طفت في السنوات الأخيرة، ظاهرة جديدة في الكتابة يتم توظيفها في الرسائل القصيرة على أجهزة الهاتف النقال، وهو ما جعلنا نكتشف لغة هجينة أو مشوهة، في ظل الخلط الموجود بين منطق الحروف اللاتينية والأرقام، وهو ما يمكن الوقوف عليه في الكلمات العربية التي تحافظ على روحها نسبيا، لكنها تفقد شكلها الجمالي مادام أنها تكتب بحروف لاتينية مصحوبة بأرقام تعوض الحرف أحيانا في تبليغ المعنى. إذا كان الجدل الذي أثير مؤخرا حول اللغة العامية قد طوي ولو مؤقتا بعد تدخل رئيس الحكومة، والذي وصف فكرة الدعوة إلى استخدام اللغة العامية في التدريس خلال السنة الأولى ابتدائي على أنها مجرد مقترح فقط، إلا أن الذي يثير الكثير من التخوف والتساؤلات هو وضعية الجيل الجديد الذي أصبح يميل إلى تبليغ المعنى بكلمات تدون بحروف لاتينية وأرقام تنوب عن الحروف، بلغة اصطلح إليها البعض باللغة الموازية، وهي لغة لا تؤمن بالقواعد النحوية أو التركيبية بقدر ما تسعى إلى تبليغ المعنى حتى لو تطلب ذلك تهديم أو تشويه المبنى. يرى الكثير بأن فتح مجال النقاش حول واقع اللغة الموازية التي تكتب بها اللغة العربية في نطاق معين يعيدنا إلى نهاية القرن ال 19 الذي عرف ظاهرة الدعوة إلى ترك الإعراب بحجة أن اللهجات العامية لا تراعي قواعد الإعراب أو علاماته، مبررين ذلك أن الإعراب الصرفي لا يفيد في التمييز مثلا بين الفاعل والمفعول، بقدر ما يتم الاعتماد على تركيب وترتيب الكلمات في الجملة وعلاقتها ببعضها البعض، ودارت مناقشات حادة بين أنصار العامية والفصحى حول ظاهرة الإعراب في اللغة العربية، هل هي ظاهرة أصيلة أم مصطنعة، حتى إن بعض العلماء يرى أن الإعراب مجرد ظاهرة صوتية وليست نحوية اقتضاها انسجام الكلام ومواءمته صوتيا، أي أن الإعراب في رأي هؤلاء لم يأت للتمييز بين الفاعل والمفعول، وإنما أتى لأن موسيقى الكلام وانسجامه الصوتي يقتضيان هذا الإعراب، وهو ما جعل البعض يرى أن هذه الخطوات تصب في التقليل من شأن ومبادئ اللغة العربية الفصحى ومحاولة صريحة لضربها في الصميم. الواضح أن اللغة الموازية أصبحت تفرض نفسها بشكل واضح في مواقع التواصل الاجتماعي وتكنولوجيات الاتصال، وهي لغة تكتب بغير حروفها الأصلية، وسرعان ما تعّود عليها الكثير دون أن يكلّفوا أنفسهم مشقة الكتابة بالحروف العربية، ودون احترام خصوصياتها التي يفترض عدم التساهل فيها، وهو ما جعل الكثير يؤكد أنه إذا تواصل الأمر على هذا الحال لا يمكن أن نحاسب أحدا عن الأخطاء النحوية واللغوية الفادحة، مادام أن مبرر البعض هو إيصال المعنى على حساب جمالية اللغة والمبنى، ومن غير المستبعد أن يصل الأمر بنا إلى نسيان الحروف العربية، وحينها قد نضطر إلى تعلم لغة القرآن بالحروف اللاتينية.