ككل منطقة من ربوع الجزائر تتميز ولاية المدية بعادات وميزات خاصة تستقبل بها الشهر الكريم لتحيي فيه مختلف القيم و الشعائر الدينية مت صيام وقيام وتراحم بجمع شمل الأقارب و الأحبة مع بعضهم البعض ولأحسن استقبال لأحسن الشهور أو كما يقول أهل المنطقة "رمضان ضيف علينا ننتظره بكل شوق... " اعتادت عائلات التيطري التحضير لهذه المناسبة قبل أيام من دخولها أي منذ شهر شعبان أين تعد العدة في كل بيت حيث تتأهب النسوة بكل نشاط تنظفن البيوت و تتفقدن ما يلزمها من أواني و معدات ثم تتوجهن إلى الأسواق لاقتناء مختلف الحوائج و لعل أهمها هو التوابل و العطور فلا يكاد أي بيت يستغني عنها خلال رمضان كيف لا و هي نكهته التي تنبعث من مختلف الأطباق التي تعد خلال هذا الشهر من وصفات الجدات التي مازالت تتناقلها النساء من جيل لجيل. ومن دون كل أو مل تدأب هؤلاء النسوة على إعداد بعض أنواع المعجنات مثل »الكسكسي«، وهو طبق السحور الذي تشترك فيه كل ولايات الجزائر، وإنما يفضل أغلب سكان المدية تحضيره في المنزل بدل شرائه جاهزا وتناوله بالعسل أو مع الحليب الطازج أو اللبن. »المقطفة« عجينة أخرى تحضّر على شكل شعيرات رقيقة يتم تجفيفها لاستعمالها في الحساء. كما يتم تجفيف الطماطم المستخدمة في تحضير الشوربة بدلا من الطماطم المعلبة، حيث يتم تقطيعها نصفين ثم رشها بالملح وتعريضها لأشعة الشمس الحارقة قبل وضعها في علب زجاجية لتحتفظ بكامل نكهتها. أنواع عديدة من المخللات مثل الزيتون بأنواعه والطماطم والفلفل والجزر والبسباس يتم تحضيرها أيضا في المنزل قبل فترة، بوضعها في الماء والخل وعديد الأعشاب العطرية، لتقدم على مائدة الإفطار كمقبّلات فاتحة للشهية طيلة أيّام الشهر الكريم هكذا تكون التحضيرات قد اكتملت و لم يبقى سوى طبق »البغرير« الذي يحضر في آخر ليلة من شعبان عادة قديمة للتفاؤل بحلاوة هذا الطبق ليكون كل رمضان أيامه حلوة. ليحل بذلك رمضان بعد شوق من انتظاره على أهل التيطري بكل فرح و سرور و بركة حيث يقول كبار السن هناك »رمضان يجلب معه البركة« وفعلا تنعكس هذه البركة على مختلف الموائد الرمضانية حيث تفتح البيوت للفقراء وعابري السبيل. طبق الشوربة على مدار الشهر أما مائدة أهل التيطري مزينة بمختلف الأطباق المتنوعة حسب كل موسم لكن يبقى طبق او حساء_الشوربة_ راسخا على مدار الشهر بتوابله المعروفة و نكهته اللذيذة إلى جانب البوراك و السلطة و طاجين الحلو هذا كما ان سكان المدية معتادون على استهلاك الكثير من أنواع الخضر واللحوم وهو ما ينعكس في أطباق خاصة مثل »طاجين اللسان« يحضر بلسان البقر والجزر والزيتون، »الزلوف« وهو رأس الخروف الذي يقطع ويغلى ثم يطهى مع الثوم والحمص والكثير من البقدونس، »العصبان« واحدة من أشهر وأشهى أكلات المنطقة، تصنع من أمعاء الخروف ويتم حشوها بالأرز والخضر واللحم، »الدولمة« خضر محشوة باللحم المفروم و هي أطباق و إن كانت متعبة في إعدادها إلا أنها شهية جدا و ما بعد الإفطار يفتح المجال للسهرة الرمضاني التي يفض العديد من أهل التيطري قضاء جزء منها في العبادات أين يتوجهون لمختلف المساجد لأداء صلاة التراويح و العشاء و الاستمتاع بحلقات الذكر لإحياء الشعائر الإسلامية ليجتمع بعد ذلك شمل العائلات من جديد لقضاء باقي وقت السهرة التي تدوم إلى غاية السحور وأهم ما يميزها تزاور الأهل و الجيران فيما بينهم لتبادل اطراف الحديث و السمر حول سنيوة الشاي والقهوة مع كل ما لذ وطاب من الحلويات على اختلافها »المحنشة«، »الصامصة«، »الزلابية«، »قلب اللوز«، وسط دفئ عائلي تنفرد به هذه الليالي عن غيرها أما ليلة السابع والعشرين من الشهر الكريم فيتعالى فيها الذِّكر من بيوت الله عزّ وجل عند ختم القرآن الكريم، كما تتعالى فيه زغاريد النسوة احتفالا بختان الصغار من الذكور . كما تحتفل العائلات بالصغار الذين يصومون لأول مرة، حيث يحضر لهم طبق الكسكسى بالعسل ليفطروا عليه وسط احتفالية خاصة ترسخ في أذهان هؤلاء الأطفال و يزيدون تعلقا بهذا الشهر الكريم هذا كما تعنى العائلات بمنتصف رمضان فيحتفلون به على طريقتهم بإقامة أطباق خاصة و إحياء ليلته في الذكر والصلاة الى جانب كل هذا يفضل العديد من سكان المدية الخروج ليلا للتنزه و الاستجمام فيتوجه الرجال الى المقاهي او لممارسة بعض الهوايات كلعب الكرة الحديدية أو الدومينو فيما يتوجه آخرون الى المتنزهات و المساحات الخضراء لتلتم مجددا العائلة بعد قضاء سهرتها حول مائدة السحور التي يطبعها غالبا طبق الكسكسي هكذا تكون أيام و ليالي رمضان في مدينة التيطري مليئة بالإيمان ومطبوعة بالعادات والتقاليد التي تبقى راسخة لدى أهلها بمرور الأيام.