تفجيرات الأربعاء/ صورة: الشروق رغم نداءات الرئيس إلى العناصر المسلحة، لوضع السلاح والتخلي عن النشاط الإرهابي، والإستسلام والتوبة، إنصياعا لإرادة الشعب وغفران الدولة، إلاّ أن * رغم نداءات الرئيس إلى العناصر المسلحة، لوضع السلاح والتخلي عن النشاط الإرهابي، والإستسلام والتوبة، إنصياعا لإرادة الشعب وغفران الدولة، إلاّ أن هؤلاء الإرهابيين و"المغرر بهم" والخارجين عن القانون، مازالوا يصرون على استباحة دماء الأبرياء والعزل، وقد اختاروا الآن أسلوب التفجيرات الانتحارية لإبادة المواطنين في مجازر جماعية وحشية تعكس دموية التنظيم الإرهابي. * بعد يسر، كانت البويرة، أمس هدف ما يسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، حيث سقط كالعادة ضحايا مدنيون في ثالث اعتداء انتحاري في أقل من 24 ساعة، ويرى مراقبون أن "تركيز" التنظيم المسلح على أسلوب الاعتداءات الانتحارية يستدعي المزيد من الحيطة والحذر من طرف المواطنين، ويتطلّب بالمقابل اجراءات "جديدة" وتدابير "بديلة" لمواجهة هذه الاستراتيجية "الدخيلة" على الجزائر والتي يبدو أنها برأي متابعين للوضع الأمني "مستوردة" من عند تنظيمات إرهابية خارجية معروفة بمثل هذا النوع من العمل الترهيبي. * المطلوب استراتيجية أمنية جديدة * "التراخي الأمني" الذي تحدث عنه في وقت سابق وزير الداخلية، يزيد زرهوني، وكذا المدير العام للأمن الوطني، العقيد علي تونسي، قد يكون برأي ملاحظين، في مرحلة سابقة، من بين أسباب "نجاح" الاعتداءات الارهابية، غير أن تشديد الإجراءات الاحترازية والوقائية، مباشرة بعد "ميلاد" التفجيرات الإنتحارية بالجزائر(11 أفريل 2007)، أزال مثل هذا "التراخي" الذي صنعه تراجع النشاط المسلح إثر دخول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية حيز التنفيذ في العام 2005، والاستقرار الأمني وتراجع العمليات الإجرامية خلال تلك الفترة. * وحتى إن كان خبراء في المجال الأمني، لا يخفون صعوبة مواجهة الإعتداءات الإنتحارية، إلاّ أنهم يؤكدون بأن تشديد الخناق على المعاقل الرئيسية للجماعات الإرهابية بالتمشيط والمطاردة ومواصلة تفكيك القواعد الخلفية المكلفة بالتموين والتمويل ورصد المعلومات، إلى جانب "تعاون" السكان ويقظتهم، بوسعه أن يصدّ الإرهابيين ويمنعهم من تنفيذ اعتداءات، أو على الأقل تحجيم الخسائر. * ويأتي تفجيرا البويرة ساعات قليلة فقط من التفجير الإنتحاري الذي استهدف الطلبة المرشحين للإلتحاق بسلك الدرك الوطني بالمدرسة العليا ليسر، وانطلاقا من هذه الجرائم تسجل أوساط مراقبة الملاحظات التالية: * أولا: تسريع وتيرة تنفيذ الإعتداءات (تيزي وزو، زموري، جيجل، سكيكدة، الأخضرية، يسر، البويرة)، يؤكد أن التنظيم الإرهابي يحاول تشكيل ضغط على قوات الأمن من خلال تشتيت انتشارهم وتركيزهم وبتخويف المواطنين واستهداف المدنيين مباشرة. * ثانيا: تحويل الاعتداءات الإجرامية من الوسط إلى الشرق، ثم إعادة نقلها إلى الوسط، يؤشر إلى "تنسيق" بين الإرهابيين لإيهام الرأي العام باتساع رقعة النشاط المسلح عن طريق التنافس في استهداف الأبرياء والعزل و"تنويع" الأهداف والضحايا والمواقع المستهدفة. * ثالثا: سقوط عشرات الضحايا من المدنيين، يكذّب إدعاءات التنظيم الإرهابي التي مفادها أنه يستهدف حصريا "رموز الدولة" والمؤسسات الأمنية والعسكرية، وهو بالتالي يبحث عن "أهداف سهلة" تفاديا للمواجهة المسلحة والملاحقة. *
* "القاعدة"، "الجماعة السلفية" والإنتحاريون * تؤكد جريمة أمس بالبويرة، كغيرها من الجرائم الأخرى، أن الإرهابيين لا يفرّقون بين الضحايا، هدفهم توقيع مجازر وحشية تستهدف بالدرجة الأولى جزائريين من مختلف الفئات والأعمار، تارة ب "تكفيرهم" وأحيانا أخرى بوصفهم بمختلف الأوصاف التي تحلب كلها في إناء معاداة الإرهاب ورفضه. * ويسجل مراقبون بصمات "الأيدي الأجنبية" في شكل ومضمون التفجيرات الإنتحارية الأخيرة، وهو ما كشفته عدة اعتداءات، تكشف لجوء "الجماعة السلفية" منذ مدة إلى استيراد أساليب "غريبة" وجديدة على تاريخ وكرونولوجيا التنظيمات الإرهابية في الجزائر، بداية من "الميا" و"الفيدا" مرورا بتنظيم "الجيا" و"الأياس" وصولا إلى "الجسدق" (الجماعة السلفية)-في بداياتها الأولى- ورغم أن الأسلوب الدموي هو ميزة مشتركة بين كل الجماعات المسلحة، إلا أن مراقبين يسجلون وصول الخيار الدموي إلى ذروته مع "الجيا" إلى غاية القضاء على عرّابها المدعو "عنتر زوابري"، وهو الطريق الذي عادت إليه منذ مدة "الجماعة السلفية" التي يتولى قيادتها المدعو "درودكال" عقب "انسحاب واستقالة" مؤسّسها المدعو "حسان حطاب" الذي وجه بعد اعتداء يسر رسالة إلى المسلحين يدعوهم فيها إلى وضع السلاح وإنقاذ حياتهم. * ويكون التنظيم المسلح يركّز حاليا على صدى إعلامي خارجي بتنفيذ اعتداءات استعراضية، خاصة في ظل فشل البحث عن "شرعية" بالإعلان عن الإلتحاق بتنظيم "القاعدة" التي قررت "الاستراحة" و"الهدنة" في ميادين حربها التقليدية (العراق، أفغانستان)، فيما مازالت "الجماعة السلفية" تستهدف الجزائريين بتفجيرات عشوائية بالشوارع والمساكن، يزعم الإرهابيون والإنتحاريون بأنها أهداف محدّدة بدقة، في وقت صرح فيه مسؤول عراقي، مؤخرا، بأن عناصر مسلحة من "القاعدة في بلاد الرافدين" فرّوا من الأراضي العراقية وتوجهوا نحو بعض البلدان منها الجزائر. التصريح الذي يعيد للأذهان "التحذير" الذي تحدث عنه في وقت سابق المالكي عندما قال بأنه وجهه إلى بعض الحكومات ومنها الحكومة الجزائرية، ينذر بتوجه إرهابيين من العراق نحوها قصد تنفيذ اعتداءات إرهابية!