السؤال: لما كنت صغيرة وبلغت سن الرشد كنت أصوم في أيام الحيض ولا أقضي تلك الأيام لجهلي بالحكم الشرعي، ولم يخبرني أحد عن كيفية الصوم، وأنا اليوم بلغت الخمسين، فما هو العمل؟ هل علي قضاء تلك الأيام؟ وهل علي الكفارة أو الفدية؟ الجواب: من المفروض على الوالدين أن يعلموا أولادهم منذ الصغر أحكام العبادات وما يجب عليهم وما يحرم، وهذا امتثالا للأمر الرباني في القرآن الكريم في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ"، فاللوم على والديك وأهلك قبل أن يكون عليك، وما قمت به من الصيام خلال أيام الحيض ليس مشروعا ولا صحيحا بل هو منهي عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الحائض عن الصلاة والصيام وأمرها بقاء الصوم دون الصلاة، والواجب عليك الآن قضاء جميع أيام العادة الشهرية، ولا يشترط قضاؤها متتالية ولا مرتبة، ولا كفارة عليك، لأن الكفارة على من انتهك حرمة الشهر بالفطر، ولا فدية عليك لجهلك بأمر الصيام خلال الحيض وجهلك بوجوب القضاء.
السؤال:من أغمي عليه في رمضان هل يقضي صومه؟ الجواب: الإغماء إما أن يحصل قبل الفجر أو بعده، فإن حصل قبل الفجر وأفاق منه قبل طلوعه فصيامه صحيح، وإن أفاق بعد الفجر بكثير لم يجزه بلا خلاف، وإن أفاق بعده بيسير لم يجزه على المشهور لانقطاع النية، ولا يؤمر بالإمساك بقية النهار وعليه القضاء، روى ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح عن الحسن البصري قال: "المُغْمَى عَلَيْهِ يَقْضِي الصِّيَامَ وَلاَ يَقْضِي الصَّلاَة، كَمَا أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ وَلاَ تَقْضِي الصَّلاَة"، أما من أغمي عليه خلال النهار وكان قد أتى بالنية قبل الفجر فلا يفسد صومه إذا استمر إغماؤه نصف اليوم أو أقل، وإن استغرق أكثر من ذلك قضى، وقد روى البيهقي في سننه عن نافع قال: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَصُومُ تَطَوُّعًا فَيُغْشَى عَلَيْهِ فَلاَ يُفْطِرُ"، قال الإمام البيهقي: "هذا يدل على أن الإغماء خلال الصوم لا يفسده".
السؤال: أم زوجي أفطرت في رمضان بالجماع مع زوجها لما كانت صغيرة، وهي الآن تبلغ ثمانين سنة، وخائفة مما حصل لها من الفطر في رمضان، ماذا يمكن أن تفعل حتى يغفر الله لها؟ الجواب: الواجب على من انتهك حرمة رمضان أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه، لأن التوبة النصوح سبب في مغفرة الذنوب، والله تعالى يقوله في كتابه العزيز: "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا"، والواجب الثاني أن يقضي اليوم أو الأيام التي أفطر فيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي تعمد الفطر بالقضاء فقال له: "صُمْ يَوْمًا، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ"، والواجب الثالث المترتب على من انتهك حرمة الشهر أن يكفر عنه بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، وهذه الأنواع الثلاثة من الكفارة ليست على الترتيب، فيمكن أن يطعم ولو كان قادرا على الصيام، فبإمكان أم زوجتك أن تطعم ستين مسكينا وتبرأ ذمتها بذلك.
السؤال: هناك من قال لي: يجوز شرب الماء والمؤذن يؤذن لصلاة الفجر، فهل هذا صحيح؟. الجواب: إذا كان المؤذن ملتزما بالوقت عند طلوع الفجر ولا يقدم الأذان عن وقته وجب على كل من سمعه أن يمسك عن الأكل والشرب، لوجوب الإمساك بطلوع الفجر لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ"، ومن أكل أو شرب ولو شيئا قليلا فسد صومه ووجب عليه قضاء ذلك اليوم عند جماهير الأئمة من السلف والخلف، كما تجب عليه الكفارة إذا كان متعمدا غير متأول، ومعنى التأويل هنا أن يظن جواز ذلك لظاهر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلاَ يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَاجَتَهُ مِنْهُ"، وهذا الحديث إذا حملناه على ظاهره لكان معارضا لنص الآية وللأحاديث الآمرة بالإمساك بطلوع الفجر، ولذا فهو محمول على من تيقن أن المؤذن أخطأ وأذن قبل طلوع الفجر، ويؤيده حديث شَيْبَانَ رضي الله عنه "أَنَّهُ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعَ صَوْتَهُ فَقَالَ: أَبَا يَحْيَى، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَغَذَّى، فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ الصِّيَامَ، قَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، إِنَّ مُؤَذِّنَنَا فِي بَصَرِهِ سُوءٌ، أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ"، وبهذا تتفق الأخبار ولا تتعارض.
السؤال: وصلت إلى المسجد فوجدت المصلين أتموا صلاة العشاء وشرعوا في التراويح، فهل أدخل معهم في التراويح وأأخر العشاء، أو أصلي معهم بنية العشاء؟ الجواب: إذا دخلت المسجد ووجدت الناس يصلون التراويح فالمطلوب منك أن تصلي العشاء وحدك ثم تدخل معهم، لأن الأصل في صلاة التراويح أن تكون بعد أداء صلاة العشاء كما ثبت في السنة المطهرة، ولأن النهي عن الصلاة في المسجد أثناء صلاة الجماعة في قوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ المَكْتُوبَةُ"، خاص بالمكتوبة أي الفريضة، وما ذكرته في سؤالك أنك تصلي معهم بنية الفريضة فلا تصح بذلك الصلاة لاشتراط اتحاد نية المأموم والإمام.