ما أقدمت عليه مطبعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، منذ ثلاث سنوات عندما بعثت أول مصحف كامل بالأمازيغية حسب قراءة ورش في حلة جديدة وجميلة، وجد صداه لدى الحجاج الجزائريين خاصة القادمين من منطقة القبائل، وكان مجمع الملك فهد سبق له منذ حوالي خمس سنوات، وأن قدم جزء "عم" بالأمازيغية. وبعد أن استجمع علماء وعارفين ومدققين في الأمازيغية من المغرب العربي وبالاستعانة بالشيخ سي حاج محند محند طيب الجزائري ابن تيزي وزو، الذي تنقل عام 2011 إلى المملكة العربية السعودية وبقي قرابة الشهر في تلاوة القرآن وتقديم الترجمة، تم تحويل عمله إلى مخبر خاص لأجل التصحيح والتمحيص الدقيق، ووضعت الترجمة أمام لجنتين، قامت الأولى بتقديم اقتراحات خاصة في محاولة لأن تكون الأمازيغية المستعملة جامعة وليست مفرقة ما بين منطقة وأخرى، وهو ما استحسنه كل الناطقين بالأمازيغية بمختلف لهجاتها في الجزائر والمغرب العربي، ليُقرر المجمع إلحاق المصحف المترجم للأمازيغية إلى قرابة سبعين لغة تُرجم إليها المصحف الشريف. ورغم تأخر التفكير في المصحف بالأمازيغية إلا أن النُسخ التي ظهرت، بدت في حلة راقية إضافة إلى العمل الدقيق الذي قام به مركز الترجمات في المجمع، كما قام المجمّع بتسجيل عبر أقراص مضغوطة القرآن الكريم تلاوة باللغة العربية، وشرحا دقيقا لمعاني القرآن بالأمازيغية بالاستعانة أيضا بالشيخ محند، وهو الشيخ الفاضل الذي قدمته الشروق اليومي في بورتريه في رمضان 2015 على صفحاتها، الذي أفنى من عمره أكثر من خمس سنوات في الترجمة وقرابة الثلاث سنوات في التصحيح، رغم أنه كان قد حفظ القرآن الكريم في صغره باللغة العربية، ولم يكن يدرك معانيه، وهو الذي قرر منذ أن بلغ تقاعده من التعليم منذ ثمانية عشرة سنة على أن يعيش للقرآن الكريم ولأهالي منطقته الذين لا يفهمون كتاب الله، وبالرغم من وجود مصاحف مترجمة بالأمازيغية في الجزائر. إلا أن فرحة الحاج أو المعتمر القبائلي صارت كبيرة، وهو يعود من البقاع المقدسة وفي حقيبته مصحف بالأمازيغية، مع الإشارة إلى أن مجمع الملك فهد الذي يُشغل حاليا 1900 موظف، من بينهم ثمان مئة مراقب، قدموا المصحف بمختلف اللغات واللهجات وصارت معانيه في متناول أي إنسان في المعمورة، مهما كان لون لسانه أو بشرته أو اتجاهه، بدليل أن المعتمرين والحجاج صاروا يشكلون فسيفساء مذهلة تقدم للعالم صورة ناصعة وخالدة عن الدين الحنيف وعن خلود القرآن الكريم الذي هو في متناول الناس في كل القارات وفي كل الأزمان من عرب وعجم، يقرأون آياته الكريمة كما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، باللغة العربية ويفهمون معانيه ببقية لغات الدنيا، فيجدون أنفسهم مُوحّدين في صف واحد وزمن واحد ومكان واحد بصلاة وكلام واحد بالرغم من اختلافهم لسانا.