشعة الشمس الحارقة قبل وضعها في علب زجاجية لتحتفظ بكامل نكهتها، أنواع عديدة من المخللات مثل الزيتون بأنواعه والطماطم والفلفل والجزر والبسباس يتم تحضيرها أيضا في المنزل قبل فترة، بوضعها في الماء والخل وعديد الأعشاب العطرية، لتقدم على مائدة الإفطار كمقبّلات فاتحة للشهية طيلة أيّام الشهر الكريم. وفي أواخر أيّام شعبان، التي تشهد اكتمال كافة التحضيرات، تكتظ الحمّامات التركية بالنساء، وهو ما يسمى ب"حمّام شعبان"، وتقول أغلبهن إنّه لأجل الاسترخاء من تعب التحضيرات، ومن المعروف أن الحمام في هذه المنطقة، أحسن مكان للتعارف وخطبة الشابات، اعتادت العائلات في المدية على تحضير طبق "البغرير" (نوع من الخبز التقليدي المدهون بالزبدة والعسل) ليلة قبل حلول رمضان وتقول السيدة فاطمة من المدية "هي عادة قديمة ورثناها عن أجدادنا، فالكل يحضر طبق البغرير المعسل، استضافة للشهر الكريم وتفاؤلا بطعمه الحلو"، أما بخصوص الأطباق التي تزين المائدة "لمدانية" خلال الشهر الكريم فتشتمل على "الشوربة" أو أميرة الأكل كما يسمونها.