السؤال: هل يجوز لإمام أن يقول للمصلين: من لا يدفع الصدقات للمسجد، فما فائدة حضوره إلى الصلاة فيه؟ الجواب: الصدقات من النوافل وليست من الفرائض، والمطلوب من الإمام ترغيب الناس فيها وحثهم عليها كما كان يفعل إمام المرسلين عليه الصلاة والسلام، وأما إلزام الناس بها مثل الزكوات الواجبة فهذا من الخطأ، إذ كيف نوجب شيئا لم يوجبه الشرع، وقد جاء في كتاب الصدقة الذي يرويه أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلاَ يُعْطِ"، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ أحدا عن المسجد لبخله أو لتركه الصدقة، والمطلوب من المرشدين أن يرغبوا الناس في الخير بأحسن الطرق من غير عنف، وأن يدعوهم إلى البر والإحسان من غير إكراه، كما قال تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ".
السؤال: من أغمي عليه في رمضان، هل يقضي صومه؟ الجواب: الإغماء إما أن يحصل قبل الفجر أو بعده، فإن حصل قبل الفجر وأفاق منه قبل طلوعه فصيامه صحيح، وإن أفاق بعد الفجر بكثير لم يجزه بلا خلاف، وإن أفاق بعده بيسير لم يجزه على المشهور لانقطاع النية، ولا يؤمر بالإمساك بقية النهار وعليه القضاء، روى ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن الحسن البصري قال: "المُغْمَى عَلَيْهِ يَقْضِي الصِّيَامَ وَلاَ يَقْضِي الصَّلاَة، كَمَا أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ وَلاَ تَقْضِي الصَّلاَة"، أما من أغمي عليه خلال النهار وكان قد أتى بالنية قبل الفجر فلا يفسد صومه إذا استمر إغماؤه نصف اليوم أو أقل، وإن استغرق أكثر من ذلك قضى، وقد روى البيهقي في سننه عن نافع قال: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَصُومُ تَطَوُّعًا فَيُغْشَى عَلَيْهِ فَلاَ يُفْطِرُ"، قال الإمام البيهقي: "هذا يدل على أن الإغماء خلال الصوم لا يفسده". السؤال: نسمع أحيانا من بعض الأشخاص يقولون وخاصة في حالة الغضب: لست صائما، أو بطلت صيامي، فهل هذا يبطل صومه أولا؟ الجواب: من شروط النية استصحابها حكما من الفجر إلى الغروب، فلا يأتي بما ينافيها، فلو نوى الفطر، وهو صائم بطل صومه ولو لم يتناول شيئا من المفطرات لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى"، والشخص الذي يقول: لست صائما، أو يقول: بطلت صيامي، ننظر إلى قصده، فإن نوى إبطال صومه وعدم إتمامه فله ما نوى ويلزمه القضاء، وإن لم ينو البطلان صح صومه ولا يلزمه شيء. السؤال: سمعت الإمام في خطبة الجمعة يذكر أن العمرة في رمضان في مرتبة الحج، فهل يعني ذلك أنني إذا اعتمرت في رمضان لا يجب علي أن أحج بعد ذلك؟ الجواب: ما سمعته من الإمام صحيح، غير أن الاستنتاج الذي وصلت إليه مخطئ، فقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِى حَجَّةً، أَوْ حَجَّةً مَعِي"، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "تَقْضِى حَجَّةً، أَوْ حَجَّةً مَعِي"، أي تفي بحجة وتقوم مقامها في الأجر والثواب لبركة رمضان لا أنها تعدلها في كل شيء، ولذلك أجمع العلماء على أن من اعتمر في رمضان لا تجزئه عمرته عن حجة الإسلام الواجبة، والحديث يدل على فضل العمرة في رمضان، لأن الحسنات تضاعف فيه أضعافا مضاعفة حتى يحصل لمن اعتمر فيه ثواب حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى الطبري عن الإمام الشعبي قال: "كَانَ يُقَالُ: الْحَجُّ الأَصْغَرُ الْعُمْرَةُ فِي رَمَضَانَ"، وهذا الحديث نظير ما جاء عند الترمذي بسند حسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ"، أي في الأجر والثواب. السؤال: عندما أدخل إلى المسجد وأجد الناس قد صلوا العشاء وشرعوا في صلاة التراويح، فهل أدخل معهم مباشرة في التراويح أو أبدأ بالعشاء؟ الجواب: من دخل المسجد ووجد الناس يصلون التراويح فإنه يصلي العشاء وحده، ثم يدخل معهم، لأن الأصل في صلاة التراويح أن تكون بعد أداء صلاة العشاء كما ثبت في السنة المطهرة، ولأن النهي عن الصلاة في المسجد أثناء صلاة الجماعة في قوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ المَكْتُوبَةُ"، خاص بالمكتوبة أي الفريضة.