دعا برلمانيون أمريكيون مجدداً، مساء الأربعاء، إلى إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا بعد عرض شريط مصور يظهر أطباء يحاولون إنقاذ أطفال إثر هجوم بغاز الكلور في هذا البلد وشهادات عدة. وقالت الطبيبة آني سبارو للبرلمانيين: "أنا طبيبة واعتدت مشاهد الموت. لكنني لم أر من قبل طريقة أكثر فظاعة للقتل إطلاقاً، ولم اشهد من قبل هذا القدر من المعاناة بمثل هذه الطريقة الفظيعة". وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الأربعاء، أنه تم التخلص من كامل نفايات الأسلحة الكيميائية السورية التي دمرت. غير أن الكلور لا يعتبر من المواد المحظورة إذ يعتبر مادة صناعية معدة بصورة عامة للاستخدامات التجارية والمنزلية مثل تنقية المياه مثلاً. وقال السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب التي شاهدت العرض أن "الحكومة السورية تستخدم غاز الكلور من دون أي محاسبة". ووجهت اتهامات إلى نظام الرئيس بشار الأسد بتنفيذ هجمات عدة بأسلحة كيميائية بواسطة مروحيات، أحدها في محافظة إدلب (شمال غرب) في مارس 2015. كما أفيد في الأشهر الأخيرة عن 45 هجوماً من هذا النوع. إلا أن النظام ينفي استخدامه الكلور. وروى الطبيب محمد تناري بمساعدة مترجم ما حصل ليلة 16 مارس حين ألقيت سلسلة من البراميل المتفجرة من مروحيات فوق مدينته سرمين في محافظة إدلب وانتشرت في الجو "رائحة تشبه سوائل التنظيف". وأضاف إن "عشرات الأشخاص كانوا يعانون صعوبات في التنفس وحروقا في العيون والحنجرة وإفرازات من الفم". وكان بين الضحايا ثلاثة أطفال هم عايشة (3 سنوات) وشقيقتها ساره (سنتان) وشقيقهما محمد البالغ من العمر عاماً واحداً. وروى تناري إنهم "كانوا شاحبين بشكل خطير عند وصولهم (إلى المشفى)، وهو مؤشر نقص حاد في الأكسجين والتعرض لمادة كيميائية". واضطر الأطباء لمعالجتهم وهم ممددون قرب جثة جدتهم التي قضت في الهجوم بالمادة السامة، إذ لم يعد هناك أسرة متوافرة. وقال بعد عرض الشريط المصور: "رغم إسراعنا في معالجتهم، لم نتمكن من إنقاذهم"، مشيراً إلى مقتل والديهم أيضاً. وأوضح أن قنبلة بالكلور سقطت داخل نظام التهوية في الملجأ الذي كانت العائلة مختبئة فيه فحولته إلى "ما يشبه غرفة غاز". وكان النظام تعرض لاتهامات باستخدام أسلحة كيميائية في ريف دمشق في أوت 2013، ما دفع واشنطن إلى التهديد بتنفيذ ضربات على دمشق. ووافقت الحكومة السورية على الأثر تحت ضغط هذا التهديد على التخلص من ترسانتها الكيميائية، الأمر الذي حصل بموجب خطة وضعتها المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية. وروت الطبيبة آني سبارو من كلية ايتشان للطب في نيويورك خلال جلسة البرلمان الأمريكي العمل ميدانياً في سوريا بصوت يرتجف من شدة التأثر. وقالت "من حق الأطفال السوريين والمدنيين السوريين أن يحظوا بحماية والولايات المتحدة قادرة على تأمينها". واستبعدت الإدارة الأمريكية مراراً إقامة حظر جوي فوق أجزاء من سوريا، مشيرة إلى أنه من الصعب للغاية تطبيقه. وردد المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي الأربعاء، أن الأمر غير مطروح. وقال كيربي "ليست هناك خطط لتطبيق أو الإشراف على منطقة حظر جوي فوق سوريا في ما يتعلق باستخدام هذه المواد الكيميائية. ما يجب أن يحصل هو أن يتوقف (الأسد) عن استخدامها". لكن سبارو، كما فورد وتناري، دافعت بقوة عن فكرة الحظر. وقالت "إن إقامة منطقة خالية من القصف ستعطل إحدى أهم الأدوات التي استخدمت لقتل المدنيين السوريين وإرهابهم، وخصوصاً الأطفال الذين هم الأكثر عرضة لهذه الغازات السامة والذين تمزقت أجسادهم الصغيرة حرفياً نتيجة المسامير الفظيعة التي تحتوي عليها هذه القنابل". وقال رئيس اللجنة الجمهوري ايد رويس إن "السياسة الأمريكية يجب أن تتغير"، مؤكداً أن مناطق الحظر الجوي "ستحرم الأسد من السيطرة على الأجواء". وأضاف رويس، إن "السوريين لن يكونوا بعدها مجبرين على الاختيار بين البقاء على الأرض حيث يمكن أن يقتلوا ببراميل يملاها الأسد بالمتفجرات أو الاحتماء تحت الأرض حيث يمكن أن يتعرضوا في شكل أكبر للتسمم بغاز الكلور". وخلصت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أن غاز الكلور استخدم مراراً وبشكل منهجي كسلاح كيميائي في سوريا من غير أن تلقي مسؤولية استخدامه على أي من النظام أو المعارضة المسلحة اللذين يتبادلان الاتهامات بهذا الصدد. وفي مارس، هدد مجلس الأمن الدولي باتخاذ تدابير في حال تكررت هذه الهجمات لكنه لا يزال منقسماً حول الجهة المسؤولة عنها. وتتهم واشنطن ولندن وباريس الحكومة السورية مستندة إلى شهادات ضحايا وأطباء ولأن الجيش السوري وحده يملك مروحيات لإلقاء الكلور على مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. لكن روسيا حليفة دمشق التي تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن تؤكد أن لا أدلة دامغة على مسؤولية نظام بشار الأسد في ذلك.